توفيق بوعشرين
«البام» يصوت في المحمدية لصالح غريمه العدالة والتنمية، وياسمينة بادو في الدار البيضاء تمتنع عن التصويت لعبد العزيز العماري، عمدة المدينة، بعد أن صوتت للباكوري رئيسا للجهة. رغم أن حزبها اتخذ قرارا بفك الارتباط مع «الجرار» والتحالف مع «المصباح»، والأحرار الذين يحملون هذا الاسم على سبيبل الدعابة، وما هم بأحرار. صوتوا بكثافة لـ«البام» في الجهات يوم الاثنين، خارقين الاتفاق الذي وقعه مزوار مع الأغلبية الحكومية، ورجعوا يوم الثلاثاء للتصويت على «البيجيدي» في رئاسة المدن. الحركة الشعبية أعطت يوم الاثنين 27 صوتا لـ«البام» للصعود إلى قيادة الجهات، فيما العنصر في الرباط يقول لبنكيران «آسف، إنني لا أتحكم في هؤلاء الحركيين». «خوكم» منصف صوت للباكوري الاثنين، فيما نصف الأحرار صوتوا للحيكر.
شباط الذي هدد بحرق فاس إذا صوتت (لمشروع داعشي) اسمه إدريس الأزمي، رجع وصوت له أمس، معلنا من فاس رحلة المساندة النقدية. إلياس العمري الذي حصل على 160 صوتا في دوار مغمور، خطف رئاسة جهة طنجة ــ تطوان ــ الحسيمة، مع أن الأغلبية كانت بحوزة منافسه، مرشح العدالة والتنمية، خيرون، الذي كان يتوفر على 32 صوتا مع أحزاب الأغلبية، فيما لم يكن في حوزة العماري سوى 31 مع أحزاب المعارضة، لتخرج النتيجة كالتالي: إلياس 42 صوتا، خيرون 20 صوتا.
ماذا جرى، هل صوت الجن مع إلياس؟ لا، الذي وقع هو أن الأحرار والحركة الشعبية «ثقبوا» سفينة الأغلبية. السؤال هو مقابل ماذا؟ هل يقبل «مناضلو» الأحرار والحركة الشعبية بـ«البيجيدي» حليفا في الحكومة لتسيير البلاد، ويرفضونه في الشمال لتسيير الجهة؟
هذا ما يسمى اللعب بقواعد الديمقراطية وخروجا عن المنطق السياسي، الذي يحكم التحالفات، وغرضه ضرب عدة أهداف أبرزها مايلي:
سماسرة الانتخابات وأحزاب الإدارة يهدفون من وراء التحالفات غير الطبيعية هذه إلى ضرب فكرة التصويت العقابي للشعب ضد «البام» وحلفائه. هولاء يقولون للشعب إن صوتك بلا قيمة، وإذا كنت مثلا قد أسقطت الباكوري في المحمدية، ولم تعطه فرصة إدارة المجلس الجماعي، الذي يصرف بعض مليارات السنتيمات كل سنة، فها نحن نضع الباكوري على رأس أكبر جهة في المغرب، وهي الدار البيضاء، وبميزانية تقدر بالمليارات من الدراهم، «واللي معجبوش الحال يشرب البحر، واللي عندو غير باب الشعب الله يسدوا عليه».
الناخبون الكبار والأعيان والمال والنفوذ كلها عناصر موجودة في المغرب ليبطل التصويت العقابي وإرادة الناخب، وكل انتخابات وأنتم بأفضل خير.
ومن اعتقد أن بنكيران وحزبه قادران على حماية أصوات الناس، فهو واهم. وإليكم النتيجة، طردتم «البام» من كل المدن، ورجع لكم من نوافذ الجهة، وحصل على رئاسة خمس منها… موتوا بغيضكم.
سماسرة الانتخابات وتجار السياسة يهدفون ثانيا، من وراء خلط الأوراق في الانتخابات الجهوية إلى ضرب فكرة التحالفات العقلانية والطبيعية، المبنية على منطق سياسي ومنهجية ديمقراطية، باستثناء حزبي التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية. كل الأحزاب الأخرى لعبت بطريقة غير نظيفة في انتخابات الجهة خوفا أو طمعا أو تمردا أو لحسابات شخصية. هؤلاء لا يريدون للانتخابات أن تكون لها قواعد ومنطق وضوابط، يريدون أن تبقى الفوضى والضبابية هما سيدا الموقف حتى يبتعد الناس عن هذا الاستحقاق، ويستفرد به السماسرة، فلا اليمين يمين، ولا اليسار يسار، ولا الوسط وسط، ولا الأغلبية أغلبية، ولا المعارضة معارضة. انثر الغبار في كل مكان، امنع وضوح الرؤية، وبعدها افعل ما تشاء، فالجرائم لا ترتكب في واضحة النهار، واللعب القذر يتعارض مع الوضوح.
العبث الذي وقع، يوم الاثنين، بمناسبة انتخاب رؤساء الجهات ضرب في العمق مكتسب الاقتراع المباشر لأعضاء الجهات، بحيث صوت الناس في اتجاه. وصعد رؤساء لهذه الجهات في اتجاه مناقض تماما.
الحزب الذي حصل على ٪19 من مقاعد الجهات «البام»، استولى على رئاسة خمس جهات من أصل 12، والحزب الذي حصل على ٪25 من مقاعد الجهات «البيجيدي»، حصل على رئاسة جهتين فقط. هذا معناه أن أصوات الناس لا قيمة لها، وكل من فشل في كسب ثقة الناس يمكن أن يكسب أصوات الناخبين الكبار، ويمكن للتحالفات غير الطبيعية المبنية على الإغراء أو التخويف أو الوعود أن تؤتي أكلها..
هذا لعب بالنار لا يعرف خطورته «البام» والأحرار والحركة ومن يدور في فلكهم،. أنتم لا تحاربون العدالة والتنمية بهذه الأساليب غير النظيفة. أنتم تحاربون الديمقراطية عماد الاستقرار في المغرب والرأسمال السياسي الذي يصنع من المملكة استثناء في بحر الدم العربي.