هل بقيت جمهوريّة لبنانيّة كي يُنتخب رئيس لها

هل بقيت جمهوريّة لبنانيّة... كي يُنتخب رئيس لها!

المغرب اليوم -

هل بقيت جمهوريّة لبنانيّة كي يُنتخب رئيس لها

خيرالله خيرالله
بقلم : خيرالله خيرالله

عادت انتخابات رئاسة الجمهوريّة إلى الواجهة في لبنان. كان لافتا البيان الصادر عن القمة التي انعقدت أخيرا في جدة بحضور الرئيس جو بايدن وقادة الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربيّة إضافة إلى الملك عبدالله الثاني والرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي. دعت القمة إلى احترام موعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا لميشال عون الذي تنتهي ولايته في 31 تشرين الأوّل – أكتوبر المقبل.
تكشف هذه الدعوة حرصا على لبنان وعلى ما بقي من مؤسسات فيه في وقت  لم تبق جمهوريّة لبنانيّة للتفكير في إنتخاب رئيس لها. هذا ما اكّدته مسيّرات "حزب الله" فوق حقل "كاريش" للغاز الإسرائيلي. تعني هذه المسيّرات سقوط الجمهوريّة. لم يعد في الإمكان الكلام عن دولة لبنانيّة عندما لا يفوت "حزب الله"، الذي ليس سوى لواء في "الحرس الثوري" الإيراني، أي فرصة لإبلاغ العالم، خصوصا دول الخليج العربيّة، انّ اجندته ايرانيّة بنسبة مئة في المئة وانّه ممسك تماما بقرار الحرب والسلم في لبنان.    
تكفّل ميشال عون وصهره جبران باسيل بالقضاء على الجمهورية وعلى مؤسساتها ومقومات وجودها. سيحاول "حزب الله" البناء على الدمار الذي خلفه العهد البرتقالي الذي طالما نادى رئيسه بالسيادة والإستقلال.
سيحاول الحزب تمرير انتخاب رئيس جديد للجمهورية في اطار صفقة شاملة متكاملة لا تبدو فرنسا بعيدة عنها، خصوصا بوجود ايمانويل ماكرون في قصر الإليزيه. يبدو ماكرون مستعدّا لمدّ الجسور مع الحزب والأخذ والردّ معه غير آبه بالخطر الوجودي الذي يشكّله على لبنان وعلى الوجود المسيحي فيه تحديدا.
لدى الحديث عن الدمار اللبناني، الذي عمل "حزب الله" من اجله بهدف بلوغ الوضع الراهن، لا مجال لتجاهل الواقع الأليم المتمثّل في أنّ تأثير انهيار النظام المصرفي ما زال في بدايته.
سيدرك اللبنانيون وأبناؤهم في يوم من الأيّام معنى ما حصل ومدى مسؤولية الدولة في عهد ميشال عون – جبران باسيل عن كارثة لا حدود لضخامتها وابعادها في مجال تغيير طبيعة المجتمع اللبناني كلّه وصورة لبنان وهويته. قد يدرك اللبنانيون يوما، بعد فوات الأوان طبعا، لماذا رفض رئيس الجمهورية سريعا، بل سريعا جدّا، أي تحقيق دولي في تفجير مرفأ بيروت في الرابع من آب - اغسطس 2020. أراد بكلّ بساطة قطع الطريق على معرفة الحقيقة لا اكثر. ثمّة خوف ليس بعده خوف لدى كثيرين من تحقيق دولي يكشف ما كشفته المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي نظرت في جريمة تفجير موكب رفيق الحريري ورفاقه. لم تترك المحكمة أي ثغرة في التحقيق الذي بنت عليه قرارها والذي يحدّد من نفذّ الجريمة ومن لعب دورا في تغطيتها، في سياق مخطّط مدروس يستهدف تدمير بيروت ولبنان!  
على الرغم من الوضع الكارثي القائم حاليا، يبدو ضروريا التفكير في انقاذ ما بقي من الجمهوريّة. هذا اذا  كان في الإمكان انقاذ شيء منها، قبل التفكير في انتخاب رئيس للجمهوريّة، بناء على نصيحة الفاتيكان وغيره من الدوائر الدولية والعربيّة القليلة التي ما زالت تفكّر بلبنان وتبدي حرصها عليه في هذا العالم المليء بالتعقيدات.
يبدأ التفكير في انقاذ الجمهوريّة بتحديد اصل العلّة في لبنان، أي الاحتلال الإيراني الذي يرمز اليه سلاح "حزب الله". توجد حاجة إلى البحث في كيفية انقاذ الجمهوريّة قبل الإختلاف على إنتخاب  رئيس للجمهوريّة مع قرب نهاية "العهد القويّ" بعد ثلاثة اشهر واسبوع من الآن.
من ينقذ الجمهوريّة؟ وكيف يمكن انقاذ الجمهوريّة؟ لا جواب عن مثل هذا النوع من الأسئلة في ظلّ التوازن الإقليمي القائم وفي ظلّ العزلة التي يعيشها لبنان. ليس هناك، في المدى المنظور، من يريد بالفعل تغيير التوازن الإقليمي الحالي باستثناء أنّ من الصعوبة استمرار الوضع في الجنوب السوري على حاله. يبدو واضحا ان الضغوط الروسيّة والإيرانيّة على تركيا أخّرت أي عملية عسكرية تركيّة في الشمال السوري.
ستكون ايران في الأشهر القليلة المقبلة، في اقلّ تقدير، لاعبا إقليميا مهمّا في وقت لا وجود لأيّ اهتمام عربي أو دولي بلبنان ومصيره. سيمرّر الحزب مرشّحه للرئاسة بتفاهم مع فرنسا. يمتلك الحزب اكثريات عدّة في مجلس النواب الجديد الذي يمكن وصفه بأنّه مجموعة جزر صغيرة، أي انّه اقرب إلى أرخبيل اكثر من أي شيء. استخدم الحزب احدى الأكثريات لايصال نبيه برّي مرّة سابعة إلى موقع رئيس مجلس النواب. استخدم أكثرية أخرى لمنع وصول متعاطف مع "القوات" إلى موقع نائب رئيس مجلس النوّاب. استخدم شبه اكثريّة ثالثة لضمان إعادة تكليف نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة.
قياسا على ما حدث في مرحلة ما قبل انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهوريّة، بدعم من سمير جعجع اوّلا ومن سعد الحريري في الدرجة الثانيّة، ليس مستبعدا تكرار السيناريو نفسه بعد خروج ميشال عون من قصر بعبدا. خلّف الرجل مع صهره ما يكفي من الدمار كي يكون هناك تجديد لـ"عهد حزب الله" تحت اسم جديد، قد يكون سليمان فرنجيّة أو غيره، في وقت يبدو واضحا انّ "الجمهوريّة الإسلاميّة" في ايران تلعب اوراقها بدقّة وباتت قادرة على الإستفادة من ضعف الدور الروسي في سوريا.
لم تكن مسيّرات "حزب الله" فوق "كاريش" يوم الخامس من الشهر الجاري والتي تبعتها مسيّرة أسقطت يوم الثامن عشر من الجاري رسالة إلى اهل المنطقة والمجتمع الدولي بمقدار ما كانت رسالة إلى اللبنانيين. فحوى الرسالة أن الحزب هو لبنان ولبنان هو الحزب.
مرّة أخرى تؤكّد ايران ان لبنان بات ورقة لديها وانّها صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في البلد وأنّ معركتها مع اميركا طويلة ولا فارق عندها ما يمكن ان تخسره ما دامت خسائرها ليست من جيبها. إنّها خسائر تطال لبنان واللبنانيين وسوريا والسوريين والعراق والعراقيين واليمن واليمنيين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل بقيت جمهوريّة لبنانيّة كي يُنتخب رئيس لها هل بقيت جمهوريّة لبنانيّة كي يُنتخب رئيس لها



GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

المغرب يستعيد مكانته كأول وجهة سياحية في إفريقيا
المغرب اليوم - المغرب يستعيد مكانته كأول وجهة سياحية في إفريقيا

GMT 08:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ترامب يؤكد أن بوتين يرغب في اجتماع لإنهاء حرب أوكرانيا
المغرب اليوم - ترامب يؤكد أن بوتين يرغب في اجتماع لإنهاء حرب أوكرانيا

GMT 16:36 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
المغرب اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 01:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 24 - 12 - 2024 والقنوات الناقلة

GMT 01:40 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

زين الدين زيدان يرفض عروض التدريب بعد رحيله عن ريال مدريد

GMT 20:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

فيسبوك يضيف "عدد المشاهدات" للصور والنص في المنشورات

GMT 02:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حكيم زياش أكثر من سجل للمنتخب المغربي في ملاعب إفريقيا

GMT 03:52 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

المنتخب المغربي يسحق نظيره اللاتفي بسداسية

GMT 11:52 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

تونس تحتضن المهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية 21 الجاري

GMT 23:56 2019 الأحد ,12 أيار / مايو

أغذية تساعدك على الإقلاع عن التدخين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib