لعب الدراري مستمر…

لعب الدراري مستمر…

المغرب اليوم -

لعب الدراري مستمر…

بقلم - توفيق بو عشرين

أن يذهب إلياس العماري، الأمين العام شبه المستقيل، من رئاسة البام إلى أبيدجان لحضور المباراة النهائية لتصفيات كأس العالم، هذا حقه. أن يشجع المنتخب المغربي، مثله مثل أي مواطن من مدرجات الملعب، هذا أيضا من حقه كمواطن، لكن أن يصر على الرجوع مع المنتخب المغربي في الطائرة نفسها بعد نهاية المباراة، وأن يجلس على المقاعد الأمامية للرحلة التي أقلت المنتخب وطاقمه إلى الرباط، وأن ينزل في مطار سلا صحبة رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم، فوزي لقجع، والمدرب الفرنسي رونار وفريق بنعطية، فهذا اسمه «لعب الدراري»، والاستغلال البئيس لعرس وطني من أجل حسابات سياسية صغيرة لن تزيد شعبية البام المنهارة، ولن تؤخر قرار التخلص من قائد البام، الذي فشل في إدارة حزب السلطة رغم كل الإمكانات التي وضعت بين يديه.
كل هذا كان يمكن أن يكون تفصيلا صغيرا في حفل كبير، لكن غير المستساغ أن يستمر العماري في إيهام الصغير والكبير بأنه تحدث مع الملك، وأنه قال للملك، وأن محمد السادس كلمه، وأصر على ضرورة عودته على متن الطائرة الخاصة التي تقل فقط المنتخب الوطني وطاقمه، وكأن القصر مشغول بالأمن الخاص لإلياس العماري، ومهموم بعدم تركه يأخذ الطائرة العادية إلى البيضاء يوم الأحد، كما فعل سبعة آلاف مغربي حجوا إلى أبيدجان لدعم المنتخب المغربي، ومن أجل القميص ولا شيء غير القميص، في نكران ذات لا يعرف عنه السياسيون شيئا، ولا يفهمون رسالته النبيلة.
إلياس العماري، لمن لا يعرفونه، لا يتقن سوى هذه الألاعيب الصغيرة، فدخوله إلى طائرة المنتخب دون أي صفة، ونزوله في المطار صحبة المنتخب دون أي مناسبة، والتقاط الصور مع الفريق في أبيدجان وبعثها إلى كتائبه الفايسبوكية لترويجها في المغرب، كان الغرض من كل هذه «العملية التواصلية» الإيحاء للجمهور بأن أمين عام البام لم يمت، وأنه قادر على تصدر أكثر المشاهد أهمية ورمزية في البلد، وأن مهمته مازالت مستمرة، وأن الحماية التي أسبغت عليه مستمرة. ثانيا، كل ما كان يريده العماري من هذا التطفل على المنتخب هو التقاط صورة تظهره شريكا في هذا النصر الكبير الذي لم يتعب فيه ولم يعرق، ولا يعرف كيف يفعل ذلك. ثالثا، الغرض من الحضور غير اللبق لابن الريف في صورة عودة المنتخب منتصرا، هو مزاحمة فوزي لقجع في المشهد الأكثر رمزية، وإعطاء انطباع خاطئ بأن إلياس العماري هو من جاء بلقجع إلى رئاسة الجامعة الملكية لكرة القدم، وبالتالي، فإن اقتسام الغنائم معه أمر عادي، بل ومطلوب، بل ومشروع.
هذه الحادثة تكشف «القيمة المضافة» لإلياس العماري وحزبه في المشهد السياسي والوطني، حيث السياسة عنده «تنوعير»، والوطن opération de com، وعقول الناس أكياس بلاستيك يمكن ملؤها بأي شيء، والحقيقة لا تصمد أمام الأكاذيب، وأن الحديث باسم القصر هواية مدرة للربح المادي والسياسي. ومادام الناطق الرسمي للعرش ساكتا حياء وكياسة، فلمَ لا يلعب العماري في الأماكن الأكثر التباسا، مادام لا يمكن أحدا أن يستفسر الديوان الملكي عن الصفة التي يتحدث بها زعيم البام.
إلياس العماري، ومن على شاكلته، لم يفهموا شيئا من درس تأهل المنتخب المغربي نهاية الأسبوع الماضي، ولم يدركوا خلفيات التفاف المغاربة حول منتخبهم، فالعماري ومن يشبهه مازالوا يتصرفون بعقلية وزير الداخلية السابق، الراحل إدريس البصري، الذي كان يوظف الرياضة في السياسة، ويقرض الغزل في فريق نهضة سطات، ظنا منه أنه سيسرق عائدات شعبية الكرة المستديرة ليغطي بها عجز المصداقية في سلوكه السياسي، وفي الأخير، اكتشفنا جميعا أن البلاد خسرت الرياضة والسياسة، ومعهما خسرت احترامها لنفسها. وبقية القصة التي يعرفها مؤرخو الرياضة تقول: إن مباراة لكرة القدم في الدوري الأول كانت تجمع بين الكوكب المراكشي والنهضة السطاتية سنة 1993، وإن الجمهور المراكشي الذي حل بملعب سطات ضيفا على النهضة فوجئ بغياب الفريق المضيف عن اللقاء، هو ولاعبوه وطاقمه التقني وجمهوره أيضا، فقررت الجامعة معاقبة الفريق المتغيب عن المقابلة بالخسارة والغرامة. جرى ذلك بالتزامن مع مرور الملك الحسن الثاني من سطات متوجها عبر القطار إلى مراكش، فما كان من إدريس البصري إلا أن حمل فريق نهضة سطات، بلاعبيه وطاقمه التقني، ووضع الجميع في محطة القطار لاستقبال الحسن الثاني، أو بالأحرى للركوع أمام القطار الملكي الذي كان يسير بسرعة 200 كلم في الساعة، ولما بلغ إلى علم الملك الحسن الثاني خبر تغيب نهضة سطات عن المباراة ضد الكوكب، سأل إدريس البصري في ملعب الغولف عن سبب تغيب فريقه المفضل، فرد البصري قائلا: “وهل أترك يا مولاي الموكب الملكي وأذهب إلى الكوكب المراكشي؟”. ضحك الملك من جواب وزير داخليته، لكن عقابه نزل بالمديوري وبالزموري، رئيس الجامعة الملكية آنذاك، وتقررت إعادة المقابلة، ومسح العقوبة في حق نهضة سطات التي ذهبت إلى الموكب وتركت الكوكب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لعب الدراري مستمر… لعب الدراري مستمر…



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 17:57 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب
المغرب اليوم - «حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

GMT 11:20 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
المغرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
المغرب اليوم -

GMT 21:05 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 04:31 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

قلة تناول "أوميغا 3" يؤدي إلى ضعف السلوك الاجتماعي

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الذهب يلامس قمة جديدة والفضة عند أعلى مستوى في 12 عاما

GMT 06:11 2017 السبت ,17 حزيران / يونيو

تعرف على توقعات أحوال الطقس في طنجة السبت

GMT 15:38 2014 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الحلاوة الطحينية

GMT 06:15 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

شركات الأقمشة تطرح تصميماتها الرائعة من حرير "الدمسق"

GMT 18:40 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

عمرو أديب يستضيف إسلام البحيري بعد العفو الرئاسي عنه

GMT 18:34 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فلويد مايويذر يقوم بجولة يزور خلالها 8 مدن إنجليزية

GMT 19:41 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

تسرّب الماء الصالح للشرب في مدينة بركان المغربية

GMT 03:47 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

جيهان السادات تنفي تورط مبارك في اغتيال الرئيس الراحل

GMT 14:45 2016 الجمعة ,15 كانون الثاني / يناير

نور الشربيني بطلة جي مورجان للإسكواش للمرة الأولى

GMT 05:25 2015 الأربعاء ,14 كانون الثاني / يناير

11 حالة إغماء داخل مؤسسة تعليمية في تمارة

GMT 11:44 2014 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

عمر القزابري يحيي حفل تأبين الوزير الراحل باها
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib