مصر وإسرائيل والغياب الأميركي

مصر وإسرائيل والغياب الأميركي

المغرب اليوم -

مصر وإسرائيل والغياب الأميركي

خيرالله خيرالله
خيرالله خيرالله

فرضت التطورات الاقليميّة والدوليّة ان يستقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في شرم الشيخ. هذا هو الاجتماع الاوّل من نوعه بين رئيس مصري ورئيس وزراء إسرائيلي منذ ما يزيد على عشر سنوات. يفسّر الاجتماع لماذا كان ضروريا ان تتخلّص إسرائيل من عهد بنيامين نتانياهو الذي تصرّف باستخفاف وخفّة مع كلّ من مصر والأردن متجاهلا انّهما اول دولتين عربيتين توقعان معاهدة سلام مع إسرائيل.

وصل الامر بنتانياهو الى محاولة احراج دول تحترم نفسها تعمل من اجل الاستقرار الاقليمي مثل دولة الامارات العربيّة المتحدة ومملكة البحرين. حدث ذلك في مرحلة ما بعد توقيعهما اتفاقات سلام مع إسرائيل برعاية أميركية في 15 أيلول – سبتمبر 2020. عاد "بيبي" الى المزايدات في موضوع القدس والاستيطان غير مكترث بحاجة المنطقة الى الهدوء والبحث في مستقبل العلاقات العربيّة – الإسرائيلية بعيدا عن فكرة تكريس الاحتلال... وفي ظلّ احترام حقوق الشعب الفلسطيني.  

ذهب بينيت الى شرم الشيخ بعيد خروج وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد بخطة من اجل إعادة اعمار قطاع غزّة وتوفير ظروف معيشية افضل لمليوني فلسطيني مقيمين فيه تحت سلطة حركة "حماس" التي يتبيّن كلّ يوم أنهّا لا تعرف ما الذي تريده باستثناء ان تكون تابعا للتنظيم الدولي للاخوان المسلمين وخدمة ايران في الوقت ذاته.

الأكيد ان بينيت ولابيد لا ينظران الى الأمور بالطريقة نفسها والزاوية نفسها، لكنّهما يعرفان ان الحكومة الاسرائيليّة القائمة ذات طبيعة هشّة ومهددة بالسقوط كلّ يوم. لكنّ هذا لا يمنع الاعتراف بانّ الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي رأت النور قبل اقلّ من خمسة اشهر تبحث عن حلول، حماية لنفسها، وليس عن مواجهات جديدة كما كان يفعل "بيبي".

من زاوية البحث عن حلول، جاءت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي لمصر. على الرغم من ان بينيت ينتمي الى اليمين الاسرائيلي المتطرّف الّا أن تطورات كثيرة في المنطقة والعالم حتّمت إعادة الاتصالات مع مصر وقبل ذلك مع الأردن. فقد سبق لرئيس الوزراء الإسرائيلي ان قام بزيارة سرّية لعمّان التقى فيها الملك عبدالله الثاني وذلك قبل زيارة العاهل الأردني لواشنطن بغية الاجتماع بالرئيس جو بايدن الذي التقاه بينيت لاحقا في البيت الأبيض.

في ايّار – مايو الماضي، كان "بيبي" لا يزال في موقع رئيس الوزراء الإسرائيلي. اندلعت حرب غزّة بعدما استغلت "حماس" انتفاضة اهل القدس الذين واجهوا الاحتلال الإسرائيلي الذي كان يريد تهجير اهل الشيخ جراح من بيوتهم. جاءت صواريخ "حماس" من غزّة كمحاولة لتعويم نتانياهو. فشلت الصواريخ في ذلك بعدما تبيّن ان الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن تختلف كلّيا عن إدارة دونالد ترامب في ما يتعلّق بطبيعة التعاطي مع إسرائيل وأسلوب هذا التعاطي. لا استعداد في واشنطن لاتخاذ أي مبادرة في الشرق الأوسط. لكنّ الإدارة الحاليّة ترفض في الوقت ذاته توقيع شيك على بياض لإسرائيل، كما كان يفعل دونالد ترامب، كي تتابع سياسة الاستيطان الهادفة الى افراغ الاراضي الفلسطينية من أهلها.

لعلّ اهمّ ما اسفرت عنه حرب غزّة الأخيرة، بعيدا عن انّها جلبت المزيد من الدمار والبؤس لاهل القطاع، انّ الفلسطينيين شعب واحد. ليس في الإمكان الانتصار على هذا الشعب الذي يزيد عدد افراده على سبعة ملايين في منطقة ممتدة من البحر المتوسط الى الأردن. لا مفرّ اذا من حل سياسي في المدى الطويل وذلك على الرغم من الفراغ الذي تجسّده السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة برئاسة محمود عبّاس (أبو مازن) وعلى الرغم من انّ لا وجود لايّ رغبة لدى "حماس" في مصالحة فلسطينيّة... أو التعاطي مع الواقع والاعتماد على الخطاب السياسي المعقول الذي خرج به يحيى السنوار الرجل القويّ لـ"حماس" في غزة في اثناء الحرب الأخيرة ومباشرة بعدها.

من هذا المنطلق، كانت زيارة بينيت لمصر اكثر من طبيعية، خصوصا ان الإدارة الاميركيّة ستكون غائبة عن المنطقة في ضوء الانسحاب الكارثي الذي نفّذته من أفغانستان. فوق ذلك كلّه، ليس ما يشير، الى اشعار آخر، إلى انّ هناك فهما اميركيا لما تطمح اليه ايران ولخطورة مشروعها التوسّعي. هناك فقط قرار أميركي باعتماد الديبلوماسيّة لعلّ وعسى توافق ايران على العودة الى التزام الاتفاق النووي الذي وقعته صيف العام 2015 مع مجموعة الخمسة زائدا واحدا (الدول الخمس ذات العضوية الدائمة في مجلس الامن وألمانيا).

ستكون غزّة امتحانا لاسرائيل ومصر في الوقت ذاته. اثبتت مصر الى الآن، قدرتها على ضبط الوضع في غزّة وان نسبيا. سيتوجب عليها مستقبلا فتح أبواب غزّة ليكون الوضع فيها طبيعيا ويخرج أهلها من القمقم الذي وضعتهم فيه "حماس" التي اقامت منذ منتصف العام 2007 امارة اسلاميّة على الطريقة الطالبانية، نسبة الى طالبان التي اعادت سيطرتها على أفغانستان.

في منطقة، تبدو مقبلة على تغيّرات كبيرة في ظلّ انسحاب أميركي منها، من المفيد حصول لقاء مصري – إسرائيلي، اقلّه من اجل استيعاب الوضع في غزّة والحؤول دون كارثة جديدة. مصر تعرف قبل غيرها ان هناك عائلات غزّاوية ما زالت تنام في العراء منذ حرب نهاية 2008 وبداية 2009. لدى غزّة كلّ المقومات لتصبح منطقة مزدهرة وان تشكل نواة لدولة فلسطينية مسالمة تمتلك علاقة مميّزة بمصر.

لا شكّ ان المحادثات المصريّة – الإسرائيلية تناولت أمورا كثيرة، من بينها الوضع في جنوب سوريا حيث تحاول ايران تكريس وجود موطئ قدم لها. لكنّ الأكيد ان موضوع غزّة كان في غاية الاهمّية بالنسبة الى الجانبين في منطقة تمرّ في مرحلة مخاض وفي عالم تبدو فيه إدارة بايدن، الحائرة أصلا، زادت حيرة. هذه إدارة، فضلت الانسحاب من المنطقة كلّها وليس من أفغانستان وحدها. هذه ادارة لا تستطيع التفكير، في المدى المنظور، سوى في كيفية جعل جو بايدن يستعيد بعض شعبيته التي فقدها في أفغانستان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر وإسرائيل والغياب الأميركي مصر وإسرائيل والغياب الأميركي



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
المغرب اليوم - المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع

GMT 18:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد السقا يعلّق على المنافسة بين أبطال "العتاولة 2"
المغرب اليوم - أحمد السقا يعلّق على المنافسة بين أبطال

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 10:12 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أسعار الذهب تتراجع بأكثر من 30 دولاراً وسط ارتفاع الدولار

GMT 12:40 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 18:38 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

وفاة معتقل داخل محكمة الاستئناف في طنجة

GMT 12:37 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

محاولات لإقناع الواعد باسي بتمثيل المغرب

GMT 13:31 2018 الأحد ,08 تموز / يوليو

محمد الشناوي يوضح أنه لم يلتفت إلى أي عروض

GMT 00:51 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

كهف مظلم في نيوزيلندا تضيئه الديدان المتوهجة

GMT 08:28 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

نحو 60% من الصينيين يتعرضون لفقدان شعر مبكر وزيادة الصلع
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib