لبنان بين حربي 2006 و2024

لبنان بين حربي 2006 و2024

المغرب اليوم -

لبنان بين حربي 2006 و2024

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

ما بين حربي صيف 2006 وحرب «إسناد غزّة» في 2023 و2024، قاسم مشترك وفوارق. يتمثل القاسم المشترك في أن «حزب الله» افتعل الحربين مع إسرائيل.

في 2006، خطف جنوداً إسرائيليين وقتلهم أو أنّهم قتلوا في اشتباك سبق احتجاز جثث هؤلاء. في الثامن من أكتوبر 2023، قرّر الحزب، بطلب إيراني، فتح جبهة جنوب لبنان في غياب أي مشاورات مع أي طرف آخر في لبنان، بما في ذلك الحكومة التي على رأسها نجيب ميقاتي.

هل تختلف نتائج حرب 2006، التي في أساسها رغبة بتغطية وقائع حصلت عن نتائج حرب «إسناد غزّة» التي في أساسها رغبة إيرانيّة في تكريس السيطرة على لبنان؟

في هذا السؤال تكمن الفوارق، بمعنى أن حرب صيف 2006 ليست مثل حرب «إسناد غزّة» وأن إيران التي تعتقد أن في استطاعتها تكرار تجربة عمرها 18 عاماً لن تقوى بالضرورة تحقيق انتصار جديد على لبنان، وليس على إسرائيل، تماماً كما حصل صيف 2006، بتواطؤ كامل مع الدولة العبرية!

في انتظار نهاية حرب غزّة، وهي حرب لن تنتهي قريباً وليس معروفاً كيف ستنتهي، فضّل لبنان، الذي يحكمه «حزب الله» أي إيران، ربط نفسه بالمجهول واضعاً مصيره في مهب الريح.

لا تسمح الأوضاع الإقليمية والدولية السائدة حالياً بربط وقف النار في الجنوب بوقف النار في غزّة. يبدو الكلام الصادر عن حسن نصرالله، الأمين العام للحزب، وعن مسؤولين آخرين فيه بعيداً عن الواقع، خصوصاً في ما يتعلّق بأن كل شيء سيعود إلى حاله، أي إلى ما كان عليه قبل الثامن من أكتوبر الماضي، بمجرد توقف حرب غزّة.

يعود ذلك أساساً إلى أن إسرائيل، التي تبدو مصرّة على متابعة حرب غزّة، ترفض نظرية وحدة الجبهات.

ترفض على وجه خاص إصرار «الجمهوريّة الإسلاميّة» على بقاء جبهة الجنوب اللبناني مفتوحة ما دامت جبهة غزّة مفتوحة.

عاجلاً أم آجلاً، سيكون على إسرائيل، بغض النظر عن بقاء بنيامين نتنياهو في موقع رئيس الوزراء أو رحيله، معالجة التهديد الخطير ذي الطابع الوجودي الذي يمثله «حزب الله»، بصواريخه ومسيراته وانفاقه، انطلاقاً من لبنان.

ثمّة حسابات إسرائيلية لا يمكن أن تتطابق مع الحسابات الإيرانية، خلافاً لما كانت عليه الحال في 2006، عندما قبلت إسرائيل بالقرار الرقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن.

قبلت بالقرار رغم معرفتها التامة بأن «حزب الله» لن يطبقه، بل سيستخدمه للانقضاض على الداخل اللبناني. هذا ما حصل بالفعل.

لم تكن لدى إسرائيل، في 2006، أي مشكلة في سيطرة «حزب الله» على لبنان، بل في سيطرة «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران على البلد؟

يكمن الخوف راهناً، في احتمال ذهاب لبنان ضحية الفارق في الحسابات بين الجانبين الإسرائيلي والإيراني في وقت يعتقد الإيرانيون أنّ في الإمكان استعادة تجربة حرب صيف 2006.

اللافت في التصريحات الحديثة المتكررة لمسؤولين في «حزب الله» الإصرار على أنّه إذا كان اللبنانيون ينعمون بحياة طبيعية، فإن الفضل في ذلك يعود إلى «المقاومة».

بكلام أوضح يعد الحزب نفسه لمرحلة ما بعد حرب غزّة للانقضاض مجدداً على لبنان وجني المكاسب التي حققتها «المقاومة» بفتحها جبهة الجنوب.

يريد الحزب، عبر مقاربة ذات طابع تبسيطي للأحداث، قبض ثمن تمكين اللبنانيين من عيش حياة طبيعية تشمل الذهاب إلى النوادي الليلية والمسابح والمقاهي والمطاعم والحفلات الغنائية في صيف 2024.

في 2024، يعدّ «حزب الله» نفسه لقبض ثمن حرب افتعلها، حرب هجرت مئة ألف جنوبي ودمرت قرى عدّة.

هذه حرب لم تكن لها من ضرورة باستثناء الرغبة الإيرانية في توجيه رسالة إلى الولايات المتحدة فحواها أنّها تمسك بمفاتيح توسيع حرب غزّة أو عدم توسيعها.

لا مكان يستطيع فيه الحزب قبض ثمن حرب «اسناد غزة» سوى في الداخل اللبناني. هل هذا ممكن أم لا؟ وحدها الأيام ستظهر ما إذا كان هذا المشروع قابلاً للتطبيق في وقت طرأ تغيير كبير على موازين القوى في المنطقة والعالم.

لا يوجد عربي عاقل تعلّم من تجارب الماضي على استعداد لخوض حرب مع إسرائيل بتوقيت تفرضه «حماس» أو إيران...

ما لا يمكن تجاهله، في أي وقت، أنّ هجوم «طوفان الأقصى»، الذي شنته «حماس»، انطلاقاً من غزّة، في السابع من أكتوبر الماضي، غيّر إسرائيل كلّياً.

الأمر ليس مرتبطاً بشخص نتنياهو ووحشيته التي لا حدود لها. الأمر مرتبط بتغيير في العمق حصل في إسرائيل وفي المجتمع الإسرائيلي الذي بات عليه التفكير بطريقة مختلفة.

مثل هذه الطريقة المختلفة تعني طرح أسئلة من نوع كيف التعاطي مع جنوب لبنان الذي صار منطلقاً لتهديد ذي طابع جدّي في ضوء وجود ما يزيد على 60 ألف إسرائيلي خارج بيوتهم منذ أكثر من تسعة أشهر.

في ضوء هذا التغيير العميق في إسرائيل، يبدو منطقياً الخروج بخلاصة فحواها أن حرب «إسناد غزة»، في أيامنا هذه، شيء وحرب صيف 2006 شيء آخر.

أخذت إيران لبنان إلى مأزق يحتاج إلى كيفية التفكير في الخروج منه وليس إلى تمنين الحزب للبنانيين بأنّه يسمح لهم بالتمتع بثقافة الحياة... وأنّه سيكون عليهم دفع ثمن ذلك لاحقاً!

* نقلا عن "الراي"

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان بين حربي 2006 و2024 لبنان بين حربي 2006 و2024



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:49 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
المغرب اليوم - الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني

GMT 16:35 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

"هاكرز" يستولون على 17 مليون دولار في هذه الدولة

GMT 19:10 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النفط يتجه لخسارة أسبوعية 2% مع انحسار مخاوف الإمدادات

GMT 18:57 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع التضخم في منطقة اليورو 2.3% خلال نوفمبر

GMT 19:05 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

وول ستريت ترتفع في جلسة مختصرة بمستهل موسم التسوق

GMT 10:41 2022 الأحد ,02 تشرين الأول / أكتوبر

خضروات وزهور يمكن إضافتها إلى حديقة المنزل في الخريف

GMT 02:01 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حوت أبيض يندمج مع سرب مِن الدلافين ذات الأنف الزجاجية

GMT 09:05 2022 الأحد ,25 كانون الأول / ديسمبر

النجمة اللبنانية رولا قادري تعود من جديد بأغنية "يا قلب"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib