المأزقان السوداني والجزائري
ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 43,846 شهيدًا و 103,740 جريحاً منذ 7 أكتوبر 2023 وزارة الصحة اللبنانية تُعلن إستشهاد طفلتين ووالدهما وإصابة شخص في غارة العدو الإسرائيلي على الماري بقضاء حاصبيا الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأميركية مسؤولية المجازر الإسرائيلية في بيت لاهيا وقطاع غزةض تركيا السماح لطائرته بالعبور الرئيس الإسرائيلي يُلغي زيارته المخطط لها إلى مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «COP29» بعد رفض تركيا السماح لطائرته بالعبور غارة إسرائيلية على بيروت تستهدف مركزا لـ«الجماعة الإسلامية» الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط وجندي في اشتباكات بشمال قطاع غزة وزارة الصحة في قطاع غزة تُعلن إرتفاع عدد الشهداء منذ العام الماضي إلى 43799 ونحو 103601 مصاباً الخارجية الإيرانية تنفي المزاعم بشأن لقاء إيلون ماسك بممثل إيران في الأمم المتحدة وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على البلاد إلى 3452 شهيداً و14.664 مصاباً استشهاد اثنين من قيادات حركة الجهاد الفلسطينية في غارة إسرائيلية على سوريا
أخر الأخبار

المأزقان السوداني والجزائري

المغرب اليوم -

المأزقان السوداني والجزائري

بقلم : خيرالله خيرالله

لا مكان سوى للتعقّل، أكان ذلك في السودان أم في الجزائر. ليس هناك ما يدعو إلى اليأس بالنسبة إلى البلدين الكبيرين، بل البلدين الأكبر مساحة في أفريقيا. كان السودان الأكبر مساحة في القارة السمراء قبل انفصال الجنوب وقيام دولة مستقلّة فيه. ما حلّ بالبلدين يعبّر عن فشل العسكر في ممارسة السلطة وفشل المجتمع المدني في الوقت ذاته في إيجاد نظام بديل قابل للحياة لا يسيّره العسكر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. ما حدث كان إضاعة لفرص كثيرة منذ استقلّ السودان في 1956، ومنذ استقلّت الجزائر في 1962.

الفشل السوداني واضح كلّ الوضوح وتوّج بوصول عمر حسن البشير إلى السلطة في العام 1989، برعاية الإخوان المسلمين الذين انقلب عليهم من دون أن ينقلب. ففِكر البشير فِكر شخص متخلّف لا علاقة له بقيام دولة مدنية يكون فيها احترام للمواطن بغض النظر عن دينه وعرقه والمنطقة التي ينتمي إليها. أدّت ممارسات النظام، بين ما أدّت إليه، إلى المجازر التي ارتكبت في دارفور. كما أدّت إلى انفصال الجنوب…
 
في الجزائر، أتيحت فرصة ذهبية لعبدالعزيز بوتفليقة كي يساهم في قيام نظام مختلف بعدما استعان به العسكر للخروج من المأزق الذي وجدوا أنفسهم فيه، في العام 1998. انتخب بوتفليقة رئيسا في نيسان/ أبريل من العام 1999. حالفه الحظ إلى حدّ كبير، خصوصا مع ارتفاع أسعار النفط والغاز. بدل التأسيس لنظام فيه تداول سلمي للسلطة، لجأ إلى تقليم أظافر العسكر. نجح في ذلك إلى حدّ ما. ولكن ما البديل الذي لجأ إليه بوتفليقة؟

لجأ إلى نظام تسيطر عليه مجموعة موالية له لا همّ لها سوى جمع المال. صارت في الجزائر مافيا مدنية بديلة من المافيا العسكرية التي كانت تتحكّم بكلّ القطاعات المنتجة في البلد. كان بوتفليقة في بداية عهده الطويل على دراية بكلّ ما يدور في البلد ونشاطات هذه المافيا التي كان على رأسها شقيقه سعيد، الموجود في السجن حاليا، لكن هذه المافيا صارت تتحكّم بكلّ صغيرة وكبيرة بعد صيف العام 2013 إثر إصابة بوتفليقة بجلطة في الدماغ جعلت منه رجلا مقعدا لا يستطيع التوجّه إلى الجزائريين. كانت هذه الجلطة دليلا على أن كلّ شيء انهار في الجزائر، خصوصا أنّه لم يوجد من يقول إن الرئيس الجزائري لم يعد مؤهّلا لولاية رئاسية رابعة في السنة 2014. بين 2014 و2019، تاريخ نزول الناس إلى الشارع لمنع الولاية الخامسة، حكم الجزائر رجل مريض. جعلني ذلك أكتب مقالات عدة تحت عنوان: من المريض؟ الجزائر أم عبدالعزيز بوتفليقة؟

أضاع الرئيس الجزائري، الذي وجد نفسه مجبرا على الاستقالة قبل نهاية ولايته، كلّ الفرص التي كانت ستسمح للجزائر بالانتقال من نظام هواري بومدين، إلى نظام مدني منفتح على نفسه وعلى العالم. بقيت الجزائر في عهد بوتفليقة، الذي دام عقدين، تعيش في ظلّ وهم الدولة ذات التطلعات إلى لعب دور إقليمي، علما أنّه ليس لديها نموذج تستطيع تقديمه إلى أي دولة أخرى بعيدة أو قريبة.

لم يكن عهد بوتفليقة سوى سلسلة من الفرص الضائعة، تماما كما حصل في السودان حيث حلّت الكارثة الكبرى مع وصول البشير إلى الرئاسة في العام 1989 نتيجة انقلاب عسكري مدعوم من القوى الإسلامية التي كان يرمز إليها حسن الترابي.

كان وصول البشير إلى الرئاسة نتيجة فشل المدنيين في حكم السودان. لم تستطع الأحزاب السودانية يوما ممارسة السلطة بشكل طبيعي. سمح ذلك للعسكر بالحكم طويلا في غياب أي حل من أيّ نوع كان لأيّ مشكلة داخلية. منذ استقلّ السودان، غابت القيادات القادرة على استخدام ثرواته. يستطيع المراقب أن يتساءل من الفاشل أكثر الحكم المدني أم الحكم العسكري في بلد كان فيه البشير مستعدا لارتكاب كلّ أنواع المجازر والدخول في لعبة التقسيم من أجل البقاء في السلطة؟

خلاصة الأمر أن الذين أسقطوا البشير في السودان لن يستطيعوا القيام بالتغيير الشامل الذي يحلمون به، من دون فترة انتقالية يكون فيها تعاون مع العسكر. ما ينطبق على السودان، ينطبق على الجزائر أيضا، حيث الحاجة أكثر من أيّ وقت إلى استيعاب أنّ هناك حاجة إلى تفاهمات مع العسكر تمهّد لمرحلة انتقالية تؤسس لنظام جديد مختلف كلّيا عن ذلك الذي حكم الجزائر منذ 1962.

لن يكون سهلا على السودانيين التخلّص من العسكر وإقامة نظام مدني. من يتابع التطورات السودانية التي سبقت عزل البشير، يكتشف أن كبار الضباط انقلبوا عليه بعدما أيقنوا أن الرجل لم يعد يتحكّم بمفاصل السلطة. بين ليلة وضحاها، استُبدل الحرس الذي كان يتولى حماية الرئيس السوداني المخلوع، ووُجد من يقتاده إلى سجن كوبر تمهيدا لمحاكمته.

في الجزائر، يتظاهر المواطنون في كلّ المدن منذ عشرين أسبوعا وأكثر. ما كان ليحصل تطور حاسم من دون الجيش الذي أثبت أنّ بوتفليقة لم يستطع الانتهاء كلّيا من المؤسسة العسكرية، على الرغم من كلّ القرارات التي اتخذتها الحلقة الضيّقة المحيطة به. شملت هذه القرارات التخلص من عدد لا بأس به من كبار الضباط. كان بين هؤلاء الجنرال محمد مدين (توفيق) مسؤول المخابرات العسكرية في العام 2015. كان توفيق الذي أُودع أخيرا السجن يعتبر الرجل الأقوى في الجزائر، خصوصا أنّه كان يمتلك كلّ الملفات الحساسة عن كل الشخصيات المهمّة في الجزائر.
 
ثمة حاجة إلى وعي متبادل على صعيديْ الحراك المدني والمؤسسة العسكرية في الجزائر والسودان للخروج من حلقة مقفلة لا يمكن لاستمرارها سوى أن يؤدي إلى المزيد من الخراب. بصراحة، ليس في أي من البلدين ما يشير إلى أن الأحزاب السياسية تمتلك ما يكفي من الوعي لضمان قيام نظام مدني متطور. لم تبرز في الجزائر أو في السودان شخصية واحدة قادرة على طرح برنامج سياسي لمرحلة ما بعد بوتفليقة أو مرحلة ما بعد البشير. هذا أمر مقلق في ظلّ شهوة الإسلاميين في البلدين إلى السلطة من جهة، وغياب أيّ قدرة على الرهان على حسن نيّة العسكر من جهة أخرى. إذا وضعنا جانبا بعض الاستثناءات، تظلّ مشكلة الضباط عموما، وفي دول العالم الثالث خصوصا، أنّهم يصورون أنفسهم في كلّ وقت أنّهم يمثلون الحل، في حين أنّهم المشكلة… خصوصا بسبب ضيق أفقهم وادعاء معرفة كلّ شيء في هذا العالم.

نعم هناك مأزق في السودان وهناك مأزق في الجزائر. ثمة حاجة إلى معجزة كي يكون هناك تفاهم بين الحراك المدني والعسكر في كلا البلدين. ثمة حاجة إلى قوّة عاقلة تأتي من خارج لترتيب الأمور، والقول إنه في غياب التفاهم، فإن الكارثة مقبلة على السودان وعلى الجزائر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المأزقان السوداني والجزائري المأزقان السوداني والجزائري



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 19:04 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية والحريديم في تل أبيب
المغرب اليوم - مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية والحريديم في تل أبيب

GMT 07:38 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية
المغرب اليوم - وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية

GMT 03:35 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة علمية حديثة تكشف عن سر طول رقبة الزرافة

GMT 01:37 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين صبري تشارك رشاقتها بصور جديدة على "انستغرام"

GMT 21:42 2014 الأحد ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أب يتهجم على أستاذة مدرسة "يوسف بن تاشفين" الإبتدائية

GMT 04:50 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

ستوكهولم حيث جزر البلطيق والمعالم السياحية المميزة

GMT 17:45 2014 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

"ثورة" نسائية صغيرة في تسلق قمم جبال باكستان

GMT 22:05 2016 السبت ,20 آب / أغسطس

علامة تدل على إعجاب المرأه بالرجل

GMT 01:44 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"جونستون أند مارفي" أهم ماركات الأحذية الرجالية الفريدة

GMT 06:03 2017 الثلاثاء ,14 آذار/ مارس

عجوز صيني يرتدي ملابس نسائية لإسعاد والدته
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib