حرب غزة في مرحلة الحرب الإيرانيّة  الإسرائيليّة

حرب غزة في مرحلة الحرب الإيرانيّة - الإسرائيليّة

المغرب اليوم -

حرب غزة في مرحلة الحرب الإيرانيّة  الإسرائيليّة

خير الله خير الله
بقلم - خيرالله خيرالله

في ضوء الهجوم الذي شنته إيران والردّ الإسرائيلي عليه، يبدو أنّ الدولة العبريّة تريد الاستفادة إلى أبعد حدود من الهجوم الإيراني الذي انتهى بفشل عسكري ذريع ونجاح سياسي كبير.

تحاول إسرائيل حالياً الانضمام إلى إيران في تحقيق نجاح سياسي مستغلة التعاطف الدولي معها. لذلك ضربت في أصفهان ومواقع أخرى في الداخل الإيراني ولم تعلن أنّها ضربتها. لا تريد التفريط بجبهة دولية، على رأسها الولايات المتحدة، تدعم الدولة العبريّة من دون أي تحفّظ.

ركضت أوروبا إلى إسرائيل من أجل إقناعها بتفادي الردّ على الهجوم الإيراني. حصلت حكومة بنيامين نتنياهو في المقابل، على ضوء أخضر يسمح لها بالقيام بعملية في رفح حيث احتشد مليون ونصف المليون فلسطيني.

كرّست الدولة العبرية معادلة جديدة تقوم على الردّ على إيران، من دون الإعلان رسمياً عن ذلك في مقابل السماح بهجوم مدروس ومحسوب على رفح.

تردّ إسرائيل على إيران بما يتفق مع حساباتها. لا يمكن تجاهل أنّ «الجمهوريّة الإسلاميّة» تجرأت للمرّة الأولى، منذ قيامها، على مهاجمة إسرائيل.

ردّد المسؤولون الإيرانيون، في مرحلة ما بعد سقوط الشاه في العام 1979، كلّ الشعارات المعادية لإسرائيل بصفة كونها «غدّة سرطانيّة».

لكنّ الحرب الإيرانية على الدولة العبريّة كانت دائماً بالواسطة. هذه المرّة تجرّأت «الجمهوريّة الإسلاميّة» بحجة أن إسرائيل استهدفت ضباطاً في «فيلق القدس»، كانوا في قنصليتها في دمشق، أي على أرض إيرانيّة، أقلّه نظرياً.

ردت إسرائيل بعدما وجدت الفرصة المناسبة لذلك من دون استنفاد التعاطف الذي توفّر لها أميركيا وأوروبيا ودوليا.

جاء ذلك في وقت لم يعد سرّاً أنّ العالم متخوف من أن الشرق الأوسط «على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل» على حدّ تعبير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

قال غوتيريش، الذي يمثل العقل والتعقّل في عالم غابت عنه الضوابط «إنّ أيّ خطأ في التقدير، أو سوء في التواصل، أو هفوة، يمكن أن يؤدّي إلى صراع إقليمي واسع النطاق لا يمكن تصوّره وسيكون مدمّراً لجميع المعنيين، ولبقية العالم».

استطاع النظام الإيراني، من خلال الهجوم، المنسق في شأنه مسبقاً بين طهران وواشنطن، المحافظة على ماء الوجه. لا شكّ أنّه حقّق الغرض الذي أراده.

سيبقى السؤال في المرحلة المقبلة من سيكون المستفيد الأوّل من الهجوم الذي شنته «الجمهوريّة الإسلاميّة». بكلام أوضح، من يستفيد أكثر إيران أم إسرائيل التي أجبرت الإدارة الأميركية على استخدام حف الفيتو في مجلس الأمن لمنع قبول فلسطين عضواً في الأمم المتحدة؟

في انتظار معرفة من سيخرج رابحاً، لابدّ من ملاحظة أولى في غاية الأهمّية. تتمثّل هذه الملاحظة في أنّ الخاسر الأكيد سيكون غزّة التي استطاعت إيران جعلها أقرب إلى قضيّة ثانوية بالمقارنة مع ما يدور بين «الجمهوريّة الإسلاميّة» وإسرائيل.

يعرف كلّ من الطرفين ما الذي يريده. تريد إيران تأكيد أنّها القوة المهيمنة في المنطقة. في الخليج وفي الشرق الأوسط. من هذا المنطلق، على الولايات المتحدة التفاوض معها بغية الوصول إلى صفقة بين الجانبين.

أمّا إسرائيل، فهي مصرّة في ظلّ الحكومة الحالية، التي على رأسها «بيبي» نتنياهو، على متابعة سياسة الإستيطان التي لا هدف منها سوى تكريس الاحتلال للضفّة الغربيّة والقدس الشرقيّة.

وحدها «حماس»، التي شنّت هجوم «طوفان الأقصى» من دون أفق سياسي، لا تعرف ما الذي تريده. تتصرف الحركة من منطلق أنّها خرجت منتصرة من حرب غزّة، لمجرّد أنّ لديها رهائن إسرائيليّة... وأن في استطاعتها فرض شروطها على إسرائيل.

تعتبر «حماس» أن وجود رهائن إسرائيليّة لديها سيجبر إسرائيل على الانسحاب من غزّة وإعادتها إلى سلطة الحركة. هذا غير صحيح، أقلّه لسبب واحد، على الأقلّ، هو أنّ إيران تعتبر نفسها المنتصر في حرب غزّة وأنّه إذا كان من طرف يستحق مكافأة، في ضوء حرب غزّة، فإنّ هذا الطرف هو«الجمهوريّة الإسلاميّة»ممثلة بـ«الحرس الثوري».

ثمّة سابقة في غاية الأهمّية لابدّ من تذكّرها هي ظاهرة الحرب الأميركية على العراق في 2003، وهي حرب لم يخرج نها سوى منتصر واحد هو إيران!

استطاعت إسرائيل إزالة غزّة من الوجود، فيما نجحت إيران في تسجيل نقاط سياسية عدّة على هامش حرب غزّة. نجحت في تأكيد أنّها تستطيع مهاجمة إسرائيل وأن تفتح جبهة جنوب لبنان ساعة تشاء بغض النظر عن الأضرار التي تلحف باللبنانيين، بما في ذلك شيعة الجنوب.

أكثر من ذلك، نجحت إيران في إثبات أنّ الملاحة في البحر الأحمر تحت رحمة الحوثيين الموجودين في شمال اليمن.

خلاصة الأمر أنّ حرب غزّة دخلت مرحلة جديدة مختلفة بعدما صارت حرباً إيرانيّة - إسرائيليّة. معروف كيف بدأت الحرب واليوم الذي بدأت فيه في السابع من أكتوبر 2023. ليس معروفاً كيف ستنتهي هذه الحرب.

من سينتصر في نهاية المطاف إيران أم إسرائيل في وقت صار معروفاً من هو الخاسر أي"حماس" التي لا تمتلك مشروعاً سياساً باستثناء القضاء على غزّة وأهلها.

يبقى أن لا حسابات إسرائيل في محلها ولا حسابات"الجمهوريّة الإسلاميّة"، لا لشيء سوى أنّ الجانبين يتجاهلان وجود الشعب الفلسطيني الذي يستحيل تصفية قضيّته، كما تحلم حكومة نتنياهو. في الوقت ذاته، يستحيل المتاجرة بهذه القضيّة إلى ما لا نهاية، كما تفعل إيران.

لاتزال حرب غزّة، في مرحلتها الجديدة، في بدايتها. السؤال من يأتي ببعض المنطق إلى حرب لم يكن لديها أي منطق في يوم من الأيام.

لا وجود لمنطق لدى"حماس" ولا وجود لمنطق لدى إسرائيل غير منطق تدمير غزّة وتهجير أهلها بوحشية، فيما يمكن للهجوم الذي شنته إيران على إسرائيل أن يرتدّ عليها في يوم من الأيّام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب غزة في مرحلة الحرب الإيرانيّة  الإسرائيليّة حرب غزة في مرحلة الحرب الإيرانيّة  الإسرائيليّة



GMT 11:49 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

“التوجيهي المصري” آخر اختراعات البزنس الأردني

GMT 11:47 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

رفع آثار الحادث

GMT 11:44 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

من صفحات التاريخ!

GMT 11:42 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

أدوية غيّرت تاريخ الطب

GMT 11:40 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

التكريم.. «جملة أم قطاعي»؟!

أجمل إطلالات نجوى كرم باللون الزهري بدرجاته المختلفة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:23 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

سترة كيت ميدلتون الأكثر مبيعاً بعد إطلالتها الأخيرة
المغرب اليوم - سترة كيت ميدلتون الأكثر مبيعاً بعد إطلالتها الأخيرة

GMT 20:47 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مثالية للهروب من صخب الحياة اليومية
المغرب اليوم - وجهات سياحية مثالية للهروب من صخب الحياة اليومية

GMT 20:50 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طرق تنسيق لوحات الفن التجريدي بديكور المنزل لخلق جوّ هادئ
المغرب اليوم - طرق تنسيق لوحات الفن التجريدي بديكور المنزل لخلق جوّ هادئ

GMT 00:55 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

انفعال شيرين عبد الوهاب بسبب أحد المتابعين
المغرب اليوم - انفعال شيرين عبد الوهاب بسبب أحد المتابعين

GMT 07:08 2018 الإثنين ,05 آذار/ مارس

"مرسيدس" تكشف عن طرح سيارة " بنز E350d "

GMT 14:46 2022 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

تراجع الأسهم الآسيوية والأوروبية وسط ترقب لقرارات الفائدة

GMT 20:14 2022 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المغربية تقبل 46 تعديلاً بمشروع قانون المالية

GMT 03:50 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أبرز 7 مواصفات في مرسيدس "مايباخ" الفاخرة في 2021

GMT 15:00 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

سوق "الذبان" يتحوّل إلى قبلة الفقراء و المهمشين فى مراكش

GMT 08:02 2017 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

تألق سكارليت جوهانسون في العرض الأول لـ "رف نايت"

GMT 19:27 2024 الخميس ,15 شباط / فبراير

مبابي يٌخطر باريس سان جيرمان بموقفه النهائي

GMT 22:14 2023 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

قوة الدولار تعود لتضغط على أسعار الذهب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib