إنه مغربي يا سيادة القاضي
دونالد ترامب يفضل السماح لتطبيق تيك توك بمواصلة العمل في الولايات المتحدة لفترة قصيرة على الأقل شركة طيران أمريكية تجبر أحد الركاب على ترك مقعده في الدرجة الأولى لصالح كلب مرافق مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل مطار دمشق الدولي يُعلن تمديد تعليق الرحلات الجوية حتى الأول من يناير 2025 الحوثيون يؤكدون إفشال هجوم أميركي بريطاني على اليمن باستهداف حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس ترومان" إسرائيل تنفي مغادرة أي وفد لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى القاهرة 10 جنود إيرانيين شباب لقوا حتفهم في حادث سقوط حافلة في واد غرب إيران سقوط نحو 300 قتيل في اشتباكات عنيفة بين قوات سورية الديمقراطية وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا في محيط سد تشرين وزارة الصحة في غزة تكشف أن عدد ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ارتفع إلى 45,259 شهيداً و107,627 مصاباً من 7 أكتوبر 2023 تسجيل 76 حالة وفاة و768 إصابة جراء إعصار شيدو الذي ضرب مقاطعات "كابو" و"ديلغادو" و"نابولا" و"نياسا" في شمال موزمبيق
أخر الأخبار

إنه مغربي يا سيادة القاضي

المغرب اليوم -

إنه مغربي يا سيادة القاضي

بقلم - توفيق بو عشرين

طرح القاضي الجنائي، علي الطرشي، سؤالا غريبا، أو قل مستغربا، على المتهم في ملف حراك الريف، محمد الحمدالي، وقال له: «هل أنت مغربي؟»، فغضب كل من كان في قفص الاتهام، وملأت الاحتجاجات قاعة المحكمة، وطالب الدفاع بسحب السؤال والاعتذار إلى المتهم شرطا لاستئناف أطوار المحاكمة.

الحمدالي، وبعدما شرح للمحكمة دلالات العلم الأمازيغي، الذي كان يرفرف في تظاهرات الريف، وأن هذا العلم جزء من التراث المغربي، أصر القاضي على طرح السؤال المستفز: «واش انت مغربي؟»، فرد المتهم: «أنا مغربي وأفتخر»..

هذه ليست أول مرة يطرح فيها السؤال حول وطنية شباب الريف، الذين خرجوا يطالبون بحقوقهم الاجتماعية في الشارع، فقد سبق لحكومة العثماني أن اتهمتهم بالخيانة والعمالة للخارج، قبل أن ترتبك وتراجع تصريحاتها في بلاغ مكتوب مناقض لتصريحات زعماء الأغلبية في بيت العثماني بسلا… وطبعا تبعت الحكومة وسائل إعلامها في تخوين الشباب، والشك في وطنيتهم، باعتبار أن هذا هو السلاح المدمر الذي يمكن أن يستعمل مع أي معارض، لما له من دلالات عاطفية تحجب إعمال العقل، وتضلل البسطاء من الناس الذين لا يفرقون بين الوطن والنظام، وبين النظام والحكومة، وبين الحكومة والقانون والقضاء والحقوق الأساسية للبشر، بما فيها الاختلاف حتى حول مفهوم الوطن.

لنخرج من قاعة محكمة الاستئناف في البيضاء، ولندخل إلى نقاش هادئ وبيداغوجي حول الوطنية، والبحث عمن هو الوطني ومن ليس بوطني.

الوطنية، ببساطة ودون الدخول في دلالات المفهوم الفلسفية والسوسيولوجية، هي إحساس فرد بالانتماء إلى أرض، عليها تاريخ وثقافة وتراث مشترك، والوطنية تعني وجود ولاء للفرد تجاه الوطن، واستعداد للتضحية من أجل استقلال ورفاهية وتقدم هذا الوطن، ووظيفة المشاعر الوطنية أنها تبني الانتماء القومي للجماعة، وتحفزها على التضحية من أجل الدفاع عن الوطن، وعلى العمل من أجل ازدهاره وتقدمه. الوطنية، إذن، مفهوم سياسي وأخلاقي عام يربط المواطنين بالأرض التي يعيشون فوقها، ويحول التراب إلى وطن، والجغرافيا إلى قيم، والحدود إلى انتماء.

مفهوم الوطنية، على قداسته وأهميته في بناء الأوطان وتوثيق عرى الولاء للعلم، تحيط به جملة من المفاهيم المتطرفة والخطيرة التي تهدد الوطنية ذاتها وحاملها بمثل هذه المفاهيم «الشوفينية، والفاشية، والعنصرية». لنشرح بإيجاز هذه المفاهيم وسياقها ومخاطرها على الوطنية.

في القرن الثامن عشر، كان هناك جندي متعصب يلازم نابليون بونابرت اسمه Nicolas chauvin، عرف بتطرفه في الدفاع عن فرنسا وعن قرارات حكومتها، وعن تصرفات نابليون دون منطق ولا قناعة ولا تفكير، ورغم الخسارات المتتالية، والحروب الكثيرة التي كان نابليون يخوضها، كان الجندي chauvinمتعصبا في الدفاع عنها، ويتبع قائده أينما ذهب، ويهاجم خصومه بحدة وعنف كبيرين. هنا خرج مفهوم chauvinism من اسم هذا الجندي المتعصب، وأصبح مفهوما يستعمل لوصف فرد أو جماعة أو فكر يتعصب لوطنه أو لدولته أو لقائده دون استعمال للعقل، ودون ربط الوطنية بالمصلحة وبالأخلاق والقيم.

مصطلح الفاشية، بالإنجليزيةfascism، مشتق من الكلمة الإيطالية fascio، وهي تعني حزمة من المفاتيح الكبيرة كان يحملها شخص أمام إمبراطور روما القديمة دليلًا على اتساع سلطاته. وكانت هذه السلسلة المسماة «فاشيو» تضم مفتاحا يرمز إلى سلطة الجيش، وآخر يرمز إلى سلطة القضاء، وآخر يرمز إلى سلطة حاكم، وآخر يرمز إلى السلطة على الأرض وخيراتها، ومفتاح يرمز إلى سلطة الإعدام… الفاشيو كان تعبيرا عن جمع كل هذه السلط في يد واحدة لحاكم واحد، رمز للوطن وللجماعة ولكل شيء على أرض روما.

وفي القرن التاسع عشر بدأت كلمة فاشيا «fascia» تستخدم في إيطاليا، وجاء موسوليني، في عشرينات القرن العشرين، فجعل منها نهجا في الحكم يعيد صياغة الوطنية في إيطاليا، وفي الوقت نفسه، يعادي الديمقراطية، حيث جمع بين يديه كل السلط وصار فاشيا، وقال قولته الشهيرة: «نسمع للشعب عندما يتعلق الأمر بوضع نافورة في قرية، لكن لا صوت للشعب عندما يكون القائد يصنع التاريخ»، وهكذا اختزل موسوليني الوطن والوطنية في شخص القائد.

العنصرية تعني التسليم بوهم أن هناك عرقا أفضل من آخر، وسلالة أحسن من أخرى، ولهذا وجب على الأفضل أن يحكم الأرذل، ومن تمظهرات هذه العنصرية النازية، التي ولدت بعد الحرب العالمية الأولى على يد أدولف هتلر ومن معه، حيث بحثوا عن طريقة لإعادة إحياء الأمة الألمانية التي خرجت مدمرة من الحرب العالمية الأولى، فوجدوا في نظرية تفوق العرق الآري على سواه، وضرورة الحفاظ على طهارته ولو بإبادة عرق آخر.. وجدوا في هذه النظرية العنصرية طاقة رهيبة للنفخ في الوطنية الألمانية، وإعادة تسليح الجيش وتحطيم الحدود والسيطرة على العالم، ودائما بمبررات وطنية، وبقية القصة وفاتورة خسائرها معروفة.

أمام هذه «الألغام الثلاثة» بدأت العقول المفكرة في الغرب في تفكيك مفهوم الوطنية، وتسييجها حتى لا تصبح مدمرة لأهلها وللآخرين، فجرى ربط الوطنية أو القومية بالأخلاق والقيم الكبرى (العدل، الحرية والكرامة والمساواة)، وهذا مثلا ما جعل مثقفين كبارا في الغرب ينتقدون استعمار بلدانهم دولا ضعيفة في إفريقيا وآسيا، ولم يمنعهم الوطن ولا الوطنية من انتقاد دولهم في محاولة لفك الارتباط بين سلوك الأنظمة والحكومات ومفهوم الوطن المسيج بقيم أخلاقية لا تبدلها المصالح، وهذا، مثلا، ما دفع الصحافي الأمريكي سيمور هيرش إلى فضح جرائم سجن أبوغريب التي تورط فيها الجيش الأمريكي في العراق، ولم يمنعه حبه لأمريكا وولاؤه لها من كتابة تحقيق أصبح وثيقة لإدانة الجيش الأمريكي في العراق، ولم يخرج أحد ليتهم هيرش بأنه غير وطني وخائن، مع أن تحقيقه تسبب في ارتفاع القتلى في صفوف الجيش الأمريكي في العراق بعد انكشاف فضيحة أبوغريب. لماذا؟ لأن الوطنية مربوطة بقيمة العدل، ولأن أفعال الجيش لا تحسب على الوطن، بل على سياسة حكومة ستزول ويبقى الوطن.

لذلك، وجب على سعادة القاضي، ومعه سعادة الوكيل العام، وقبله على سعادة رئيس الحكومة، وبعدهم جوقة الصحافة «الشوفينية»، أن يحذروا وهم يقتربون من مفهوم الوطنية، وأن يبتعدوا عن تجريد المواطنين من وطنيتهم، فهذا سلاح خطير، وقد يرتد إلى مستعمله، والله أعلم من قبل ومن بعد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنه مغربي يا سيادة القاضي إنه مغربي يا سيادة القاضي



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
المغرب اليوم - المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع

GMT 13:49 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
المغرب اليوم - الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 09:12 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

لاعبو منتخب "الأسود" يؤكدوا ثقتهم في الركراكي

GMT 08:54 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

العام الحالي 2023 الأكثر حرّاً في التاريخ المسجّل

GMT 16:07 2023 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

علماء الآثار يزعمون اكتشاف "خريطة كنز عملاقة"

GMT 05:19 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زينّي حديقة منزلك بـ"فانوس الإضاءة الرومانسي"

GMT 09:00 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

" ديور " تطرح ساعات مرصعة بالألماس

GMT 18:37 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

شيرى عادل فى كواليس تصوير "بنات سوبر مان"

GMT 02:51 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

شيرين سعيدة بنجاح "سابع جار" ودورها في "عائلة زيزو"

GMT 08:44 2016 الثلاثاء ,27 أيلول / سبتمبر

لائحة مغربيات لمعت أسماؤهن في سماء الموضة العالمية

GMT 10:55 2016 الخميس ,21 تموز / يوليو

ماريو غوتزه ينضم إلى بروسيا دورتموند رسمياً
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib