المغرب وأزمة النظام الجزائري

المغرب... وأزمة النظام الجزائري

المغرب اليوم -

المغرب وأزمة النظام الجزائري

خيرالله خيرالله
خيرالله خيرالله

لا يمرّ أسبوع الّا ويؤكّد النظام الجزائري عمق ازمته الداخليّة التي يحاول الهرب منها من جهة واعتقاده ان التصعيد، لأسباب واهية مع المغرب، سيخرجه من هذه الازمة من جهة أخري.من آخر صرعات النظام الجزائري أمر وجّهه الرئيس عبدالمجيد تبون إلى شركة المحروقات الحكومية (سوناطراك)، بعدم تجديد عقد توريد الغاز إلى إسبانيا عبر أنبوب يمر في الأراضي المغربية.

تسعي الجزائر إلى الاستغناء عن خط انابيب يمرر غازها إلى اسبانيا والبرتغال بغية حرمان المغرب من أي استفادة من الغاز المار عبر أراضيه. تفعل ذلك على الرغم من انّ الخط الذي يربطها مباشرة بإسبانيا لا يستطيع تلبية كلّ ما تحتاجه الأخيرة. وجدت الجزائر نفسها مضطرة إلى طمأنة اسبانيا إلى قدرتها على تلبية حاجتها من الغاز، علما ان ذلك ليس مضمونا. في الواقع، يصلح طرح سؤال عمّا اذا كان الهدف الجزائري معاقبة المغرب، الذي اخد مسبقا احتياطاته في ما يخصّ حاجته إلى الغاز، أم معاقبة اسبانيا التي عملت في الأشهر الأخيرة على تطبيع علاقتها مع المغرب؟

المهمّ بالنسبة إلى النظام الجزائري إيذاء المغرب... حتى لو كان ذلك يعني إلحاق أذي بالجزائر نفسها في الوقت ذاته. يضحك النظام الجزائري في النهاية على نفسه وعلي الجزائريين ويكشف كلّ يوم اكثر كم هو اسير عقدة المغرب والتجربة المغربيّة. المضحك المبكي في الامر قول بيان الرئاسة الجزائريّة ان تبّون "تسلّم تقريرا في شأن العقد الذي يربط الشركة الوطنية (سوناطراك) بالديوان المغربي للكهرباء والماء، منذ 2011 وينتهي في 31 تشرين الاوّل - اكتوبر 2021، عند منتصف الليل". أضاف البيان: “نظرا إلى الممارسات ذات الطابع العدواني من المملكة المغربية تجاه الجزائر، التي تمس بالوحدة الوطنية، وبعد استشارة الوزير الأول وزير المالية، ووزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، ووزير الطاقة والمناجم، أمر رئيس الجمهورية الشركة الوطنية سوناطراك بوقف العلاقة التجارية مع الشركة المغربية وعدم تجديد العقد". ما هي "الممارسات ذات الطابع العدواني" التي يمارسها المغرب الذي يدعو في كلّ مناسبة إلى علاقات طبيعية مع الجزائر والذهاب في التعاون معها إلى اقصي حدود، بما في ذلك إعادة فتح الحدود بين البلدين، وهي حدود اغلقتها الجزائر منذ العام 1994.

ربّما، كان البيان الجزائري يتحدّث عن عرض المغرب مساعدة الجزائر في مجال إطفاء الحرائق التي نشبت في مناطق معيّنة فيها تعويضا عن عدم امتلاكها لمثل هذه الطائرات. فضّلت الجزائر الصيف الماضي الاستعانة بفرنسا بدل قبول العرض المغربي. يصعب إيجاد فضيحة بهذا الحجم يقدم عليها نظام مقصّر في مسؤولياته تجاه شعبه.

من حسن الحظ انّ المغرب كان متحسّبا لما يمكن ان تقدم عليه الجزائر، كنظام وليس كشعب. يعرف المغرب انّ الشعب الجزائري على علم تام بطبيعة النظام الذي يعيش في ظلّه منذ نحو ستة عقود. لذلك وضع المغرب، منذ سنوات عدة، خططا للحصول على بديل من الغاز الجزائري عبر علاقات مع دول عدّة. تأتي نيجيريا في مقدّم الدول التي تعمل من اجل تمرير غازها إلى دول اوروبيّة عبر المغرب مستقبلا. مثل هذا المشروع المتعلّق بالغاز النيجيري لا يزال يحتاج إلى وقت ليصبح حقيقة. لكنّ ذلك لم يمنع المغرب من إيجاد وسائل لتعويض أي كميّة تنقصه من الغاز المستخدم في انتاج الكهرباء بسبب التصرّف الجزائري الذي يكشف رغبة، لا مبرّر لها، في الانتقام وتصدير مشاكله وازمته العميقة والقديمة إلى خارج حدوده.

يدور النظام الجزائري في حلقة مقفلة لا يستطيع الخروج منها. يعود ذلك إلى رفضه التعلّم من تجارب الماضي القريب. هناك حاليا ارتفاع في أسعار النفط والغاز. يمكن لهذا الارتفاع مساعدة الاقتصاد الجزائري الذي يعتمد أساسا على هاتين الثروتين الطبيعيتين والذي عجز النظام عن تطويره منذ سنوات طويلة. بدل الاستفادة من زيادة الدخل التي طرأت أخيرا، لتطوير الاقتصاد، يعود النظام إلى ممارسات عفا عنها الزمن تصبّ في مزيد من الاحتقار للشعب الجزائري وتطلّعه إلى تغيير حقيقي من جهة والتصعيد مع المغرب من جهة أخري.

ليس سرّا ان التصعيد مع المغرب لن يأخذ الجزائر إلى أي مكان. على العكس من ذلك، سيأخذ الجزائر إلى مزيد من العزلة في المنطقة والعالم، اللهمّ الّا اذا كان النظام يعتقد ان شراء أسلحة روسيّة يغني عن الاستثمار في مشاريع تصبّ في تنويع الاقتصاد... وتحقيق مصالحة بينه وبين الجزائريين.

في النهاية، استطاع الشعب الجزائري في ربيع العام 2019 اجبار الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة على الاستقالة قبل انتهاء ولايته. منعه ايضا من الحصول على ولاية رئاسيّة خامسة. كان المحيطون ببوتفليقة ينوون ترشيحه لولاية خامسة على الرغم من انّه مقعد لا يستطيع الكلام. لم يكن وضعه، غير الطبيعي، اكثر من تعبير عن الوضع الحقيقي لنظام جزائري لا يعرف إلّا سياسة الهرب إلى خارج حدوده...

لا مفرّ من الاعتراف بان المؤسّسة العسكرية، التي هي النظام الفعلي في الجزائر، استطاعت خطف الحراك الشعبي وتوظيفه في مصلحة انتخاب رئيس للجمهوريّة، اسمه عبدالمجيد تبّون، لا يمكن وصفه سوي بالتابع للعسكر. مثل هذا النوع من المناورات، التي قاطعها الجزائريون، ليس حلّا لمشاكل الجزائر وازمتها في المدي الطويل. ثمّة واقع جزائري يتمثّل قبل ايّ شيء برفض الجزائريين للنظام. الاهمّ من ذلك كلّه ان الجزائريين يعرفون طبيعة النظام الذي يتحكّم بهم ويعرفون ان لا مشكلة لديهم مع المغرب الذي لم يعتد يوما على احد.

اكثر من ذلك، إنّ كلّ جزائري يمتلك حدّا ادني من الادراك والمنطق والواقعيّة يعرف جيّدا انّ القافلة المغربيّة تتقدّم غير آبهة بالآخرين. لن يوقف شيء تقدّم القافلة على كل الجبهات، من التنمية والاقتصاد والبنية التحتيّة... إلى تكريس اعتراف العالم كلّ يوم اكثر بوحدة الأراضي المغربيّة ومغربيّة الصحراء. لن يوقف هذا التقدّم في طبيعة الحال تصعيد جزائري من هنا وهناك وهنالك لا يكشف سوي عن عجز، ليس بعده عجز يعاني منه النظام. إنّه عجز عن اكتساب شرعيّة شعبيّة قبل أي شيء آخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المغرب وأزمة النظام الجزائري المغرب وأزمة النظام الجزائري



GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

أيقونة الموضة سميرة سعيد تتحدى الزمن بأسلوب شبابي معاصر

الرباط - المغرب اليوم

GMT 06:47 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
المغرب اليوم - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 06:55 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أبرز العيوب والمميزات لشراء الأثاث المستعمل
المغرب اليوم - أبرز العيوب والمميزات لشراء الأثاث المستعمل

GMT 13:53 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

لجين عمران تروج لماركة حقائب شهيرة

GMT 17:42 2023 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

أفكار جديدة لديكورات غرف المكاتب المنزلية

GMT 05:48 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

تعرفي على "الصيحة" الأكثر رواجاً لتصاميم مطابخ 2019

GMT 07:11 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

أفكار لاستخدام "أسرّة الأطفال" في المساحات الصغيرة

GMT 20:54 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

عزيز بوحدوز يطلب من الجمهور المغربي أن يسامحه

GMT 07:34 2018 الإثنين ,04 حزيران / يونيو

كوكو شانيل تبيّن حبها المتجدد لتصميم المجوهرات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib