ناصر عورتهم من تعرت لا عورتك

ناصر.. عورتهم من تعرت لا عورتك

المغرب اليوم -

ناصر عورتهم من تعرت لا عورتك

بقلم : توفيق بوعشرين

ما هذه القدرة الهائلة على مراكمة الأخطاء والخطايا؟ ومن أين لكم هذه العبقرية في صب الزيت على النار؟ ومن يسعى إلى النفخ في الرماد لإشعال نار الفتنة؟ هل الزفزافي زار كوميساريات المغرب وسجونه أم مر من سجن أبوغريب؟ كيف يتصور عقل مريض أن تسريب فيديو الزفزافي عاريا إلى الرأي العام سيمس صورته أو كبرياءه أو احترام الناس له، أو يبرئ من اتهمه تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان بممارسة التعذيب؟ كيف سيشعر المغاربة عموما، وسكّان الريف على وجه الخصوص، والسلطة تعري عورة سجين لا حول ولا قوة له، وتعرضه أمام الجمهور لكسر نفسيته ونفسية أنصاره؟ حتى الحرب لها قانون، والقتل له قانون، والإعدام المادي والرمزي له أخلاق… والذي جرى ليلة الاثنين لا يمس في شيء ناصر الزفزافي، بل يمس حرمة الدولة، وأخلاق الدولة، وصورة الأجهزة التي أعطاها القانون اختصاص اعتقال الزفزافي والتحقيق معه، وسجنه إلى أن يقول القضاء كلمته.

الذي تعرض للإهانة هي صورة القانون في بلاد مازالت الأجهزة الأمنية فيها تتصرف دون أي إحساس بالمسؤولية، ودون أدنى شعور بخطر المحاسبة والمعاقبة. بهذه التصرفات تحول السلطة حراك الريف من طابعه الاجتماعي إلى طابع سياسي، وحتى عرقي. يتظاهر الناس بشكل سلمي، فتتحرك العصا على الرؤوس. يُعتقل العشرات، فيتعرضون للتعذيب بشهادة أطباء المجلس الوطني لحقوق الإنسان. يتجمهر بعض الحقوقيين في الرباط، فيتعرض أبرزهم للصفع، وآخرهم للركل. يوقع الزفزافي رسالة ويبعثها مع محاميه إلى قاضي التحقيق، فيرد سجان المملكة ببيان ناري يسب المحامي، ويتهمه بإشعال نار الفتنة، ويتوعده بالمتابعة، ثم، ولكي يسقطوا آخر ورقة توت عن عورة المقاربة الأمنية، يصورون الزفزافي شبه عارٍ، ويبعثون الصور للنشر. هذا لم يحدث حتى في سنوات الجمر والرصاص، التي مازال المداد الذي كتب فظاعاتها طريا لم يجف بعد.

الحقيقة الأولى هي أننا وهذه العقليات المتحجرة لا نعيش في العصر نفسه، ولا نحيا معا تحت سقف العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين… لهذا تتعطل لغة الحوار بيننا، وينقطع حبل التواصل. الحقيقة الثانية أن احتمال وجود صراع شرس بين أجهزة السلطة ومؤسساتها وارد جدا، وهو الذي يفسر هذه التجاوزات وهذه الانتكاسات، وهذا الغياب لمايسترو واحد مسؤول عن ضبط الإيقاع أمام جوقة كل واحد فيها «تيلغي بلغاه». الحقيقة الثالثة أن حكومة العثماني، وأمام كل هذه التجاوزات الخطيرة، هي الضحية الثانية بعد شباب حراك الريف، وأن هناك من يريد ليس فقط إضعافها، فهي ضعيفة أصلا، بل يريدون سحقها، وسحق المكانة التي أعطاها الدستور وبنكيران لمؤسسة رئاسة الحكومة، حتى نعود إلى الوراء، عندما كان الوزير الأول مجرد كبير موظفين يؤمر فيطيع، ويهان فيصمت. (مرة احتج أحمد عصمان على عدد ونوع الوزارات التي أعطاها الوزير الأول، المعطي بوعبيد، لحزب الأحرار، وبعث صهر الحسن الثاني برسالة إلى القصر يحتج على ما أعطاه إياه المعطي، فرد عليه الملك الراحل بالقول: «آش عند المعطي ما يعطي؟ تكلم معي مباشرة»). الحقيقة الرابعة أن النخب والجمهور، على السواء، يقفون أمام كل هذه الأحداث وأفواههم مفتوحة، وعلامات الاستغراب تحيط بهم، وسؤال واحد يتردد في كل مجالسهم: هل ما يجري هذه الأيام في علم الملك؟ وهل هناك من يبلغ الجالس على العرش بتفاصيل هذه الأخطاء الكارثية التي تقع، والتي لا تهدد، فقط، سمعة البلاد ومؤسساتها، بل كذلك استقرار مملكته؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ناصر عورتهم من تعرت لا عورتك ناصر عورتهم من تعرت لا عورتك



GMT 14:36 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

انتقام... وثأر!

GMT 14:29 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 14:20 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 13:58 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

بايدن والسعودية

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 01:29 2023 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

فيسبوك يغير شعاره إلى اللون الأزرق الداكن

GMT 20:43 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

المغرب يُنافس في بطولة العالم للملاكمة

GMT 21:54 2023 الجمعة ,17 شباط / فبراير

الليرة تسجل تدهوراً جديداً فى لبنان

GMT 23:47 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أسواق الخليج تتباين ومؤشر "تداول" يتراجع 0.2%

GMT 20:22 2022 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة "بيتكوين" تخسر أكثر من عشر قيمتها في 24 ساعة

GMT 08:05 2022 الأحد ,20 آذار/ مارس

مطاعم لندن تتحدى الأزمات بالرومانسية

GMT 15:13 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

شاب يذبح والدته ويلقيها عارية ويثير ضجة كبيرة في مصر

GMT 12:02 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

تعرفي علي اطلالات أزياء أمازيغية من الفنانات مغربيات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib