دعوا الفتنة نائمة

دعوا الفتنة نائمة

المغرب اليوم -

دعوا الفتنة نائمة

توفيق بو عشرين

غضبت بعض الجمعيات الأمازيغية من المندوبية السامية للتخطيط، ومن صيغة الأسئلة التي أعدتها مصالحها للإحصاء العام للسكان المزمع تنظيمه في شتنبر المقبل
 لأن أحمد الحليمي لن يطرح على المغاربة سؤال اللغة الأم التي ينتمون إليها، وسيكتفي بطرح السؤال حول اللغات التي يتحدث بها المغاربة أو يقرؤون بها أو يكتبون بها اليوم، وهو ما سيظهر ضعف استعمال تيفناغ، حسب زعم هذه الجمعيات.
 المندوبية السامية للتخطيط متهمة من قبل بعض الجمعيات الأمازيغية المتطرفة بالسعي إلى «تزوير» نتائج الإحصاء، على غرار ما «فعلته» في 2004، وهو «التزوير» الذي تقول هذه الجمعيات إنه يتمثل في عدم الإقرار بكون الأمازيغ يشكّلون غالبية سكان المغرب، ودعت، بناء على ذلك، إلى مقاطعة الإحصاء في حال عدم الاستجابة لمطالبها. الحليمي، إذن، متهم بالتقاعس عن رسم خارطة إثنية للمغرب، وإحصاء عدد العرب والأمازيغ بالنقطة والفاصلة، وتحديد أماكن وجود كل واحد ودخله ومستوى عيشه.
الحليمي رد على هذه الاتهامات بالقول: «إن مطلب تغيير سؤال استمارة الإحصاء ليصبح متعلّقا باللغة الأم هو أخطر مما يظن هؤلاء، لأن ما يريدنا هؤلاء أن نفعله هو أن نقرّر في أصول الناس، ومعرفة من هو أمازيغي ومن هو غير أمازيغي، وهذا أمر لاأخلاقي علميا ومهنيا، وممنوع إطلاقا لأنه يتدخّل في إثنية وأصول الناس».
وأضاف الحليمي أنه بمنطق سؤال اللغة الأم، الذي تطالب به بعض الجمعيات الأمازيغية، «سيكون علينا أن نسأل الناس هل أصلهم يهودي أم إسباني أم عربي أم أمازيغي... وسندخل في أشياء خطيرة». وتساءل الحليمي: «من من المغاربة اليوم يمكنه أن يقول إن أصله أمازيغي صرف أو عربي صرف؟ هناك من يعتبر نفسه عربيا بينما أصله أمازيغي، وهناك من هو عربي الأصل ولا يتحدّث حاليا إلا الأمازيغية ولا يعرف أن أصله عربي... والحالات كثيرة ومعقدة». وشدّد الحليمي أن هذه الأمور لا تهمّ العملية الإحصائية، «لأن المغربي مغربي وكفى»، انتهى كلام الحليمي.
ما قاله المندوب السامي هو عين العقل لعدة أسباب. أولا، ليس من أهداف الإحصاء، أي إحصاء، أن يرسم الخارطة الإثنية في أي بلد، لأن ذلك مستحيل عمليا وعلميا بفعل تداخل الأعراق والإثنيات بالزواج والهجرة والاختلاط والثقافة. ثانيا، عملية رسم خطوط تماس فوق الهوية المغربية عملية خطيرة جداً، وقد تشعل نار الفرقة بين المغاربة الذين لم يتخلصوا إلى الآن من بقايا القبيلة والعشيرة والجماعة، وتدفع الذين يبحثون عن رأسمال سياسي في زمن الإفلاس الإيديولوجي إلى اللعب بالمسألة الأمازيغية في اتجاه إخراجها من الطابع الحقوقي والثقافي إلى طابع سياسي، وربما انفصالي وحتى عنصري. ثالثا، هل المغاربة اليوم، عرب وأمازيغ ومورسكيون وأفارقة ومسلمون ويهود وغيرهم، مشغولون بالبحث عن أصولهم وفصولهم وكم نسبة لديهم من سكان المغرب، أم مشغولون بالتعليم والشغل والسكن والصحة والديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية والثقافة وبناء مستقبل أفضل لأبنائهم فوق هذه الأرض وليس فوق أرض أخرى...
 المغرب مثل طبق سلطة قوته في تنوعه واختلاف أصول ساكنيه ولغاتهم ودياناتهم وثقافاتهم، والذين يريدون أن يحولوا هذا الاختلاف إلى خلاف يلعبون بالنار. لقد شهدنا قبل أسابيع كيف أن الجامعات الإسرائيلية مهتمة بالأمازيغية في المغرب، وتدعو ناشطين أمازيغ مغاربة إلى الحديث في مركز موشي دايان عن المسألة الأمازيغية. إنهم يلعبون اللعبة القديمة نفسها التي لعبها الاستعمار الأوروبي.. فرق تسد، وقسم المقسم وجزئ المجزأ، واجعل الضعف منغرسا في نواة الشعوب والبلدان المستهدفة. الفرق بين الأمس واليوم أن الأساليب اختلفت والذكاء تفاوت في استعمال ورقة الملل والنحل لإضعاف الدول والأمم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دعوا الفتنة نائمة دعوا الفتنة نائمة



GMT 19:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:29 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 19:25 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

GMT 19:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

خطيب العرابيين!

GMT 19:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

روشتة يكتبها طبيب

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أنجيلا ميركل؟!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib