انحدار بريطاني بدأ قبل ستين عاماً
دونالد ترامب يفضل السماح لتطبيق تيك توك بمواصلة العمل في الولايات المتحدة لفترة قصيرة على الأقل شركة طيران أمريكية تجبر أحد الركاب على ترك مقعده في الدرجة الأولى لصالح كلب مرافق مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل مطار دمشق الدولي يُعلن تمديد تعليق الرحلات الجوية حتى الأول من يناير 2025 الحوثيون يؤكدون إفشال هجوم أميركي بريطاني على اليمن باستهداف حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس ترومان" إسرائيل تنفي مغادرة أي وفد لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى القاهرة 10 جنود إيرانيين شباب لقوا حتفهم في حادث سقوط حافلة في واد غرب إيران سقوط نحو 300 قتيل في اشتباكات عنيفة بين قوات سورية الديمقراطية وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا في محيط سد تشرين وزارة الصحة في غزة تكشف أن عدد ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ارتفع إلى 45,259 شهيداً و107,627 مصاباً من 7 أكتوبر 2023 تسجيل 76 حالة وفاة و768 إصابة جراء إعصار شيدو الذي ضرب مقاطعات "كابو" و"ديلغادو" و"نابولا" و"نياسا" في شمال موزمبيق
أخر الأخبار

انحدار بريطاني بدأ قبل ستين عاماً

المغرب اليوم -

انحدار بريطاني بدأ قبل ستين عاماً

بقلم : خيرالله خيرالله

كشفت نتيجة الاستفتاء بريطانيا. كشفت الأحزاب البريطانية. كشفت خصوصا أن الانحدار لم يتوقف منذ العام 1956. كل ما هناك أن مارغريت تاتشر عرفت كيف توقفه مؤقتا.

مرّت أيّام على الاستفتاء الذي شهدته المملكة المتحدة والذي كانت نتيجته تأييد الخروج من الاتحاد الأوروبي بأكثرية ضئيلة. منذ إعلان نتيجة الاستفتاء الذي أُجري في الثالث والعشرين من حزيران ـ يونيو الماضي، لا تزال بريطانيا تحت الصدمة.

لم تجد مجلة “إيكونوميست”، وهي مجلّة أكثر من جدّية سوى عبارة “فوضى في المملكة المتحدة” تتوّج بها غلافها الذي ظهر فيه العلم البريطاني بشكل لباس داخلي (للطبقة السفلى من الجسم) يرفرف في الهواء الطلق.

تبيّن فجأة أنّ لا سياسيين كبارا في البلد وأنّ هناك غيابا للزعامـات الحزبية التي كانت تستطيع أن تشرح للمواطن العادي ما على المحك فعلا في هذا الاستفتـاء. ماذا يعني الخـروج مـن الاتحـاد الأوروبي بالأرقـام وما تأثير ذلك على الاقتصاد؟ ما البديل من أوروبا؟ أين تكمن مصلحة المملكة المتحدة؟ هل هناك ما يعوّض الخروج من السوق الواحدة التي تضمّ ثمانية وعشرين بلـدا، والتي كـانت المملكة المتحدة جزءا منها؟

أقدمت المملكة المتحدة على خطوة في المجهول. سارت أكثرية المواطنين (أقل من نسبة اثنين وخمسين في المئة من المشاركين في الاستفتاء) خلف شعارات لا علاقة لها بالواقع من نوع أن الخروج من الاتحاد الأوروبي “سيسمح باستعادة السيادة الوطنية”، نظرا إلى أن هناك قوانين أوروبية لم تكن تتوافق مع مصلحة بريطانيا وقد فُرضت فرضا على المملكة. كذلك، رُفع شعار أن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيسمح بكبح الهجرة إلى بريطانيا، خصوصا من دول أوروبية فقيرة تتمتع بعضوية الاتحاد الأوروبي.

لم يوجد من يشرح للمواطنين حقيقة الوضع ومعنى الأرقام بعيدا عن المبالغات. كان رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، شبه غائب عن الحملة التي سبقت الاستفتاء. ظهر، بكلّ وضوح، أن المواطن البريطاني ذهب ضحيّة عملية غش لا سابق لها، خصوصا بعدما استخدم نايجل فراج زعيم “حزب الاستقلال للمملكة المتحدة”، الذي يمثل اليمين المتطرف، خطابا عنصريا للتحريض على الخروج من الاتحاد الأوروبي.

ليس ما يشير إلى أن استفتاء جديدا يمكن أن يُنظّم في المملكة المتحدة، على الرغم من توقيع أربعة ملايين بريطاني عريضة تطالب بمثل هذا الاستفتاء. على المملكة المتحدة التعاطي مع نتيجة الاستفتاء من دون تردد. طالبتها أوروبا بالإسراع في إجراءات الطلاق، وذلك استنادا إلى المادة خمسين من معاهدة لشبـونة التي تحدد كيفية الخروج من الاتحاد الأوروبي. نقطة الخلاف الأساسية بين أوروبا وبريطانيا في الوقـت الحاضر في غـاية البسـاطة. تريد لندن التفاوض بشأن صيغة جديدة للتعاون مع أوروبا وضمـان البقاء في السوق الأوروبية الواحدة، في حين أن الأوروبيين يصرون على رفض المباشرة في مثل هذه المفـاوضات قبل حصول الطلاق بين الجانبين.

لم تكن هناك حسابات بريطانية لمرحلة ما بعد الاستفتاء، بما في ذلـك وضع البريطانيين المقيمين في الدول الأوروبية، خصوصا في أسبانيا وفرنسا. خدعت المواطن البريطاني سياسات صغيرة عكستها الخلافات داخل حزب المحافظين، وعدم قدرة زعيم حزب العمّال جريمي كوربن على التحكم في الحزب. أعطت النتيجة فكرة عن الدرك الذي بلغته السياسات الداخلية في بريطانيا من جهة، وسطحية السياسيين من جهة أخرى. لعلّ أفضل دليل على ذلك تصرّفات عمدة لندن السابق، بوريس جونسون، الذي لم يعد لديه ما يقوله في اليوم الذي تلا إعلان نتيجة الاستفتاء، علما أنّه كان من أشدّ المتحمسين لخروج المملكة المتحدة من أوروبا.

في الواقع، ليست نتيجة الاستفتاء التي أدت إلى تراجع الجنيه الإسترليني وهبوط أسعار الأسهم وفقدان المستثمر الأجنبي الثقة ببريطانيا سوى تتويج لسلسلة من التراجعات استطاعت مارغريت تاتشر وضع حد لها في مرحلة معيّنة امتدت بين العامين 1979 و1990. أسست تاتشر للازدهار الاقتصادي البريطاني. كانت شخصية سياسية استثنائية عرفت كيف تعيد المملكة المتحدة إلى خارطة العالم بعد سلسلة من النكسات بدأت عمليا في العام 1956، عندما خاضت بريطانيا بمشاركة فرنسا وإسرائيل حرب السويس.

حتّى حرب السويس، كانت بريطانيا ومازالت تعتقد أن شيئا لم يتغيّر في العالم، وأنّها لا تزال قطبا من أقطابه. احتل البريطانيون والفرنسيون قناة السويس، واحتلت إسرائيل سيناء من دون استشارة الولايات المتحدة التي كان رئيسها، وقتذاك، دوايت أيزنهاور.

لم يرق لأيزنهاور أن تحصل مثل هذه الحملة العسكرية من خلف ظهر بلاده التي لم يكن لأوروبا أن تتحرر من النازيين لولا دخولها الحرب العالمية الثانية. كان كافيا اتصال هاتفي من وزير الخارجية الأميركي، جون فوستر دالاس، برئيس الوزراء البريطاني، أنتوني إيدن، كي تنسحب بريطانيا عسكريا من قناة السويس ومعها فرنسا وكي تخلي إسرائيل سيناء.

في ذلك الاتصال الهاتفي المشهور، وضع دالاس بريطانيا، التي لم تكن قد انسحبت بعد من منطقة الخليج، في حجمها الحقيقي. أفهم وزير الخارجية الأميركي رئيس الوزراء البريطاني أن من يحكم المعسكر الغربي هو الولايات المتحدة، وأن ليس واردا إقدام بريطانيا على أيّ مغامرة عسكرية من دون العودة إلى واشنطن. الأكيد أنّه لم تكن من حاجة إلى اتصال من وزير الخارجية الأميركي بالمسؤولين الفرنسيين أو الإسرائيليين لإفهامهم ما هو المطلوب منهم. كان على الجميع تنفيذ التعليمات الصادرة عن واشنطن من دون أي سؤال من أيّ نوع. كان ذلك في أيّام العز الأميركية، أيّام أيزنهاور، وليس في أيام الإدارة التي على رأسها باراك أوباما.

فهمت بريطانيا أن كلّ ما عليها أن تفعله بعد خسارتها حرب السويس هو أن تتحوّل إلى حليف لأميركا. هذا ما استوعبته إسرائيل أيضا. أمّا فرنسا، فإنّها اتجهت إلى بناء أوروبا. ليس صدفة أن اللبنة الأولى للسوق الأوروبية المشتركة وُضعت مباشرة بعد انتهاء حرب السويس، وذلك عندما وقّعت كلّ من فرنسا وألمانيا وإيطاليا ودول “البينيلوكس” الثلاث، أي بلجيكا وهولندا ولوكسمبور، معاهدة روما التي أسست في مارس من العام 1957 لقيام السوق الأوروبية التي مهّدت بدورها لقيام الاتحاد الأوروبي لاحقا.

عرفت تاتشر كيف تعمل من أجل استعادة مكانة بريطانيا مستندة إلى الحلف القائم مع الولايات المتحدة من جهة، والعلاقة الجديدة بأوروبا التي بدأت تنمو في العام 1975 من جهة أخرى. جعلت من بريطانيا جسرا بين أميركا وأوروبا. لم يمنعها ذلك من المحافظة على خصوصية المملكة المتحدة التي لم تنضم إلى “معاهدة شنغن”، كما حافظت على عملتها بدل اعتماد “اليورو”.

كشفت نتيجة الاستفتاء بريطانيا. كشفت الأحزاب البريطانية. كشفت خصوصا أنّ الانحدار لم يتوقف منذ العام 1956. كلّ ما هناك أن مارغريت تاتشر عرفت كيف توقفه مؤقتا، وأن تخلق دورا للبلد مبنيّا على اقتصاد من نوع جديد يقوم على الفكر الليبرالي، وعلى تطوير قطاع الخدمات. سمح ذلك للندن بأن تصبح أحد أكبر المراكز المالية في العالم، والمملكة المتحدة مركز استقطاب لكلّ أنواع الصناعات في ظل اقتصاد مرتبط بالعولمة.

هل الجهل الذي حمل أكثرية على التصويت مع الخروج من أوروبا؟

الجواب نعم، لا لشيء سوى لأن الذين صوّتوا مع الخروج لم يجدوا من يشرح لهم النتائج الخطيرة لمثل هذا التطوّر. الأخطر من ذلك، أن المملكة المتحدة تدخل مرحلة ما بعد الاستفتاء من دون رجال دولة… إلا إذا تبيّن أن تريزا ماي، المرشحة لخلافة ديفيد كاميرون على رأس حزب الحافظين وفي موقع رئيس الوزراء، قادرة على أن تكون مارغريت تاتشر أخرى. من الصعب الرهان على تلك المرأة على الرغم من أن لديها مؤهلات كثيرة. ولكن هل من أمل آخر لبريطانيا غيـر رئيس للوزراء يمتلك شخصية رجل دولة، ويعرف في الوقت ذاته ماذا يريد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انحدار بريطاني بدأ قبل ستين عاماً انحدار بريطاني بدأ قبل ستين عاماً



GMT 11:33 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طموح نتانياهو.. في ظلّ بلبلة ايرانيّة!

GMT 12:51 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

نتنياهو وتغيير وجه المنطقة... في ظل بلبلة إيرانيّة!

GMT 09:19 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السنوار يكتب مستقبل غزّة ولبنان... ولكن!

GMT 21:09 2024 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان اليوم التالي.. تصوّر إيران لدور الحزب

GMT 21:41 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

العودة التي لا مفرّ منها إلى غزّة

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 09:12 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

لاعبو منتخب "الأسود" يؤكدوا ثقتهم في الركراكي

GMT 08:54 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

العام الحالي 2023 الأكثر حرّاً في التاريخ المسجّل

GMT 16:07 2023 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

علماء الآثار يزعمون اكتشاف "خريطة كنز عملاقة"

GMT 05:19 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زينّي حديقة منزلك بـ"فانوس الإضاءة الرومانسي"

GMT 09:00 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

" ديور " تطرح ساعات مرصعة بالألماس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib