هل يختلف ترامب عن أوباما

هل يختلف ترامب عن أوباما

المغرب اليوم -

هل يختلف ترامب عن أوباما

بقلم : خيرالله خيرالله

الموضوع في غاية البساطة. هل هناك فارق ما بين إدارة دونالد ترامب وإدارة باراك أوباما؟ هل صحيح ما أعلنه دونالد ترامب مرارا عن أنه جاء إلى البيت الأبيض كي يصنع فارقا… أم أن أطفال خان شيخون ليسوا سوى أرقام تزاد على لائحة ضحايا النظام السوري المدعوم إيرانيا وروسيا؟

جاء وقت الامتحان. استخدم النظام السوري السلاح الكيميائي مرّة أخرى ضد شعبه في إدلب، في خان شيخون، قرب إدلب، تحديدا. بات السؤال المطروح الآن هل يردّ دونالد ترامب على الجريمة بطريقة مختلفة عن الطريقة التي ردّ بها باراك أوباما؟

في صيف العام 2013، لجأ بشّار الأسد إلى السلاح الكيميائي. قتل في يوم واحد ما يزيد على ألف سوري في منطقة قريبة من دمشق. كان يريد الحؤول دون سقوط العاصمة في يد المعارضة. اكتشف وقتذاك أن ليس أمامه سوى السلاح الكيميائي لمنع الثوّار من دخول المدينة. لم تنفع الميليشيات المذهبية التي أتت بها إيران في تحصين دمشق، ولم تكن روسيا تورّطت بعد بشكل مباشر في الحرب على الشعب السوري. وجد الأسد الابن أنّه لم يعد أمامه سوى السلاح الكيميائي من أجل الانتصار على الشعب السوري. لم يتردّد في الإقدام على ما أقدم عليه مطمئنا إلى أنّ روسيا برئاسة فلاديمير بوتين ستجد طريقة كي يهرب من العقاب. وهذا ما حصل بالفعل.

رسم أوباما في تلك المرحلة “خطا أحمر” لبشار الأسد محذّرا إيّاه من نتائج استخدام السلاح الكيميائي. بات معروفا أن كلّ الإجراءات الأميركية اتخذت للردّ على ما ارتكبه النظام السوري. هذا ما أكّده وزير الدفاع تشاك هيغل الذي كشف لاحقا أنّه لم يعرف لماذا غيّر الرئيس الأميركي رأيه وتراجع عن توجيه ضربة إلى النظام السوري، علما أن كلّ الخطط العسكرية وُضعت على الطاولة. ما لم يقله المسؤولون الأميركيون صراحة أنّ أوباما لم يرد يوما التصدي لفلاديمير بوتين. على العكس من ذلك، أراد دائما استرضاءه. كان كافيا أن يعرض الرئيس الروسي على أوباما خطة للتخلّص من ترسانة الأسلحة الكيميائية الموجودة لدى النظام السوري، كي ينسى الرئيس الأميركي كلامه عن “الخطّ الأحمر”. كذلك، نشر بوتين في تلك الأيّام مقالا في “نيويورك تايمز”، بدا فيه الرئيس الروسي داعية سلام ومتعاونا إلى أقصى الحدود مع الإدارة الأميركية من أجل ترسيخ الاستقرار في أرجاء العالم.

في الواقع، لم يكن الرئيس الأميركي الأسود يفكّر سوى بكيفية تفادي إزعاج إيران، ذلك أنّ المفاوضات السرّية بين واشنطن وطهران كانت تجري على قدم وساق في سلطنة عُمان وأماكن أخرى من أجل التوصل إلى اتفاق في شأن الملف النووي الإيراني. بالنسبة إلى أوباما، يهون كلّ شيء من أجل الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني وتصبح “الخطوط الحمر” بكلّ الألوان باستثناء اللون الأحمر.

طغى استخدام النظام السوري السلاح الكيميائي مجددا على أحداث كبيرة تجري في سوريا. من بين هذه الأحداث الاتفاق الذي أشرفت عليه إيران، من فوق النظام السوري، لإجراء عملية تبادل سكاني بين أهالي الفوعا وكفريا، وهم من الشيعة وأهالي الزبداني ومضايا السنة. دخلت عملية تغيير الديموغرافيا السورية مرحلة جديدة في وقت ليس معروفا ما الذي تريده إدارة ترامب باستثناء أنّها صارت موجودة عسكريا على الأرض السورية.

لا تزال الإدارة الأميركية الجديدة في مرحلة بلورة سياستها الخارجية. سيتبيّن، في ضوء الرد على استخدام السلاح الكيميائي في إدلب هل دونالد ترامب مختلف عن باراك أوباما، وهل صحيح ما أعلنه البيت الأبيض عن أن النظام السوري ما كان ليستخدم السلاح الكيميائي مجددا لولا “تردّد” إدارة أوباما و“ضعفها”.

من السهل إلقاء كل اللوم على إدارة أوباما التي اختزلت كلّ مشاكل الشرق الأوسط وأزماته بالملف النووي الإيراني الذي تمّ التوصل إلى اتفاق في شأنه صيف عام 2015.

الصعب انتهاج سياسة مغايرة تؤكّد أن الوعود التي أطلقها ترامب في أثناء الحملة الانتخابية ليست مجرّد وعود، وأن كلام الحملات الانتخابية شيء وكلام ما بعد دخول البيت الأبيض شيء آخر. جاء وقت امتحان جدّية دونالد ترامب والفريق العامل معه وما إذا كان صحيحا أن الرئيس الأميركي قادر على انتهاج سياسة سورية غير خاضعة للرغبات والطموحات الروسية.

الأهمّ من ذلك كلّه سيظهر قريبا، بل قريبا جدّا، ما إذا كانت إدارة ترامب قادرة على بلورة سياسة تأخذ في الاعتبار أن التصدّي للمشروع التوسّعي الإيراني لا يكون بإطلاق مسؤولين فيها تصريحات يفهم منها أن التخلص من النظام السوري ومن بشّار الأسد “لم يعد أولوية” أميركية، بل إن الأولوية هي الحرب على “داعش”. فمن يقول أنّ رئيس النظام السوري “مجرم حرب”، عليه أن يقرن كلامه بالأفعال والابتعاد عن الكلام الكبير الفارغ من أي مضمون، كما كان يفعل باراك أوباما الذي اعتبر باكرا أن لا مكان لبشّار الأسد في أي تسوية.

استغلّ بشّار الأسد الثغرة التي كشفها مسؤولون أميركيون تحدّثوا، قبل أيّام، عن “أولوية” الحرب على “داعش” كي يستخدم السلاح الكيميائي مجددا. كشف في الوقت ذاته أن عملية التخلص من الترسانة الكيميائية السورية لم تنته بعد. كشف أيضا أن الإدارة الأميركية الجديدة، في حال لم تتخذ موقفا حاسما منه، لا تختلف في شيء عن الإدارة السابقة.

باختصار شديد، لا قيمة للحرب على “داعش” ولا أهمّية لهذه الحرب في حال بقيت خارج مقاربة شاملة. ماذا تعني المقاربة الشاملة؟ تعني أوّل ما تعني أن التخلّص من النظام السوري ومن الميليشيات المذهبية التابعة لإيران جزء لا يتجزأ من الحرب على الإرهاب. فالنظامان الإيراني والسوري من جهة، و“داعش” من جهة أخرى، وجهان لعملة واحدة. كانت لهذين النظامين مساهمة كبيرة في قيام “داعش”. لمصلحة من كان يعمل نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي في العام 2014 عندما سمح لـ“داعش” بالاستيلاء على مدينة الموصل؟ عندما تجيب الإدارة الأميركية عن هذا السؤال، لا يعود صعبا عليها الاعتراف بأنّ لا مجال لتنافس بين الأولويات. هناك أولوية واحدة تتمثل في أن ليس في الإمكان الفصل بين الحرب على الإرهاب، وبين من يقف وراء “داعش”.

يفترض أن يكون بين المسؤولين الأميركيين الذين قاتلوا في العراق، مثل الجنرال جيمس ماتيس (وزير الدفاع) والجنرال ماك ماستر (مستشار الأمن القومي) من يدرك هذه الحقائق التي تصلح لوضع الأسس لسياسة أميركية مختلفة كليا. إنها سياسة أميركية يصلح بعدها القول أن دونالد ترامب ليس باراك أوباما، وأنه ليس أسير العلاقة بروسيا، مثلما كان سلفه أسير عقدة الملفّ النووي الإيراني والجهل بالمشروع التوسّعي الذي تنفّذه طهران.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يختلف ترامب عن أوباما هل يختلف ترامب عن أوباما



GMT 11:33 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طموح نتانياهو.. في ظلّ بلبلة ايرانيّة!

GMT 12:51 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

نتنياهو وتغيير وجه المنطقة... في ظل بلبلة إيرانيّة!

GMT 09:19 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السنوار يكتب مستقبل غزّة ولبنان... ولكن!

GMT 21:09 2024 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان اليوم التالي.. تصوّر إيران لدور الحزب

GMT 21:41 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

العودة التي لا مفرّ منها إلى غزّة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 15:56 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
المغرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 17:41 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 18:27 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميداليتان للجزائر في الدورة المفتوحة للجيدو في دكار

GMT 17:40 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم ليفربول يشعل مواقع التواصل بمبادرة "غريزية" غير مسبوقة

GMT 14:14 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

متزوجة تعتدي على فتاة في مراكش بسبب سائح خليجي

GMT 10:41 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

عروض فرقة الفلامنكو الأندلسية على مسرح دونيم الفرنسي

GMT 16:22 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

جدول أعمال مجلس الحكومة المغربية في 25 كانون الثاني

GMT 16:46 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

سقوط بالون طائر يحمل عددًا من السائحين في الأقصر

GMT 00:22 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

نيرمين الفقي تكشف سبب مشاركتها في مسلسل "أبوالعروسة"

GMT 02:12 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الدولار الأميركي الثلاثاء

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 13:54 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

بيتزا بيتي محشية الأطراف

GMT 19:50 2015 الأربعاء ,04 آذار/ مارس

10 أشياء غريبة يحبها الرجل في المرأة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib