أسلوب الحكومة في الهروب إلى الأمام سيكون وبالا على المغرب
أخر الأخبار

أسلوب الحكومة في الهروب إلى الأمام سيكون وبالا على المغرب

المغرب اليوم -

أسلوب الحكومة في الهروب إلى الأمام سيكون وبالا على المغرب

احمد عصيد

ثمة خاصية برزت بشكل واضح وملموس خلال العامين الأخيرين، في سلوكات الزعماء الإسلاميين الذين يتولون مسؤوليات حكومية، والمتمثلة في أسلوب الهروب إلى الأمام ورفض الحوار الحقيقي والمنتج واعتبار النقد والاحتجاج مؤامرة تحركها "الفلول" وعداء للإصلاح والتغيير، والتظاهر بـ"شراكة" كاذبة يتم فيها تقريب الأتباع وتفضيلهم، والتعامل مع الأطراف المعارضة بصلف وعنجهية تصل أحيانا درجة الوقاحة، حيث يصر الطرف الإسلامي على أنه على حق، وأن ما يطالب به غيره من إصلاح أو تصحيح للمسار أو تراجع عن الأخطاء أمر مرفوض، مما يحمل هؤلاء الإسلاميين على المضي في تنفيذ مخططاتهم غير آبهين بالمعارضات التي تتزايد من حولهم بسبب الظواهر الماسة بالكرامة أو المعيقة للتطور الديمقراطي، أو المهددة للسلم الاجتماعي.
ووراء هذا الأسلوب المتهور في تدبير الشأن العام تكمن فكرة "تمثيل الشعب"، حيث يعتقد الإسلاميون الذين يرأسون الحكومات أن لديهم تفويضا من الشعب باتخاذ القرارات الحازمة دون تخوف من انقلاب الشارع عليهم، إذ يظنون أنهم نتاج حركة الشارع وأنهم جاؤوا إلى الحكم عبر "الثورة" أو صناديق الاقتراع، دون أن ينتبهوا إلى أن الانتخابات لا تعني الاستفراد بالقرار والاستيلاء على الدولة ومعاملة المعارضة باحتقار. ويلجئون في ذلك إلى الخطابة والمزايدة والتصريحات التهديدية، دون أن يقدموا أية حجة منطقية أو واقعية على وجاهة اختياراتهم.
أدى هذا الأسلوب في مصر إلى احتقان الأوضاع وقلب الطاولة على محمد مرسي الذي لم يوفق في أن يكون أكثر من رئيس لجماعته، كما أدى إلى عودة الناس ليدخلوا أفواجا تحت وصاية العسكر بعد أن كادت الثورة أن تحررهم.
وهو نفسه الخطأ الذي وقع فيه إسلاميو النهضة في تونس حتى أن رئيس الدولة نفسه أعلن في افتتاح مؤتمر حزبه بأن حزب النهضة لا يشارك في الحكومة بل "يسعى إلى الاستيلاء على الدولة"، وقد أدى انعدام الحكمة والتبصر وواجب الاستماع إلى المعارضة إلى تواطؤ النهضة مع السلفيين المتطرفين عندما قوي شغبهم على الناس وتزايد عبثهم واشتدّ ضررهم بالمؤسسات، مما أدى إلى استفحال الأوضاع بعد اغتيال زعماء سياسيين ونقابيين، وفقد حزب النهضة موقعه في الحكومة أمام طوفان الاحتجاج، ووجد نفسه في وضعية هشة أثناء وضع الدستور، الذي جاء لصالح القوى العلمانية.
في تركيا حاول أردوغان المس ببعض رموز علمانية الدولة، مستهينا بكل الانتقادات، معقبا على معارضيه بالتهديد والاستقواء بأغلبيته في الحكومة والبرلمان، فخرج الناس إلى الشارع بكثافة مصممين على حماية ما يجمع تركيا الحديثة ويحافظ على وحدتها، مما أدى إلى تراجع رئيس الحكومة عن مخططه خشية وقوع الأسوأ.
في المغرب يختلف الوضع عن تونس ومصر وتركيا، فالحزب الإسلامي ليس بنفس قوة الإخوان أو النهضة أو الحزب التركي، بل هو خاضع لموازين قوى تجعله أقل وزنا وتأثيرا، ورغم ذلك نجده يعتمد نفس أسلوب الإسلاميين في الاستهانة بالنقد والمعارضة، والتشدق بـ"شعبية" لا تعني أكثر من أغلبية انتخابية ضئيلة.
يعتقد رئيس الحكومة أن الاحتجاجات القطاعية ضد حكومته مجرد شغب لبعض الأقليات المتفرقة، ولهذا لا يأبه لمطالبها، لكن الأقليات تمثل عند اجتماعها الأغلبية الحقيقية، التي ترى بأن أسلوب تدبير حكومة بنكيران لا يرقى إلى مستوى انتظارات المرحلة.
لا يكتفي السيد بنكيران باحتقار معارضيه، بل يعد أتباعه بالفوز في الانتخابات القادمة، وهو أمر لا شك فيه، ونهنئ عليه الرجل مسبقا، فتزايد السخط العام سيجعل الأغلبية الساحقة خارج لعبة الانتخابات التي لا تغير شيئا من واقع الناس، والنتيجة كالعادة فوز الأقلية المنظمة، في انتخابات بدون شرعية حقيقية. لكن ليس أمرا حتميا أن تستمر اللعبة على هذا الشكل، إذ لا شيء يضمن بقاء الأغلبية الساخطة خارج اللعبة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسلوب الحكومة في الهروب إلى الأمام سيكون وبالا على المغرب أسلوب الحكومة في الهروب إلى الأمام سيكون وبالا على المغرب



GMT 20:18 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 20:14 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 20:08 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ترمب وإحياء مبدأ مونرو ثانية

GMT 20:06 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 20:04 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 20:01 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

GMT 19:59 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

في انتظار ترمب!

GMT 19:54 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة ساركوزي!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 21:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

فالنسيا يقيل مدربه باراخا بعد التراجع للمركز قبل الأخير

GMT 11:01 2019 الأحد ,21 إبريل / نيسان

اكتنز ثواب وفضل ليلة النصف من شهر شعبان

GMT 20:16 2019 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الهدف الأول لليفربول عن طريق ساديو مانيه

GMT 12:05 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

"ديور" تطلق مجموعة جديدة ومميزة من الساعات

GMT 00:12 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

إنتر يواصل ملاحقة الصدارة بثنائية في كومو

GMT 23:47 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

نيكولاس غونزاليس سعيد باللعب في غير مركزه مع يوفنتوس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib