شلل العقل السياسي للبيجيدي

شلل العقل السياسي للبيجيدي

المغرب اليوم -

شلل العقل السياسي للبيجيدي

بقلم : توفيق بو عشرين

تعطل العقل السياسي للعدالة والتنمية، ووقفت قياداته عاجزة عن إيجاد مخرج للانقسام الحاصل عموديا وأفقيا في الحزب، حول الحكومة الهجينة التي يقودها سعد الدين العثماني بدون بوصلة سياسية، والذي يريد دليلا ملموسا على الشلل الذي أصاب عقل الحزب الأول في المغرب فما عليه إلا أن يقرأ بيان الأمانة العامة، الصادر عن اجتماع الثلاثاء، الذي جرى في غياب عبد الإله بنكيران، الذي يؤدي مناسك العمرة في مكة، ويحصي في فناء الكعبة المشرفة الخسائر الفادحة التي لحقت الحزب، وربما يداوي ظهره من طعنات إخوانه.

يدعو بيان الأمانة العامة لحزب المصباح «مناضلي الحزب إلى التحلي باليقظة وروح المسؤولية، والتمسك بمقتضيات الأخوة الصادقة وحسن تدبير الاختلاف، وتفويت الفرصة على المتربصين بالحزب». كلام جميل، كلام معقول، لكن، كيف السبيل إلى ذلك ومناضلو الحزب والمتعاطفون معه يتابعون كيف يهدر العثماني ووزراؤه الرصيد الشعبي للحزب ومصداقيته لدى الناخبين، وكيف قبل وزراء الحزب أن يبيعوا أصوات الناس بالجملة للمشاركة في حكومة أخنوش التي يقودها العثماني.

اتصل واحد من قادة الحزب المشاركين في الحكومة بأحد المناضلين في الشبيبة الغاضبة من التنكر لمشروع الحزب في مقاومة التحكم من قبل قادته، فقال له هذا الشيخ التبريري: «يا أخي، اتق الله في الحزب، وحافظ على بيضة التنظيم»، فرد عليه الشاب بمنطقه نفسه وقال له: «اتق الله أنت في أصوات المواطنين وثقتهم، أما بيضة التنظيم فتريدني أن أحافظ عليها لتقوم أنت بسلقها وأكلها على مائدة المجلس الحكومي».

هذه واحدة من الصور التي تعكس الخلاف الكبير الموجود الآن وسط الحزب إزاء تقييم اللحظة السياسية لما بعد الإطاحة ببنكيران، وتشكيل حكومة القوة القاهرة خارج روح السابع من أكتوبر، بين تيارين؛ الأول يعتبر أن العثماني ومن معه يسيرون بسرعة كبيرة نحو تغيير العقيدة السياسية للحزب، وأطروحته الرئيسة (البناء الديمقراطي)، وجعل العدالة والتنمية حزبا في خدمة الدولة، وليس في خدمة الانتقال الديمقراطي، مع المس باستقلالية القرار الحزبي. ويدعو هؤلاء، في الحد الأدنى، إلى فصل قيادة الحزب عن قيادة الحكومة، واسترجاع القرار الحزبي، وكتابة دفتر جديد للمطالب الإصلاحية (سياسية ودستورية)، لتجاوز عثرة البلوكاج التي أجهضت مشروع بنكيران، وهناك توجه آخر داخل الحزب يريد طَي صفحة بنكيران، وتحميله هو، وليس السلطة، مسؤولية خمسة أشهر من البلوكاج، والاحتكاك الذي حصل بين الحزب والعرش، وكاد يتسبب في حادثة سير مميتة، كادت تهدد كل ما بناه الحزب والحركة خلال عشرين سنة مضت، وهؤلاء يعتبرون أن مجرد المشاركة في الحكومة، ولو بمناصب رمزية، أفضل من الخروج إلى صحراء المعارضة، والاصطدام بالدولة التي ضاق صدرها ذرعا بالحزب بعدما اتسع نفوذه في المجتمع.

أظهرت تطورات الأحداث أن اللحظة السياسية الراهنة أكبر من قيادات العدالة والتنمية، التي اجتمعت مساء الثلاثاء لثلاث ساعات، وخرجت ببيان بارد بلا طعم ولا رائحة، توصي فيه مناضلي الحزب بضرورة امتلاك قراءة جماعية للحظة السياسية الراهنة، وهذا تصور مثالي غير ممكن، لأن المواقع تختلف، والطموحات تختلف، والقراءات تختلف، وحتى الهواجس تختلف.

إن الحزب في غياب بنكيران أظهر أنه عاجز عن تقديم جواب سياسي عن الزلزال الذي أصابه، فلجأ إلى الجواب الأخلاقي الذي يمتح من أدبيات درء الفتنة كما عاشها المسلمون طيلة تاريخهم.

ينسى قادة العدالة والتنمية أنهم لم يعودوا «إخوان» في حركة دينية، بل صاروا مناضلين في حزب سياسي، وأنهم ليسوا مؤتمنين على «الدعوة»، بل هم مؤتمنون على أصوات مليوني مغربي وضعوا ثقتهم في حزب المصباح، وفوضوا إليهم مهمة قيادة البلد نحو الإصلاح الديمقراطي في ظل الاستقرار السياسي… لهذا، فان بلاغ الأمانة العامة مجرد حبة أسبرين تعطى لشخص ينزف ويحتاج إلى دخول المستشفى لإنقاذ حياته… حتى إن المجتمعين في حي الليمون لم يجرؤوا على دعوة المجلس الوطني للحزب إلى اجتماع استثنائي للبت في ما يعيشه التنظيم من انقسامات كبيرة تعبر عن نفسها على صفحات الفايسبوك، لأنها لم تجد فضاء تعبر فيه عن قلقها حيال آمال كبيرة تُجهض بالتقسيط.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شلل العقل السياسي للبيجيدي شلل العقل السياسي للبيجيدي



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 01:29 2023 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

فيسبوك يغير شعاره إلى اللون الأزرق الداكن

GMT 20:43 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

المغرب يُنافس في بطولة العالم للملاكمة

GMT 21:54 2023 الجمعة ,17 شباط / فبراير

الليرة تسجل تدهوراً جديداً فى لبنان

GMT 23:47 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أسواق الخليج تتباين ومؤشر "تداول" يتراجع 0.2%

GMT 20:22 2022 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة "بيتكوين" تخسر أكثر من عشر قيمتها في 24 ساعة

GMT 08:05 2022 الأحد ,20 آذار/ مارس

مطاعم لندن تتحدى الأزمات بالرومانسية

GMT 15:13 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

شاب يذبح والدته ويلقيها عارية ويثير ضجة كبيرة في مصر

GMT 12:02 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

تعرفي علي اطلالات أزياء أمازيغية من الفنانات مغربيات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib