قضاة يعزفون ألحانا متناقضة
أكرم الروماني مدرب مؤقت لفريق المغرب الفاسي كمدرب مؤقت خلفاً للمدرب المقال الإيطالي غولييرمو أرينا منع تام لحضور جمهور الرجاء الرياضي إلى الملعب البلدي ببركان وليس التنقل الجماعي فقط إيران تعلن استئناف المباحثات النووية مع القوى الأوروبية في يناير 2025 جيش الاحتلال الإسرائيلي يُعلن مقتـل 3 عسكريين بينهم ضابط في المعارك التي تجري مع فصائل المقاومة الفلسطينية شمال قطاع غزة قصر الإليزيه يُعلن تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة بقيادة فرانسوا بايرو التقرير الإحصائي اليومي لعدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ444 جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال رئيس مُديرية الأمن العام التابع لحركة حماس السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة دونالد ترامب يفضل السماح لتطبيق تيك توك بمواصلة العمل في الولايات المتحدة لفترة قصيرة على الأقل
أخر الأخبار

قضاة يعزفون ألحانا متناقضة

المغرب اليوم -

قضاة يعزفون ألحانا متناقضة

توفيق بوعشرين

أقدمت السلطات الأمنية على اعتقال شابين في انزكان بتهمة الاشتباه في كونهما تحرشا بفتاتين واستنكرا لباسهما في انزكان.

هذا معناه أن وكيل الملك في انزكان انتبه إلى الخطأ الذي وقع فيه يوم تابع فتاتي التنورة، ونسي جريمة التحرش الأصلية التي ارتكبها مواطنون اعتدوا على كرامة فتاتين في السوق بدعوى أنهما تثيران الغرائز. السيد وكيل الملك، وتحت ضغط الصحافة والرأي العام الذي استنكر متابعة الفتاتين سابقا، تحرك صباح أمس الجمعة، وقرر اعتقال المشتبه في تحرشهما بشابتين كانتا قادمتين من أكادير فتعرضتا للرشق بالحجارة بسبب لباسهما. هذا تدارك محمود من قبل النيابة العامة التي لم تنتبه قبل 20 يوما في حادثة مماثلة إلى أن الأحق بالمتابعة هم من تحرشوا بفتاتي التنورة وأن لباس هاتين الأخيرتين ليس هو الجريمة مادام القانون في المغرب لا يفرض الحجاب أو النقاب أو المحافظة على أحد.
الخطأ الذي وقعت فيه النيابة العامة في انزكان لم تسقط فيه النيابة العامة في فاس، حيث أصدرت بيانا في اليوم نفسه حول الاعتداء الهمجي على مواطن في الشارع العام بدعوى أنه مثلي، وتابعت اثنين من المشتبه فيهما بتعذيب إنسان في الشارع العام وتهديد حياته، وأعقب ذلك بلاغ مشترك لوزيري العدل والداخلية حذر بلغة صارمة المواطنين من مغبة «أخذ الحق باليد»، وتهديد سلطة الدولة.

تكشف الواقعتان أعلاه عددا من الملاحظات والخلاصات المهمة والحساسة؛ أولاها أن البلاد تشهد بروز دور كبير ومؤثر وفاعل للرأي العام، وأن المواطنين، وبفضل وسائل التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا الاتصال وقناة يوتيوب والمواقع الإخبارية والصحافة، أصبحوا يعبرون عن آرائهم، ويؤثرون في القرار، وينتقدون ويطالبون، ويسخرون من القرار السياسي والقضائي بشكل لم تعهده المملكة المحافظة التي نعيش فيها. أي حدث يقع في أية مدينة أو قرية أو حي أو زنقة إلا ويصبح حدثا وطنيا وأحيانا عالميا، كما وقع في فضيحة الكراطا وحادثة الكوبل وغيرهما. إذن، على الحكومة وعلى القضاء وعلى مؤسسات الدولة، صغيرها وكبيرها، أن تأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، وأن تدخل الرأي العام في الاعتبار، وهو رأي عام غير محصور في العالم الافتراضي، بل له تأثير في العالم الواقعي.

الملاحظة الثانية هي أن السياسة الجنائية غير واضحة في المغرب، وكل وكيل ملك في المغرب يتصرف إزاء الحادثة نفسها بشكل مختلف، فوكيل الملك في انزكان تابع الفتاتين لأن لباسهما غير محتشم، وترك الذين تحرشوا بهما واعتدوا على كرامتهما وأمنهما وبعد 20 يوما قرر متابعة آخرين لأنهم تحرشوا بفتاتين متحررتين في لباسهما، ووكيل الملك في فاس تابع الذين اعتدوا على مثلي فاس، ولم يوجه أي تهمة إلى هذا الأخير الذي كان ضحية لا معتديا، ووكيل الملك في تمارة قبل أسابيع قرر متابعة مدرب التيكواندو في حالة اعتقال، وحمل مسؤولية غرق الأطفال الأحد عشر للمدرب، ونسي مسؤولية الدولة، في حين أن الحكومة التي تتبع لها وزارة العدل المشرفة على النيابة العامة كان لرئيسها عبد الإله بنكيران رأي آخر تماما… وهكذا يمكن عرض عشرات الحالات التي تختلف فيها دواعي المتابعة القضائية من قبل وكلاء الملك الذين أعطاهم القانون سلطة كبيرة في التقدير لأن النظام القضائي المغربي يشتغل بمنطق ملاءمة المتابعة عِوَض شرعية المتابعة. هذا المنطق يعطي مرونة في مطابقة النص مع الواقع، لكن هذا لا يعني وجود تضارب كبير في التقدير بين قضاة النيابة العامة إلى درجة تصبح الجريمة في فاس لست جريمة في انزكان، والمجرم في طنجة بريئا في العيون، وهكذا… لا بد من وضع ضوابط ولوائح ومعايير للسلطة التقديرية الموضوعة في يد النيابة العامة التي بمقتضاها تحرك المتابعة أو تحفظها، تعتقل أو تتابع في حالة سراح، توسع البحث أو تضيقه، تستدعي هذا أو لا تستدعي ذاك… لا يمكن للأمور الحساسة التي تثير الرأي العام أن تترك لتقدير موظف في محكمة، في حين أن قراره قد تكون له تداعيات كبيرة وخطيرة على البلد كله، وعلى استقراره وعلى سمعته وعلى مصالحه.

الملاحظة الثالثة التي تستدعيها حوادث انزكان وفاس وتمارة ومراكش وغيرها، هي الثقافة القانونية والحقوقية للقاضي الجالس في النيابة العامة، والتقاليد الموروثة في هذه المؤسسة المعطوبة، حيث الميل إلى التشدد في تفسير النصوص القانونية، وعدم التشبع بالثقافة الحقوقية، وعدم مواكبة ما يجري ويدور في البلاد والعالم، وأخذ الناس بمراكزهم الاجتماعية وبغناهم أو فقرهم. خذوا، مثلا، قرار المتابعة في حالة اعتقال، جل وكلاء الملك والوكلاء العامين يتخذون هذا القرار الحساس بسهولة كبيرة، حتى أصبح لدينا نصف المعتقلين في السجون، أي حوالي 50 ألف مواطن، معتقلون احتياطيا، أي قبل صدور الأحكام، مع أن جلهم له ضمانات الحضور وقادر على دفع الكفالة و…

هناك نقاش اليوم في البرلمان حول نصوص إصلاح العدالة، وحول النيابة العامة ولمن تتبع، ووجوب مساءلة المشرفين عليها قانونيا وسياسيا مادمت قراراتها فيها الجانب القانوني، وفيها الجانب المتعلق بالسياسة الجنائية، لهذا من المفروض أن يرتقي ممثلو الأمة إلى مستوى وضع نصوص قانونية تساعد على حل هذه الإشكاليات المعقدة التي لها صلة بالعدالة والديمقراطية والتوازن والاستقرار والباقي اتركوه للفيسبوك واليوتوب والتظاهرات في الشارع العام… الزمن تغير، وثقافة المغاربة تتغير، والعالم يتغير، والذي لا يحسن التعامل مع موجة التغييرات العاتية تغرقه أو تطوح به بعيدا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قضاة يعزفون ألحانا متناقضة قضاة يعزفون ألحانا متناقضة



GMT 10:34 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:32 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 10:31 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:29 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 10:27 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:25 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المثقف وزرقاء اليمامة وكناري المنجم

GMT 10:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تطابق من سبايك لى إلى هانى أبو أسعد!!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 15:56 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
المغرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 07:03 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

ولاية البيضاء تكشف تفاصيل دهس شرطي من طرف متهور

GMT 13:05 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

نجوم الغولف يتألقون على الملعب الجديد في نادي دبي هيلز

GMT 06:30 2018 الخميس ,31 أيار / مايو

نصائح لتنظيف الأطباق بسرعة وسهولة في رمضان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib