المعارضة تجرب أسلحة جديدة

المعارضة تجرب أسلحة جديدة

المغرب اليوم -

المعارضة تجرب أسلحة جديدة

توفيق بو عشرين

احذروا.. شباط ولشكر يطلقان النار على كل شيء يتحرك هذه الأيام. لقد مرا إلى أقصى درجات التصعيد، وأخرجا كل أسلحتهما الخطيرة لأن صبرهما نفد، ومحاولاتهما لإسقاط الحكومة فشلت، والآن مرا من معارضة الحكومة إلى معارضة الحكم… ماذا يجري بالضبط؟ إليكم الخبر قبل المرور إلى التعليق، أما التحليل فلا مكان له هنا وأمام الزعيمين الجديدين للمعارضة، والأسباب تعرفونها، فلا داعي للإلحاح…

لنبدأ بالسيد إدريس لشكر الذي وقع قرار طرد الشامي ودومو قبل أن يضع القرار للتزكية أمام اللجنة الإدارية، لكن ليس هذا هو أهم شيء وقع في اجتماع السبت الماضي. أهم شيء هو أن الزعيم الاتحادي استعار خطاب «النهج الديمقراطي»، وصعد إلى الجبل في محاولة لتقطير الشمع على المخزن الذي سمح لإسلاميي العدالة والتنمية بالنوم لمدة ثلاث سنوات في الحكومة، ولا يبدو أن هناك مؤشرات على مراجعة هذا التوجه عند أقطاب الدولة الكبار، لهذا حذر الزعيم الجديد للاتحاد من عودة ظاهرة الانقلابات العسكرية وسنوات الرصاص إلى المغرب، بسبب ما وصفه بتشكل «نظام ولاءات جديد، يشكل المشروع الإخواني جزءا منه، لتكوين تحالف مصالحي لا يرغب في بناء دولة الشفافية، دولة الحق والقانون، دولة الديمقراطية والحداثة، دولة المؤسسات».

لشكر يقرأ فنجان السياسة بطريقته الخاصة، ويعتبر أن تحالف المخزن مع العدالة والتنمية الذي فاز بالمرتبة الأولى في الانتخابات الأخيرة، التي شهد الجميع بأنها كانت أفضل انتخابات في تاريخ المغرب من حيث الشفافية، مدعاة إلى عودة الانقلابات العسكرية في المغرب، قبل أن يعرج على موقف راديكالي يعتبر فيه أن البلاد لم تحقق أي مكتسب سياسي، وأن نظام ما قبل 2011 الذي احتج عليه الناس رجع كما هو الآن، وأن البلاد على شفا العودة إلى سنوات الرصاص القديمة، ياك لاباس؟ ماذا جرى؟

لنترك الجواب عن هذا السؤال حتى نطلع على مضمون خطاب آخر مشابه للأول، ففي التوقيت نفسه دعا شباط في مؤتمر الشبيبة يوم السبت الماضي الاستقلاليين إلى التضامن والدفاع عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي توجد اليوم على رأس أعداء الدولة، كما دعا إلى الدفاع عن الجماعة المحاصرة والمضطهدة، أي جماعة العدل والإحسان، التي تعتبر أكبر جماعة مناوئة للنظام، والتي تجادل في أسس مشروعيته الدينية والسياسية، وقال شباط لشبيبة حزبه: «أنتم ليس لديكم أعداء. واجبكم اليوم أن تدافعوا عن جماعة العدل والإحسان، وأن ترفضوا العراقيل والحصار المفروض على هذه الجماعة»…

شباط الذي شارك حزبه في ثلاث حكومات متعاقبة كلها كانت تساند الحصار المفروض على جماعة العدل والإحسان، أو على الأقل سكتت عنه (في عهد حكومة عباس الفاسي جرى الاعتداء على كمال العماري الذي قال المجلس الوطني لحقوق الإنسان إنه توفي جراء الاعتداء عليه من قبل الشرطة في آسفي، وفي عهد عباس جرى تشميع بيوت قادة الجماعة، وتعرضت كريمة عبد السلام ياسين لحملة شرسة للتشهير بها واستعمال صور عادية لها خارج المغرب في سياقات أخرى). حزب الاستقلال الذي لم يسبق له أن قال إن الجماعة محاصرة، يقول اليوم لمناضليه: ‘‘يجب إن ندافع عن أتباع الشيخ ياسين ونؤازرهم’’، وشباط الذي شن حملات شعواء على 20 فبراير وعلى الحقوقيين، يدعو اليوم، في عز الأزمة بين الداخلية ورفاق الهايج، إلى مناصرة الجمعية والعصبة والدفاع عنهما…

ماذا يعني هذا التحول في مواقف لشكر وشباط؟

هذا له معنى واحد في ما أزعم، وهو أن شباط ولشكر انتقلا من معارضة الحكومة إلى معارضة الحكم، وانتقلا من تقطير الشمع على بنكيران إلى تقطير الشمع على النظام. إن الزعيمين يقولان للدولة المغربية بالعربي الفصيح: ‘‘إذا كنت، أيتها الدولة، ترغبين في التحالف مع الإسلاميين، ولا تريدين الالتفات إلينا ومساعدتنا، فلا تنتظري منا مساندة أو دعما في القضايا الحساسة. من اليوم فصاعدا سننتقل من معارضة سياسات بنكيران إلى معارضة اختيارات النظام، وفي هذا السبيل سنضع أيدينا في يد خصوم النظام (العدل والإحسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان) إلى أن تقتنعي، أيتها الدولة، بجدوى سحب يدك من يد «البي جي دي». كراسي المعارضة باردة، وكل يوم يمر على بنكيران في الحكومة يزداد قوة، والخريف العربي طرد الربيع من مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا، فلماذا يظل المغرب استثناء وسط الغابة العربية، هذا سيناريو لا يحتمل من هنا إلى 2016’’.

هل هذا ابتزاز؟ هل هذا تكتيك؟ هل هذه سياسة ذكية؟ هل هذه ممارسة تضر بالتوجه الديمقراطي في البلاد؟ هل هذا تخبط سياسي ينم عن يأس وإحباط؟

كل هذه الأسئلة مشروعة، لكن يبقى المشكل الكبير في سياسة المعارضة أنها لا تتصور نفسها قادرة على مواجهة بنكيران وحزبه دون مساعدة من الدولة، ودون خدمات هذه الأخيرة لترجيح كفة على كفة بطرق خشنة، وعندما تعجز المعارضة عن إقناع النظام بفوائد خرق المنهجية الديمقراطية، تمر إلى لعبة هدم الحفل على رؤوس الجميع، مثل فريق كرة قدم لا يعول على مهاراته ولا على مجهوداته ولا على خطته لهزم الفريق الخصم، بل إن جل اهتمامه منصب على التفاهم مع الحَكم لخرق القانون والتلاعب بالنتيجة. أتمنى أن أكون مخطئا، وبيننا الأيام…

"اليوم 24"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعارضة تجرب أسلحة جديدة المعارضة تجرب أسلحة جديدة



GMT 10:34 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:32 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 10:31 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:29 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 10:27 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:25 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المثقف وزرقاء اليمامة وكناري المنجم

GMT 10:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تطابق من سبايك لى إلى هانى أبو أسعد!!

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد السقا يعلّق على المنافسة بين أبطال "العتاولة 2"
المغرب اليوم - أحمد السقا يعلّق على المنافسة بين أبطال

GMT 06:44 2024 الأحد ,04 شباط / فبراير

توقعات الأبراج اليوم الأحد 04 فبراير / شباط 2024

GMT 12:48 2021 الأحد ,05 كانون الأول / ديسمبر

المنتخب المغربي يتلقي حصة تدريبية خفيفة بعد هزم الأردن

GMT 04:10 2021 الجمعة ,14 أيار / مايو

الروسي حبيب نورمحمدوف يوجه رسالة للمسلمين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib