أشرف غني يعترف بالخطأ الأكبر الذي ارتكبه في حياته لماذا لا نُصَدّقه

أشرف غني يعترف بالخطأ الأكبر الذي ارتكبه في حياته.. لماذا لا نُصَدّقه؟

المغرب اليوم -

أشرف غني يعترف بالخطأ الأكبر الذي ارتكبه في حياته لماذا لا نُصَدّقه

عبد الباري عطوان
بقلم ـ عبد الباري عطوان

أخيرًا خرج أشرف غني رئيس أفغانستان الهارب عن صمته، واختار محطّة "بي بي سي" التلفزيونيّة لتكون السبّاقة في لقائه، والاستِماع إلى وجهة نظره حول قصّة هُروبه "غير الكبير" وتخلّيه عن شعبه، وأبرز المُوالين لحُكمه، عسكريين كانوا أو مدنيين، وليته ظلّ صامتًا، لأنّ روايته عن أيّامه الأخيرة كانت حافلةً بالأكاذيب. قبل الحديث، ومن ثمّ التّعليق، على المُوجز المُختصر الذي بثّته المحطّة البريطانيّة عن مضمون هذا اللّقاء، لا بُدّ من التأكيد على أنّ يوم 15 آب (اغسطس) من العام الحالي (2021) الذي يَلفُظ أنفاسه الأخيرة، والذي يُؤرّخ لسُقوط كابول، يُشَكِّل أكبر هزيمة مُذلّة للولايات المتحدة، وحلف النّاتو، ليس في منطقة الشّرق الأوسط، وإنّما في العالم بأسره، وما حدث في مطار العاصمة الأفغانيّة لعُملاء أمريكا الباحثين عن النّجاة بالتدفّق بعشَرات الآلاف إلى المطار، واجتِياح مُدرّجه، والتعلّق بعجلات الطّائرات الأميركيّة، يندى له الجبين.

الفقرة الأهم التي لفتت نظرنا في هذا الحديث، “اعتِراف” السيّد غني أن أكبر خطأ ارتكبه في حياته هو الوثوق بالولايات المتحدة الأمريكيّة وشُركائها الغربيين، وأنّهم، أيّ الأمريكيين، “استَخدموه ككبش فداء”، ولم يكن يعلم أن يوم 15 أغسطس سيكون هو يومه الأخير في أفغانستان”، وقال إن قائد حرسه الجُمهوري أعطاه دقيقتين فقط، لكيّ يُقَرِّر البقاء أو الرحيل، فاختار الثانية تَجَنُّبًا للموت بعد انهِيار جيشه ودُخول القوّات الطالبانيّة إلى العاصمة. أشرف غني كان يُمارس أبشع أنواع الكذب في هذا الحديث الإعلامي الأوّل، فكيف يقول إنه كان ينتظر سيّارة لتنقله إلى وزارة الدفاع (ليقود المعركة)، وعندما تأخّرت، وبعد إنذار رئيس حرسه الرئاسي، قرّر التوجّه إلى المطار فورًا، فكيف ذهب الى المطار؟ في سيّارة “أوبر” أم على ظهر درّاجة هوائيّة؟ وحسب معلوماتنا فإنّ وزارة الدفاع أقرب كثيرًا إلى القصر الجمهوري من مطار كابول، وإذا كان هُروبه مُفاجئًا، كيف كانت طائرته مُزدحمةً بالحقائب؟

الرئيس غني الذي جاء به الأمريكان من إحدى ولاياتهم التي كان يُقيم فيها لسنواتٍ طويلة لكيّ يكون “كرزاي آخَر”، قبل أن يكون “عميلًا”، و”مُحَلِّلًا” للاحتِلال الأمريكي لبلاده، وقتل مِئات الآلاف من أبناء وطنه، لهذا لقي النّهاية التي يستحقّ مثله مِثل جميع الرؤوساء من أمثاله ابتداءً من شاه إيران، ومُرورًا بالرئيس الفلبيني ماركوس، وانتهاءً بنورييغا الذي ما زال يقبع خلف القُضبان، والقائمة تطول. لا نعتقد أن حُلفاء أمريكا العرب في المشرق والمغرب، وفي منطقة الخليج خاصَّةً، الذين يُراهنون على الحِماية الأمريكيّة، ويضخّون مِئات المِليارات من الدّولارات للخزينة الأمريكيّة، سيتّعظون من دُروس تجربة “ضيفهم” أشرف غني، ونهايته المُخجلة مُحاطًا بلَعناتِ شعبه، ومنبوذًا من أقرب مُساعديه، وحتّى عشيرته البشتونيّة.

القائد الوطني الشّجاع لا يترك شعبه ووطنه ويهرب على ظهر أوّل طائرة، ومعه عشرات الحقائب المُنتفخة بالدّولارات والذّهب، بل يبقى يُقاتل مع جيشه وأنصاره حتى الموت، ويرفض كُل العُروض للهرب، أو اللّجوء إلى المنافي الفاخرة في أوروبا أو منطقة الخليج، ولكن غني اختار الوقوف في خندق الاحتِلال، وهرب من القصاص الذي ينتظره ويستحقّه. طالبان، اتّفقنا معها أو اختلفنا، قاومت الاحتلال الأمريكي عشرين عامًا، وقدّمت مِئات الآلاف من الشّهداء دِفاعًا عن كرامتها وتحرير أرضها وشعبها، وطرد المُستعمر الغازي، ولهذا انتصرت، وهزمت أمريكا العُظمى، وسجّلت فَصلًا مُشَرِّفًا في كُتب التّاريخ العالمي، وليس الأفغاني فقط، بينما سينتهي “الكارزايات” جميعًا في سلّة القُمامة، هذا إذا وجدوها.

قد يهمك أيضاً :

 وماذا لو نجحت مفاوضات فيينا وجرى التوصل الى اتفاق في الدقائق الأخيرة؟

 كيف نفسر هذا الترحيب اللافت بالرئيس الفلسطيني صديق المغرب التاريخي في الجزائر؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أشرف غني يعترف بالخطأ الأكبر الذي ارتكبه في حياته لماذا لا نُصَدّقه أشرف غني يعترف بالخطأ الأكبر الذي ارتكبه في حياته لماذا لا نُصَدّقه



GMT 10:39 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

أعلنت اليأس يا صديقي !

GMT 06:56 2022 الخميس ,24 آذار/ مارس

حل اللغز ورفض الاعتذار

GMT 06:54 2022 الخميس ,24 آذار/ مارس

بين إدارة بايدن وإدارة بوش الابن

GMT 06:53 2022 الخميس ,24 آذار/ مارس

ما بعد أوكرانيا... هل من ستار حديدي جديد؟

GMT 06:51 2022 الخميس ,24 آذار/ مارس

المخاوف من انفلات نووي

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:54 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل
المغرب اليوم - حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل

GMT 10:33 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً
المغرب اليوم - أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً

GMT 17:36 2012 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

مجموعة للعناية بالشعر وتقويته

GMT 12:24 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أولمبيك آسفي يخطط لضم 4 لاعبين في الميركاتو

GMT 17:23 2016 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

مشوار المنتخب السعودي في تصفيات كأس العالم 2018

GMT 02:35 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

عفاف شعيب سيدة شعبية في مسلسل "فوق السحاب"

GMT 19:13 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

Jacob & Co"" تطرح مجموعة جديدة من المجوهرات الفاخرة

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

موقع الواجهة البحرية في "رامسغيت" يتحول إلى إبداع فني

GMT 10:01 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

آخر الاتجاهات المميزة في عالم الموضة لعام 2018
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib