نتنياهو وتغيير وجه المنطقة في ظل بلبلة إيرانيّة

نتنياهو وتغيير وجه المنطقة... في ظل بلبلة إيرانيّة!

المغرب اليوم -

نتنياهو وتغيير وجه المنطقة في ظل بلبلة إيرانيّة

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

ليس واضحاً هل سيتمكن بنيامين نتنياهو من تغيير وجه المنطقة بفضل الفرصة التي وفرها له يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» وصاحب قرار شن هجوم «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر 2023؟.

الواضح، في المقابل، أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية، مدعوماً من اليمين الإسرائيلي، استطاع تدمير غزة... في غياب القدرة على الانتهاء من «حماس». أكثر من ذلك، استغلّ «بيبي»، إلى أبعد حدود، الفرصة التي أتاحها له حزب الله، الذي أعلن يوم الثامن من أكتوبر 2023، بالصوت والصورة، فتح جبهة جنوب لبنان «اسناداً لغزة».
وجهت إسرائيل ضربة قوية لـ«حزب الله» ولإيران في الوقت ذاته ودفع لبنان كلّه ثمن القرار الإيراني بشنّ حرب على إسرائيل انطلاقاً من الجنوب. ثبت، يوم بدأت الحرب في جنوب لبنان، أن لبنان لا يمتلك قراره وأنّه «دولة حزب الله» مثلما كان العهد الرئاسي بين 2016 و 2022 «عهد حزب الله».

كذلك، ثبت أنّ لبنان ذهب ضحية شعار «وحدة الساحات» الذي تبيّن أنّه هراء بهراء ولا شيء آخر غير ذلك.

لا يمكن تجاهل أنّ غزّة مقبلة على تحولات في العمق، خصوصاً في ضوء حجم الدمار الذي لحق بها. لم يعد الموضوع متعلقاً بمصالحة بين «فتح» و«حماس» ومن سيسيطر على معبر فيلادلفيا بين القطاع ومصر. بات الموضوع موضوع مصير مليوني مهجّر في غزة. من يرسم مستقبل غزّة؟ من يعيد بناءها؟ هل من دور عربي ودولي، أميركي تحديداً، في تحديد مستقبل غزّة؟

هذه بعض الأسئلة التي تفرض نفسها بعد كلّ الذي حلّ بغزّة وأهلها منذ هجوم «طوفان الأقصى» قبل سنة وبضعة أيّام. في الوقت ذاته، بات عدد النازحين من قرى وبلدات ومناطق لبنانيّة نحو مليون ونصف المليون مواطن، هؤلاء يمثلون ما يزيد على نصف أبناء الطائفة التي أخذتها «الجمهوريّة الإسلاميّة» إلى حرب «إسناد غزّة».

هذا الأمر يطرح أسئلة لبنانية أيضاً. أسئلة من نوع من يستطيع القول لـ«حزب الله» أن سلاحه لا يردع إسرائيل؟ من يستطيع القول للحزب أنّ إيران أرسلت وزير خارجيتها عباس عراقجي، إلى لبنان كي يصرّ على إلحاق مزيد من الخراب للبنان... وأنّ عراقجي نفسه قام بعد ذلك بجولة تستهدف إقناع عواصم الدول الخليجية العربيّة أنّ من مصلحتها إقناع الولايات المتحدة بجعل إسرائيل تحصر ردها على الهجوم الصاروخي الذي تعرّضت له من «الجمهوريّة الإسلاميّة» في حدود معيّنة!

إيرانياً، مطلوب من لبنان، ومن اللبنانيين، التضحية بانفسهم وأن يكونوا في خدمة مشروع مبهم لا أفق سياسياً له. عند هذه النقطة، يلتقي التفكيران الإيراني واليميني الإسرائيلي. مثل إيران، لا يمتلك رئيس الحكومة الإسرائيليّة أي رؤية للمستقبل، لا بالنسبة إلى مرحلة ما بعد الانتهاء من غزّة وتحويلها إلى أرض طاردة لأهلها ولا في ما يخصّ مرحلة ما بعد توجيه ضربة قاصمة لـ«حزب الله» الذي فقد قسماً كبيراً من قيادييه والذي ثبت أنّ فعاليّة سلاحه لا يمكن أن تقارن بفعاليّة السلاح الإسرائيلي الذي مصدره الولايات المتّحدة، في معظمه.

ضربت إسرائيل إيران أم لم تضربها، هناك ملاحظتان يجدر التوقف عندهما. الأولى أن الوضع الداخلي الإيراني ليس على ما يرام. شيء ما يحصل داخل «الجمهوريّة الإسلاميّة»، خصوصاً حيث خلف الرئيس مسعود بزشكيان، الرئيس إبراهيم رئيسين الذي كان محسوباً على «الحرس الثوري» والمتشددين عموماً. قُتل رئيسي في حادث تحطم هليكوبتر مع وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان- مازالت ظروف الحادث غامضة- يقول بزشكيان ووزير الخارجية الجديد عباس عراقجي، الشيء وعكسه. يعتمد الأمر على مكان وجودهما. بزشكيان في نيويورك غير بزشكيان في طهران. وعراقجي في بيروت غير عراقجي في هذه العاصمة الخليجية أو تلك. يشبه الوضع الداخلي الإيراني، إلى حد كبير، سنوات ما قبل انهيار الاتحاد السوفياتي في عهد ميخائيل غورباتشوف.

حاول غورباتشوف، الذي دخل التاريخ من بابه الواسع بسبب شجاعته، إصلاح النظام من داخل وفشل في ذلك بعدما اكتشف أن مثل هذا الإصلاح مستحيل. أكثر من ذلك، بدأت في إيران تطلّ برأسها فضيحة الاختراق الإسرائيلي لـ«الحرس الثوري» عن طريق مساعدي قائد «فيلق القدس» إسماعيل قآني. يمكن لهذه الفضيحة أن تعني الكثير ويمكن أن تفسّر دقّة الضربات التي وجهتها إسرائيل إلى «حزب الله»... في سورية ولبنان!

أمّا الملاحظة الثانية فتتمثّل في عجز لبنان عن التعاطي مع مرحلة ما بعد الضربة التي تلقاها «حزب الله». ثمة شعور في لبنان بأن البلد فقد البوصلة، خصوصاً أنّه ليس لدى القوى السياسية الفاعلة، بمن في ذلك الرئيس نبيه برّي، زعيم حركة «أمل» ورئيس مجلس النواب، القدرة على الطلب من إيران أن تنأى بنفسها عن لبنان من جهة والتوقف عن بيع الأوهام لـ«حزب الله» من جهة أخرى.

لا شكّ أنّ اليمين الإسرائيلي سيستفيد من مرحلة تسود فيها البلبلة إيران ولبنان، لكنّ اللافت في الوقت ذاته أن الدولة العبريّة لا تمتلك أي مشروع سياسي من أي نوع باستثناء خوض حروب ليس ضرورياً أن تتكلّل بالنجاح في المدى الطويل. يعنى ذلك بكلّ بساطة أنّ الوضع في المنطقة كلّها مقبل على مزيد من التدهور، خصوصاً في غياب الدور القيادي الأميركي في العالم، تحديداً في الشرق الأوسط والخليج...

يسهّل غياب الدور القيادي الأميركي على نتنياهو مهمته. لكن، هل يعرف رئيس الحكومة الإسرائيلية ما الذي يريده باستثناء متابعة حروبه واعتقاد أنّ امامه فرصة لتحقيق هدف مستحيل هو تصفية القضيّة الفلسطينيّة؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نتنياهو وتغيير وجه المنطقة في ظل بلبلة إيرانيّة نتنياهو وتغيير وجه المنطقة في ظل بلبلة إيرانيّة



GMT 12:55 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

هفوات الزمن الكبير

GMT 12:48 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مشروعات مشبوهة تلوح في الأفق

GMT 12:31 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

«هل حمَّلنا لبنانَ ما يفوق طاقته؟»

GMT 12:28 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أعاصير فلوريدا وتقرير البنتاغون المناخي

GMT 12:23 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

دمشق وطهران... إقبالٌ وصدٌّ

أجمل إطلالات نجوى كرم باللون الزهري بدرجاته المختلفة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 05:32 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تنسيقات عصرية للبليزر على طريقة النجمات
المغرب اليوم - تنسيقات عصرية للبليزر على طريقة النجمات

GMT 13:27 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فنلندا وجهه أوروبية مليئه بالنشاطات السياحية الجذابة
المغرب اليوم - فنلندا وجهه أوروبية مليئه بالنشاطات السياحية الجذابة

GMT 13:00 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أسلوب حديث لعلاج السكري دون الاعتماد على الأنسولين
المغرب اليوم - أسلوب حديث لعلاج السكري دون الاعتماد على الأنسولين

GMT 16:59 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

محمد هنيدي يعود الى الدراما بعد غياب طويل
المغرب اليوم - محمد هنيدي يعود الى الدراما بعد غياب طويل

GMT 16:49 2022 الثلاثاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

انخفض سعر البيتكوين إلى أقل من 16000دولار بخسارة جديدة تقارب 1%

GMT 20:36 2021 الجمعة ,31 كانون الأول / ديسمبر

"الأسود" يواجهون منتخبا قويا قبل انطلاق "الكان"

GMT 19:48 2021 السبت ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفيديو كليب صورة افتراضية

GMT 16:19 2021 الثلاثاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

لجين عمران تعلن هوسها بمنتجات العناية بالبشرة

GMT 21:57 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

طرق إزالة الوبر من الملابس القديمة

GMT 12:00 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

''الجوكر" توفيق المغربي يطلق أغنية جديدة بعنوان ''محكمة''

GMT 21:16 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

فستان الزفاف ينقذ خط "هوت كوتور" في "زمن كورونا"

GMT 05:48 2020 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

ليل يتواصل مع وكيل بوفال لكنه يصطدم بشرط تعجيزي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib