إيران بين صحة المرشد وصحة النظام

إيران بين صحة المرشد وصحة النظام

المغرب اليوم -

إيران بين صحة المرشد وصحة النظام

بقلم : مصطفى فحص

تداعيات قراءة خاطئة لن يكون من السهل استيعاب كلفتها٬ يلجأ النظام الإيراني للمناورة الدبلوماسية بين صعوبة القراءة الدقيقة للموقف الأميركي٬ والتزام الحذر تجنباً مجددا بهدف اختبار نوايا واشنطن أو ج ّس نبضها٬ ففي ظروف استثنائية غير اعتيادية تمر بها المنطقة والعالم٬ وقبيل انطلاق معركة الانتخابات الرئاسية المصيرية التي ستؤثر نتائجها حتماً على مستقبل النظام وشكله ومدى تماسكه٬ لم تتردد طهران بإرسال إشارات إيجابية تجاه أكثر الإدارات الأميركية إجماعاً ضدها وحدة أيضا في مواقفها من سياسات طهران الداخلية والخارجية٬ فمنذ تولي دونالد ترمب السلطة تستخدم واشنطن لغة شبه موحدة تجاه كافة أطراف السلطة في إيران٬ حيث لا تفرق فيها بين محافظ أو إصلاحي أو معتدل٬ ضاربة عرض الحائط بكل ما روجت له إدارة باراك أوباما عن أن الحوار الإيجابي مع المعتدلين في السلطة يضعف مواقف المتشددين٬ وهو المنطق الذي ترفض الإدارة الجديدة تبنيه٬ والتي تعتبر تصرفات طهران بعد توقيع الاتفاق النووي لا تساعد على إعادة بناء الثقة بينها وبين العالم.

ففي مواجهة إدارة أميركية جديدة لم تتردد في استخدام التوماهوك لمعاقبة الأسد٬ وفتحت مرحلة جديدة في الحرب على «داعش» وأخواتها بعد استخدام «أم القنابل» في أفغانستان٬ وقامت بنشر جزء من أسطولها العسكري مع 3 حاملات طائرات أمام سواحل كوريا الشمالية؛ يمكن اعتبار رسالة طهران إلى إدارة ترمب حول صحة المرشد الإيراني السيد علي خامنئي مغامرة جريئة من قبل صناع القرار الإيراني٬ الذين يدركون أكثر من أي أحد آخر حجم المأزق الذي وصل إليه النظام٬ ويعرفون تماما الكلفة العالية لبقائه٬ لذلك كان خيارهم الاعتراف للخصم بعللهم٬ لعل لعبة التوازنات الإقليمية والدولية التي تشتهر واشنطن في ممارستها تحولها إلى حكم يرغب في فرض شروطه بأقل كلفة٬ فيما ترغب طهران حاليا في تجنب ما هو أسوأ.

فقد كشف الرئيس الإيراني الأسبق أبو الحسن بني صدر لوسائل إعلام إيرانية معارضة عن مضمون رسالة سرية إيرانية وصلت إلى البيت الأبيض٬ تضمنت عرضاً للرئيس الأميركي دونالد ترمب بالمقايضة بين التخفيف من وطأة العقوبات على طهران٬ مقابل أن تختار المؤسسة الدينية الحاكمة خليفة معتدلا لخامنئي يلعب دورا إيرانياً

مماثلا للدور الذي يلعبه الإمام السيستاني في العراق٬ وهي ما يمكن اعتبارها نقطة جوهرية في مضمون العرض٬ والتي يمكن أن تحمل تأويلين٬ الأول يتعلق بطبيعة العلاقة بين طهران والوجود الأميركي في المنطقة والتلويح بتبني موقف الإمام السيستاني الذي يتهمه بعض القيادات الإيرانية بأنه دعا العراقيين إلى تجنب مواجهة الأميركيين بعد 2003 بعكس المرشد الإيراني الذي يدعو إلى طرد الأميركيين من العراق والمنطقة٬ أما الثاني فله دلالات إيرانية داخلية حول طبيعة النظام ما بعد السيد خامنئي٬ حيث من المعروف أن المرجعية الشيعية في النجف ترفض التدخل المباشر بالسلطة٬ ما يعتبر نقيضا كاملا لدور المرشد في إيران بصفته الولي الفقيه الذي يتمتع بصلاحيات سياسية كاملة٬ وهو ما يمكن تفسيره بأن نظام طهران يعي جيدا الصعوبة التي تواجهه في اختيار مرشد جديد قوي يتمتع بالشرعية التي كان يتمتع بها بعد رحيل الرئيس الشيخ رفسنجاني٬ ورفض

خامنئي٬ كونه جزءا من ذاكرة الثورة والدولة٬ وهي صفات لم تعد متوفرة بأي مرشح لخلافته من داخل معسكره٬ خصوصاً المؤسسة الراديكالية وصول شخصيات مثل السيد خاتمي أو الرئيس روحاني لموقع المرشد٬ كما أن أي مرشد جديد يحتاج إلى عملية إعداد وتعويم ستستغرق وقتا طويلا٬ فيما الطبقة الحاكمة في صراع مع الوقت من أجل حماية امتيازاتها والحفاظ على سلطتها ما بعد الخامنئي.

وعليه٬ بات من الضروري التعامل مع ترشح رجل الدين المتشدد المقرب من خامنئي والحرس الثوري السيد إبراهيم رئيسي لرئاسة الجمهورية كوسيلة لخروج النظام من مأزقين٬ الأول انتكاسة المرشد الصحية٬ وعدم جهوزية البديل لمواجهة رئيس جمهورية بحجم حسن روحاني٬ وأما الثاني فمأزق النظام الذي يشعر بعض أركانه بترهله وانتهاء صلاحيته لحكم إيران٬ وهي الإشارة التي التقطها الرئيس السابق أحمدي نجاد٬ الذي لم يصغ لنصائح المرشد وقام بترشيح نفسه ليزيد من حجم التباينات داخل المعسكر المحافظ الذي بات أمام معضلتين٬ الأولى غياب الشرعية الشعبية التي تؤمنها الكتلة المؤيدة للسيد علي خامنئي والتي تشكل قرابة 30 في المائة من المجتمع الإيراني بحال وفاته المفاجئة٬ والثانية عدم تقديم شخصية مقنعة قادرة على استقطاب شرائح واسعة من الشارع الإيراني٬ الذي لم يعد ممكنا الانتصار عليه إلا بالتزوير الذي لو حصل فسيأخذ إيران هذه المرة إلى المجهول

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران بين صحة المرشد وصحة النظام إيران بين صحة المرشد وصحة النظام



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 11:49 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

قاليباف... عن ثنائية الكيان والصيغة في لبنان

GMT 17:50 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

ذاكرة لأسفارنا الأليمة

GMT 18:41 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

إيران... بين الثابت والمتحول داخلياً وخارجياً

GMT 17:46 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

طهران ــ تل أبيب... مسار التصعيد

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 15:56 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
المغرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 03:18 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق
المغرب اليوم - أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق

GMT 17:41 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 18:27 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميداليتان للجزائر في الدورة المفتوحة للجيدو في دكار

GMT 17:40 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم ليفربول يشعل مواقع التواصل بمبادرة "غريزية" غير مسبوقة

GMT 14:14 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

متزوجة تعتدي على فتاة في مراكش بسبب سائح خليجي

GMT 10:41 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

عروض فرقة الفلامنكو الأندلسية على مسرح دونيم الفرنسي

GMT 16:22 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

جدول أعمال مجلس الحكومة المغربية في 25 كانون الثاني

GMT 16:46 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

سقوط بالون طائر يحمل عددًا من السائحين في الأقصر

GMT 00:22 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

نيرمين الفقي تكشف سبب مشاركتها في مسلسل "أبوالعروسة"

GMT 02:12 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الدولار الأميركي الثلاثاء

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 13:54 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

بيتزا بيتي محشية الأطراف

GMT 19:50 2015 الأربعاء ,04 آذار/ مارس

10 أشياء غريبة يحبها الرجل في المرأة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib