من هنا وهناك

من هنا وهناك

المغرب اليوم -

من هنا وهناك

بقلم : توفيق بو عشرين

أول مهمة قام بها وزير الداخلية الجديد، عبد الوافي لفتيت، حتى قبل تنصيب الحكومة التي ينتمي إليها من قبل البرلمان، هي محاولة إطفاء نيران الحسيمة التي أكملت ستة أشهر الآن، ولا بوادر عن قرب انتهائها، ولا أعرف بأي لغة تحدث لفتيت مع الريفيين، ولا أعرف ما هي الوعود التي قدمها لهم غير قوله إن هناك «تعليمات صارمة بالتنفيذ الأمثل لمشاريع التنمية في المنطقة».

هذا يعني أن التنفيذ غير الأمثل هو القاعدة في المغرب، وأن التنفيذ الأمثل سيطبق فقط في المدن التي يحتج فيها الناس ويخرجون إلى الشارع. لفتيت قال أيضا للأحزاب وجمعيات المجتمع المدني في الحسيمة: «إن الاحتجاجات في الريف لها طابع اجتماعي، وإن هناك أياد تلعب في هذا الحراك». هذا كلام لا يقدم ولا يؤخر، وقاله قبلك حصاد والضريس. المشكل سياسي، وأوله أن الريفيين، كما سكان مناطق كثيرة في المغرب، لا يجدون من يمثلهم في المؤسسات (البرلمان، والجهات ومجالس المدن)، وليس لديهم وسيط موثوق به يدافع عنهم في الرباط، عاصمة القرار السياسي، وأنت، يا سيد لفتيت، النموذج الصارخ عن اختلال العلاقة بين المواطن والدولة. أنت وزير تقنوقراطي لم يصوت لك أحد، ولا اختارك أحد، وأنت غير متقيد بأي برنامج حكومي، حتى إن الحزب الذي يقود الحكومة لم يقبل بك إلا مكرها، فكيف تقول إن المشكل اجتماعي وليس سياسيا؟ عندما يشاهد المواطنون الحزب الأول في الانتخابات يتعرض لـ«سرقة سياسية» في واضحة النهار، وأن الزعيم الذي تعاقدوا معه يحال على التقاعد المبكر، فكيف يثقون في الاقتراع؟ وكيف يعطون قيمة لأصواتهم؟

أصدرت الحركة الشعبية بلاغا، أول أمس، سيدخل إلى تاريخ «إهانة الأحزاب»، تثمن فيه صباغة حصاد وبن الشيخ بألوان السنبلة. واعتبرت حركة العنصر أن كتابتي دولة تافهتين في حكومة العثماني من شأنهما أن تعززا اهتمام الحزب بالعالم القروي وبالمسألة الأمازيغية! هل مازال هناك أحد في 2017 يثق بهذا الكلام؟ لو سكت العنصر على الإهانة التي تعرض لها الحزب، وفوض أمره إلى الله، كان الناس سيحترمون صمته على الأقل، أما وإنه قبل أن يكري رحمه إلى وزراء لا علاقة لهم بالحزب، فهذا ليس له إلا اسم واحد هو العبث، والذي يقبل هذا العبث، فإنه يدمر الفكرة الحزبية، ويفتح الباب مشرعا للحكم السلطوي الذي يستغني عن الأحزاب أو يلعب بها كما يريد.

في شريط فيديو حديث يتناقله المواطنون عبر الواتساب، نسمع رشيد الطالبي العلمي، وزير الشباب والرياضة عن حزب الحمامة، يقول: «إننا في حزب الأحرار حمينا حزبا تاريخيا ممثلا في البرلمان من الانقراض، من باب حماية الأقليات ودفاعا عن الديمقراطية». عشنا لنرى كيف أصبح حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ينتمي إلى خانة الأقليات المعرضة للانقراض، وأنه حزب أصبح أولى بالرعاية، أو بكوطا يدخل بها إلى الحكومة حتى لا يندثر في الهواء، وأن حزب الأحرار، الذي تأسس في حجر المخزن، هو المكلف بمهمة حماية الاتحاد الاشتراكي من الانقراض… الصورة قاسية جدا إلا على ميت ما لجرح به إيلام، كما قال المتنبي، شيخ الشعراء العرب: ‘‘من يهن يسهل الهوان عليه**ما لجرح بميت إيلام’’.

وأخيرا، بدأ العثماني يفتح فمه بعدما كثرت من حوله الانتقادات، ووجد أن حزبه والمتعاطفين معه لم يبلعوا إهانة ميلاد حكومة مفصولة عن نتائج الاقتراع، فأسر لبعض حوارييه بأنه اعترض على دخول إدريس لشكر شخصيا إلى الحكومة، كما اعترض على دخول ابنة لشكر خولة، ورفيق لشكر يونس مجاهد إلى الوزارة، ولا أعرف السبب الذي جعل العثماني يقبل بدخول الاتحاد الاشتراكي إلى الحكومة ثم يعترض على استوزار رئيس الحزب، الذي يقبل «بسيدي علي يقبله بقلالشو»، والعبرة ليست في الاعتراض على دخول رئيس الحزب إلى الحكومة.. العبرة بالتمسك باستقلالية قرار رئيس الحكومة في اختيار أغلبيته. الباقي تفاصيل لا أهمية لها، ثم لماذا تجرأ العثماني على لشكر ومنعه من دخول حكومة بلا باب، ولم يتجرأ على الاعتراض على دخول لفتيت إلى وزارة الداخلية؟ هذا اسمه «اللعب الصغير»، الذي لن يرتق بكارة افتضت مهما قيل وكتب وغرد.

تلتقي اللقطات الأربع أعلاه في ملتقى واحد عنوانه: «التراجع عن مكتسبات الربيع المغربي»، وإقفال القوس الذي فتح في 2011، وعدم قدرة الدولة على التعايش مع الدستور الجديد ومع نتائج الاقتراع، وأن طريق العودة إلى الماضي يمر عبر جثث الأحزاب… وللي كيحسب بوحدو كيشيط ليه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من هنا وهناك من هنا وهناك



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 12:48 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان السبت 26-9-2020

GMT 11:52 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

تشكيل الوداد لمواجهة النجم الساحلي

GMT 04:35 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

إليكم أفضل الأماكن في لبنان لهواة رياضة ركوب الشواطيء

GMT 12:34 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

موزيلا ستطرح نسخة مدفوعة من فايرفوكس

GMT 01:29 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

10 صنادل مميّزة تكمل أناقة الرجل العصري في 2019

GMT 19:33 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

بايرن ميونخ يفقد أحد أسلحته أمام بريمن
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib