الأمير الذي يغذي الأوهام
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

الأمير الذي يغذي الأوهام

المغرب اليوم -

الأمير الذي يغذي الأوهام

بقلم - توفيق بو عشرين

في مطار شارل دوغول في باريس ملصق إعلاني كبير لعدد مجلة le point، وعليه صورة لولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، بعنوان مثير هذا نصه: «الأمير الذي يمكنه أن يغير كل شيء».. يتطلع أغلبية المسافرين إلى صورة هذا الأمير، بكوفيته المزركشة ولحيته الخفيفة وعقاله الأسود، وربما يسألون أنفسهم: ‘‘من هذا الأمير الذي يستطيع أن يغير كل شيء في عالم لم يبق فيه أمير أو ملك أو رئيس، أو حتى إمبراطور، يستطيع أن يغير كل شيء؟’’.

خلف المبالغة الصحافية لواضع العنوان من أجل إثارة الاهتمام، هناك «رغبة فرنسية وغربية» في جعل محمد بن سلمان بطلا في الحرب على الوهابية، التي يحملها الغرب مسؤولية تغذية التطرف الديني والإرهاب العالمي.

أسمح لنفسي بالقول إن هذه الأمنية ضرب من الوهم. محمد بن سلمان يعرف، كما والده وجده، أن الدولة السعودية قائمة على عمودين: الأول هو البترول، والثاني هو المؤسسة الدينية. الذهب الأسود يعطي الأسرة الحاكمة الإمكانيات المالية لشراء الحماية الدولية من أمريكا، والسلم الاجتماعي في الداخل، ومقايضة حرية الشعب بامتيازات كبيرة أو صغيرة والوهابية هي الإيديولوجيا التي توفر أسس المشروعية لنظام حكم فردي لا يقتسم السلطة مع أحد.

لم ينتبه الغربيون جيدا إلى كلام الشاب الصاعد في سماء الرياض، والذي تلقبه الصحافة الأمريكية بـ«MBS»، حيث قال محمد بن سلمان إنه يريد أن يرجع بإسلام بلاده إلى ما قبل 1979، أي ما قبل دخول الأسرة الحاكمة في مزايدات دينية لإظهار ورع أكبر وتقوى أكثر بعد حادثتين كبيرتين هزتا العرش السعودي، الأولى هي ثورة الإمام الخميني الذي أسس جمهورية إسلامية شيعية، ووعد بتصدير ثمارها إلى الخارج، والثانية هي حادثة اقتحام الحرم المكي في 30 نونبر 1979 من قبل جماعة جهيمان العتيبي، بدعوى أن الأسرة الحاكمة لا تحكم بشرع الله، وأن الإسلام أصبح غريبا في معقله الأول. قضت الدولة على هذه الحركة عسكريا، حيث قتل المئات في الحرم المكي، لكن النظام السعودي تبنى برنامج «جهيمان العتيبي» كاملا، وانعطف نحو التشدد الديني، وفرض الوصاية على المجتمع باسم تطبيق الشريعة، وإعلاء لواء الإيمان، وهو ما فتح الباب لميلاد السلفية الجهادية التي عبرت الحدود السعودية، وصارت إيديولوجيا رسمية للإرهاب العابر للقارات.

منذ 1934 والسعودية تستخرج النفط من بطن الصحراء، وتبيعه للغرب، وتأكل عائداته، دون أن تستطيع تحديث البلاد ولا العباد. إنها لعنة النفط، ومأزق الدول التي تعيش في الزمن الحاضر، وتريد أن تحكم شعوبها بأدوات القرون الوسطى، وهذا ما يجعل النظام السعودي في توتر دائم، مرة مع أبنائه في الداخل، ومرة مع حلفائه مع الخارج، لذلك، فإن الحل ليس بيد أمير مهما كانت سلطته.

محمد بن سلمان منبهر بنموذج الإمارات العربية المتحدة، حيث «التحديث» المادي مفصول عن التحديث السياسي والفكري والثقافي، وحيث الدولة تشتري من المواطنين حريتهم، ونصيبهم في القرار العمومي، بفضل دولة الرفاهية ونظام الامتيازات الاجتماعية، الذي يمنح الأفراد وظائف في القطاع العام بأجور عالية جدا، وبقع أرضية مجانية، واستهلاك للماء والكهرباء دون دفع ثمنهما، وقروض بفوائد مخفضة سرعان ما يجري شطبها، بالإضافة إلى إقامة نظام متطور لإدارة المدن وغابات العمارات التي تخطف أبصار السياح. هذا النموذج غير قابل للتكرار في بلاد عدد أفرادها فوق العشرين مليون نسمة ويدخل إلى سوق الشغل فيها 200 ألف شاب متعلم كل سنة، وفيها مكة المكرمة والمدينة المنورة، بثقلهما الرمزي والسياسي، وفيها عقد موقع بين محمد بن عبد الوهاب، شيخ السلفية، ومحمد بن سعود منذ 1744، وفوق هذا كله نزول حاد في أسعار النفط لا يعطي النظام اليوم إمكانات مالية للصرف على دولة الرعاية الاجتماعية، في بلاد تخوض أربع حروب على أربع واجهات، الأولى في اليمن، والثانية في قطر، والثالثة في إيران، والرابعة في فندق الريتز كارلتون، ضد أمراء الأسرة وأغنياء الرياض الذين يطالبهم MBS بالتنازل عن جزء من ثرواتهم لتمويل خطة 2023.

حكاية الإسلام الراديكالي الذي يطرد النوم من عيون الشرق والغرب حكاية معقدة جدا، وهي لا تحل بضربات خاطفة لأمير، أو قرارات سياسية لحكومة. التطرف الديني طالع من أرض الاستبداد العربي، والفشل التنموي، والإحساس بالإحباط من الأنظمة الداخلية، ومن النظام الذي يحكم العالم، والذي لا يقيم للمسلمين وحقوقهم أي اعتبار وكأنهم «هنود حمر» سينقرضون مع الزمن، ناسيا أن المسلمين كانوا لقرون أصحاب حضارة وإمبراطورية ومكانة بين الأمم، وأن ذاكرتهم أكبر من واقعهم اليوم، لذلك، فإن كل الخطب عن التسامح الديني، وكل البرامج عن الاعتدال الفكري، وكل المحاضرات عن حوار الحضارات تذوب عندما يتبرع ترامب على إسرائيل بنقل عاصمة أمريكا إلى القدس، ويتسبب بجرح كل عربي ومسلم، مهما كان نوع ارتباطه بفلسطين وبالدين.

محمد بن سلمان، الذي يسعى إلى تخليص بلاده من أزماتها، حقق رقما قياسيا عالميا بشرائه أغلى لوحة فنية للرسام العالمي دافنتشي بـ450 مليون دولار، اسمها المسيح مخلص العالم، هذا ما استطاع هذا العام تخليصه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمير الذي يغذي الأوهام الأمير الذي يغذي الأوهام



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:50 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
المغرب اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib