الذكاء الاصطناعي والجانب القاتم

الذكاء الاصطناعي والجانب القاتم

المغرب اليوم -

الذكاء الاصطناعي والجانب القاتم

عماد الدين حسين
بقلم - عماد الدين حسين

الوسائل والتطبيقات الإلكترونية يمكن أن تكون نعمة أو نقمة كبيرة، الأمر يتوقف على طريقة الاستخدام.
 

قبل أيام صادفت 3 قصص موحية يمكن أن تكشف لنا عن أحد الجوانب غير الإيجابية للذكاء الاصطناعي.

القصة الأولى فيديو قصير جداً لا يزيد عن الدقيقة لنجم ريال مدريد لكرة القدم الإنجليزي الشاب جود بيلنغهام، وفيه يتحدث عن فضل مصر عليه، وكيف أنه مدين لها حيث نشأ فيها وتعلم فنون الكرة في أحد أحيائها بشرق القاهرة وهو حي المطرية، أثناء عمل والده في مصر، وكيف أنه يشعر بامتنان كبير للمواطنين المصريين الطيبين الذين عايشهم في تلك الفترة.

للحظة وجهت اللوم لنفسي وقلت: كيف أكون صحافياً قديماً، ولا أعرف أن هذا النجم الصاعد بسرعة الصاروخ قد نشأ في مصر، بل في الحي الذي عشت فيه لفترة عقب تخرجي من جامعة القاهرة عام 1986؟!

اتصلت بصحافي رياضي كبير ملم بتفاصيل وقصص نجوم كرة القدم، وسألته عن حقيقة القصة، وهل هي صحيحة أم مزيفة. وجاء رد الزميل سريعاً وجازماً وضاحكاً بأن القصة مفبركة. وشرح لي بأن من فبركها استخدم تقنية الذكاء الاصطناعي وأخذ مقطعاً صوتياً صغيراً من الصوت الحقيقي للنجم الإنجليزي، ثم أضاف عليه من عنده ما شاء من كلمات وعبارات غير صحيحة.

قلت في نفسي إذا كنت وأعمل صحافياً منذ فترة طويلة قد انخدعت لوهلة في هذه القصة، فما هو حال الإنسان العادي الذي قد لا يكون متابعاً للشؤون الكروية بصورة جيدة؟!

القصة الثانية أكثر طرافة وبطلها أيضاً مدرب ريال مدريد الشهير الإيطالي كارلو أنشيلوتي، وفيها يحكي بثقة كاملة عن أنه يعتمد في تدريبه بصورة كاملة على الآراء والتوقعات والتحليلات للكابتن المصري

رضا عبدالله.

لمن لا يعرف فإن رضا عبدالله لعب للأهلي والزمالك قبل أكثر من أربعين عاماً وصار الآن محللاً كروياً وهو معروف عنه آراؤه المتطرفة كروياً ومثير للجدل ويدخل في صراعات كروية كثيرة ويعتبر نفسه أحد المدربين الكبار رغم أنه لم يدرب إلا فريقاً في الدرجة الثانية.

وبالطبع لا يمكن لعاقل أن يتخيل أن أنشيلوتي سوف يعتمد على رضا عبدالله أو يتصل به دائماً طلباً للمشورة الفنية. لكن مرة أخرى فإن هناك بشراً كثيرين لا يعرفون آخر تقاليع وألاعيب الذكاء الاصطناعى ويصدقون فعلاً أن أنشيلوتي لا يخوض أي مباراة إلا بعد أن يتصل بالكابتن رضا عبدالله!

وأخيراً فإن المثال الثالث للمطربة والنجمة العالمية المعروفة شاكيرا في حوار تليفزيوني وهي تحكي عن آخر أخبارها، وأنها تريد أن تؤدي أغنية مصرية حتى تتواصل بصورة طيبة مع جمهورها المصري، بل إنها تتحدث ببعض الجمل باللغة العربية، لدرجة تجعل غير المتابع الجيد يلتبس عليه الأمر.

تلك هي النماذج الثلاثة التي صادفتها خلال أقل من شهر، والمؤكد أن لدى كل منا قصصاً متشابهة.

مرة أخرى الذكاء الاصطناعي ثورة تكنولوجية ممتازة وله فوائد عديدة في غالبية المجالات من أول الخدمة المنزلية إلى ريادة الفضاء، لكن نحن نتحدث اليوم عن جانب سلبي وإمكانية أن تقوم بعض الجهات والمؤسسات والدول بنشر أكبر قدر من الفيديوهات والقصص المفبركة بغرض إصابة مجتمع معين بالتشوه والإرباك والفوضى، وبالتالي يسهل اختراقه والتأثير فيه بطرق كثيرة.

والسؤال كيف يمكن أن نحصن أنفسنا عربياً أمام التدفق المستمر من الشائعات والأكاذيب والتشويه والتزوير المتخفي داخل الذكاء الاصطناعي وسائر التطبيقات الإلكترونية؟

نحتاج عربياً إلى وسائل وطرق وخطط تفصيلية لمواجهة الجانب السلبي في الذكاء الاصطناعي. وأظن أن هناك دولاً عربية وفي مقدمتها الإمارات قد استعدت لمعالجة هذا الجانب غير الإيجابي بإنشاء مؤسسات ولجان لمواجهة هذا الخطر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذكاء الاصطناعي والجانب القاتم الذكاء الاصطناعي والجانب القاتم



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:47 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل
المغرب اليوم - منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل

GMT 16:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجات لم يشفع لها الذكاء الاصطناعي في 2024

GMT 08:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الطقس و الحالة الجوية في تيفلت

GMT 00:40 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

حطب التدفئة يُسبب كارثة لأستاذين في أزيلال

GMT 05:45 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

بنغلاديش تعتزم إعادة 100 ألف مسلم روهينغي إلى ميانمار

GMT 07:34 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

نادال يُنهي 2017 في صدارة تصنيف لاعبي التنس المحترفين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib