لبنان على كفّ عفريت والعونيون يتلّهون بأزمتهم

لبنان على كفّ عفريت.. و"العونيون" يتلّهون بأزمتهم!

المغرب اليوم -

لبنان على كفّ عفريت والعونيون يتلّهون بأزمتهم

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

 

سيدفع المسيحيون غاليا ثمن الغطاء المسيحي الذي وفّره ميشال عون وصهره لسلاح حزب الله الميليشيوي المذهبي المسخر في خدمة المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة.فيما مستقبل لبنان على كف عفريت بعد ما ربط الحاكم الفعلي للبلد، أي "حزب الله"، مصير لبنان بحرب غزّة، يجد بعض اللبنانيين، من المسيحيين خصوصا، ما يتلهون به. يجد هؤلاء على سبيل المثال الأزمة الداخلية لـ"التيار العوني" كي لا يفكّروا في أي خطوة تستهدف إخراج البلد من أزمة مصيرية. يتحمّل جزء من المسؤولية ما ارتكبه الرئيس السابق للجمهوريّة ميشال عون وصهره جبران باسيل رئيس ما يسمّى "التيار العوني" عمّا حل بلبنان. عمل الإثنان منذ ثمانية عشر عاما على توفير تغطية مسيحيّة مصطنعة لسلاح "حزب الله" الذي ليس سوى سلاح في خدمة المشروع التوسعي الإيراني أكان ذلك في لبنان أو سوريا أو العراق... وصولا إلى اليمن.

في الواقع، ليس هناك أسوأ من "العونيين"، الذين طردوا أخيرا من "التيار" أو استقالوا من هيكله التنظيمي، غير الذين بقوا فيه. وليس أسوأ من الذين بقوا في "التيار" سوى "العونيين" الذين خرجوا منه. يعبر كلّ "عوني" أكان لا يزال في "التيار" أو خارجه عن حالة مرضيّة ذات طابع مسيحي بدائي وعن جهل في السياسة وفي ما بنيت عليه صيغة العيش المشترك بين اللبنانيين.

نجح ميشال عون في مهمّة الإنتهاء من الثقل السياسي للوجود المسيحي في لبنان إلى حد كبير بعدما اعتبر أن الوصول إلى موقع رئيس الجمهوريّة اللبنانية عن طريق "حزب الله"، أي عن طريق "الجمهوريّة الإسلاميّة" في إيران، مجرّد نزهة مجانية. اعتقد أنّ في استطاعته إستخدام الحزب لتنفيذ أغراضه. لم يدرك أن الحزب، الذي أسسته "الجمهوريّة الإسلاميّة" في لبنان، يحتاج إلى ألف ميشال عون يستهلكهم الواحد تلو الآخر من أجل تنفيذ سياسة تصبّ في سياق إنجاح المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة... على حساب كلّ ما هو عربيّ فيها.

لم يستوعب ميشال عون، الذي بات يعمل عبر صهره جبران باسيل منذ عودته إلى لبنان على دمّ رفيق الحريري، طبيعة العلاقة العضوية بين "حزب الله" وإيران. لم يدرك حجم الثمن الذي سيتوجب عليه دفعه في مقابل الوصول إلى قصر بعبدا... عبر أداة إيرانيّة.

ليس ما يعبّر عن الإفلاس "العوني" في الوقت الحاضر أكثر من ذلك الإنفجار الذي حصل داخل "التيار" بمجرد أنّه لم يعد لديه مناصب وامتيازات يوزعها على المنتمين إليه، بما في ذلك مناصب وزارية أختار من أجل ملئها أسوأ أنواع البشر من الذين لا يمتلكون أي كفاءة من أي نوع. لا يدلّ على ذلك أكثر من النتيجة التي اسفرت عنها عملية وضع اليد التي قام بها جبران باسيل على وزارة الطاقة بغطاء من "حزب الله". يعاني البلد في أيامنا هذه من عتمة شاملة في ضوء الفشل الكهربائي لجبران باسيل الذي تبيّن أنّه قادر على كلّ شيء باستثناء تنفيذ خطة تعيد الكهرباء إلى البلد. فشل جبران باسيل على الرغم من أن العروض التي قُدّمت إليه كثيرة، من بينها العرض الكويتي وعرض "سيمينز" الذي حملته إلى بيروت المستشارة الألمانية السابقة انجيلا ميركل قبل سبع سنوات بالتمام والكمال.

لم يعد في استطاعة "حزب الله" تغطية الفشل "العوني" كما فعل في الماضي. من الواضح أنّ الحزب الذي ليس سوى لواء في "الحرس الثوري" الإيراني لم يعد في حاجة إلى غطاء مسيحي لسلاحه. لم يطلب الحزب غطاء أو إذنا من أحد، في لبنان، من أجل دخول حرب ذات نتائج كارثيّة مع إسرائيل من دون أن يكون لهذه الحرب أي تأثير من أي نوع على الوحشية التي تمارسها الدولة العبريّة في غزّة. صحيح أن إسرائيل تعاني من تهجير نحو ستين الفا من مواطنيها من المستوطنات المقامة على طول الحدود مع لبنان، لكنّ الصحيح أيضا أن عدد القرى والبلدات المدمرة تدميرا كاملا في جنوب لبنان كبير جدا. الأهم من ذلك أنّ عدد النازحين من بيوتهم في جنوب لبنان يزيد على مئة الف مواطن.

الآن استفاق ميشال عون على أن دخول لبنان حرب غزّة كان قرارا خاطئا. لماذا لم ينبس ببنت شفة عندما افتعل "حزب الله" حرب صيف العام 2006؟

الأهمّ من ذلك كلّه أنّ الكارثة الحقيقية التي تسبب بها ميشال عون كارثة متعلقة بالوجود المسيحي في لبنان. أي مستقبل لهذا الوجود متى ستضع حرب غزّة أوزارها ومتى ستقرّر إسرائيل ما الذي عليها عمله مع الصواريخ والمسيرات والمدافع التي في حوزة "حزب الله" في لبنان؟

سيدفع المسيحيون غاليا ثمن الغطاء المسيحي الذي وفّره ميشال عون وصهره لسلاح ميليشيوي مذهبي في خدمة المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة. سيكون اللبنانيون جميعا الخاسر الأكبر من حرب تشنها إسرائيل على لبنان نظرا إلى أن مثل هذه الحرب ستدمّر ما بقي من بنية تحتية في البلد. إلى ذلك، سيكون المسيحيون الخاسر الأكبر في حال حصول تسوية بين إسرائيل وإيران، برعاية أميركيّة، ينسحب بموجبها "حزب الله" بسلاحه من جنوب لبنان. ستعنى هذه التسوية بكل بساطة توفير مبرّر لإستيلاء "حزب الله" على البلد ووضع يده عليه بطريقة شرعيّة بمؤتمر تأسيسي أو من دون هذا المؤتمر.

سيكون ذلك على حساب المسيحيين أوّلا الذين سيتحولون إلى ذمّيين بفضل كلّ تلك الخدمات التي قدّمها ميشال عون وصهره إلى إيران منذ توقيع إتفاق مار مخايل في السادس من شباط – فبراير قبل ثمانية عشر عاما... وصولا إلى رفض ميشال عون عندما كان رئيسا للجمهوريّة أي تحقيق دولي في تفجير مرفأ بيروت. قطع من كان رئيسا للجمهورية، وقت حصول تفجير مرفأ بيروت قبل اربع سنوات، الطريق على معرفة الحقيقة من أجل بقاء "حزب الله" خارج صورة التفجير الذي قضى على جزء من بيروت وعلى مناطق مسيحية على وجه الخصوص!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان على كفّ عفريت والعونيون يتلّهون بأزمتهم لبنان على كفّ عفريت والعونيون يتلّهون بأزمتهم



GMT 18:56 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 18:54 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 18:51 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 18:49 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 18:47 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 18:44 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 18:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

أميركا والفضائيون... أسرار الصمت المدوي

GMT 18:38 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 15:47 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل
المغرب اليوم - منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل

GMT 16:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجات لم يشفع لها الذكاء الاصطناعي في 2024

GMT 08:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الطقس و الحالة الجوية في تيفلت

GMT 00:40 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

حطب التدفئة يُسبب كارثة لأستاذين في أزيلال

GMT 05:45 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

بنغلاديش تعتزم إعادة 100 ألف مسلم روهينغي إلى ميانمار

GMT 07:34 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

نادال يُنهي 2017 في صدارة تصنيف لاعبي التنس المحترفين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib