الضفة إذ ترفع منسوب غضبها، ماذا عن فتح وحماس

الضفة إذ ترفع منسوب غضبها، ماذا عن فتح وحماس؟

المغرب اليوم -

الضفة إذ ترفع منسوب غضبها، ماذا عن فتح وحماس

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

لولا ارتفاع وتيرة المواجهات الفلسطينية ضد قوات الاحتلال ومستوطنيه وحواجزه في الضفة الغربية خلال الأسابيع القليلة الفائتة، لغابت فلسطين عن دائرة الأخبار ... لا شيء منتظر في أفق الأجندة السياسية للقيادة الفلسطينية على ضفتي الانقسام ... فبعد "خطاب اليأس" للرجل "الذي صعد قمة شجرة" وفقاً للتوصيفات الإسرائيلية لخطاب عباس في الجمعية العامة، لم يعد لدى السلطة ما تفعله سوى حث أنصارها على الإشادة بـ"تاريخية" و"شجاعة" و"مفصلية" الخطاب والخطيب ... على جبهة غزة، تتسلل التهدئة على وقع "التسهيلات الإسرائيلية"، وأحاديث غامضة عن "صفقة تبادل الأسرى" ... الوضع الفلسطيني "راكد" للغاية، سياسياً على نحو خاص، ولولا بسالة شبان جنين ونابلس والخليل وغيرها من مدن الضفة، لما جاء أحدٌ على ذكر القضية الفلسطينية.

حتى "طقوس" المصالحة و"فولكلور" الحوار الوطني، ما عاد أحدٌ يمارسها، فبعد أن سئم الرأي العام من مشاهدة المسرحية ذاتها مرات ومرات، يبدو أن الضجر قد اجتاح أبطالها ومخرجيها أنفسهم ... وسط إحساس غامض ومتشائم بأن كل من يضع يده في هذاالملف، من قادة فتح بخاصة، ينتهي إلى التهميش والغياب أو التغييب، لكأننا أمام "لعنة" جديدة، يمكن أن نطلق عليها "لعنة المصالحة".

"إجراءات بناء الثقة" بين السلطة وإسرائيل، لا تأتي بأكلها كما تشتهي رياح رام الله وتل أبيب وواشنطن، الفلسطينيون في حالة غضب وتحدٍ للغطرسة الإسرائيلية المتمادية ... وتتعمق في مدن الضفة وبلداتها، إرادة المقاومة، وقوات الأمن والجيش الإسرائيلية، باتت تتحسب وتأخذ احتياطات مشددة، قبل اقتحام هذه القرية، أو محاولة اجتياح ذاك الحي ... ثمة إصرار على الاشتباك مع القوات المعتدية، وثمة استعداد يتنامى للتضحية ... بقاء الحال في الضفة الغربية والقدس، من المحال ... ولن تطفئ إجراءات بناء الثقة، المتواضعة أصلاً، توق الفلسطينيين لاسترداد حريتهم وكرامتهم وحقوقهم.

فقدان الثقة بفتح والسلطة ومؤسساتها وانهيار شعبية رئيسها، الذي ظهّرته استطلاعات الرأي العام الفلسطيني، وتؤكده التقارير الدبلوماسية والإعلامية الغربية والإسرائيلية على حد سواء، يمكن أن يُعدّ سبباً إضافياً لارتفاع منسوب الغضب والمقاومة في الضفة ... حتى أن التقارير الإسرائيلية تحدثت عن مناطق خرجت عن قبضة السلطة، وباتت قدرة رام الله على التحكم بها وبسلوك أهليها، ضعيفة للغاية ... الأمر لا يتوقف على جنين المدنية والمخيم والمحافظة، بل يمتد لمناطق أوسع ومحافظات أخرى.

عند هذه النقطة بالذات، يمكن الحديث عن "دخول حمساوي"، نشط، منهجي ومنظم، على خط "تثوير" الضفة الغربية، وليس خافياً على أحد أن حماس أولاً، والجهاد في المقام الثاني، قررتا على ما يبدو، "فتح جبهة الضفة الغربية" في ضوء المصاعب والمتاعب التي تجابهانها في غزة، وتحديداً حماس ... فالقطاع لم يتمكن حتى اللحظة من تضميد جراح "سيف القدس"، ومتاعب أهله تنوء بها الجبال، وردود الأفعال الإسرائيلية على الفعل الفلسطيني المنطلق من القطاع المحاصر، أشد هولاً وتدميراً.

ثم، أن لحماس هدف آخر، ليس مضمراً تماماً، يكمن وراء تصعيدها لمقاومة الضفة الغربية، ويتعلق بصراعها الداخلي مع فتح والسلطة ... كل مواجهة تخوضها حماس في الضفة، تضعف السلطة وتحرجها، وتقرب الحركة من ادعاء النطق باسم الفلسطينيين في عموم مناطق السلطة، وليس في القطاع وحده، امتداداً وتطويراً – ربما – لمعادلة ربط القدس بغزة، التي أطلقها رئيس مكتب حماس السياسي في ذروة العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة.
ومع أن معادلة الربط المذكورة، تبدو مستعصية ومكلفة، وقد تعرضت للتحدي والخرق من قبل الإسرائيليين مراراً وتكراراً من دون أن تفي حماس بوعدها، إلا أن "فلسفتها" ما زالت تقبع في خلفية توجه حماس للتصعيد في الضفة ... هنا، يمكن أن نفهم كيف تسعى حماس للالتفاف حول معادلة الربط تلك، دون إسقاطها، والمواءمة بين التصعيد في الضفة والتهدئة على جبهة غزة، ودائماً بأقل الكلف المترتبة عليها، وأعلى الكلف المترتبة على السلطة وفتح.

وربما لهذا السبب، تنظر السلطة وفتح والأجهزة الأمنية التابعة لها، بعين الشك والريبة حيال ما يجري من تصعيد متبادل في الضفة، لكنها وهي تعجز عن منعه والحيلولة دون تمدده، تواجه خيارين اثنين لا ثالث لهما: فإما مجاراة حماس في مقاومة قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين بالمباشر، ضاربة عرض الحائط باسترداد "الثقة" وإجراءات بنائها و"ثمارها" الآنية، وإما تعميق وتوسيع التنسيق الأمني مع الاحتلال ... السلطة تميل للأخذ بالخيار الثاني، وهي لا زالت على عهد حفظ "قداسته"، وبعض قواعد فتح، تميل للاتجاه الأول، بل وتنخرط فيه بنشاط على بعض المحاور.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضفة إذ ترفع منسوب غضبها، ماذا عن فتح وحماس الضفة إذ ترفع منسوب غضبها، ماذا عن فتح وحماس



GMT 22:05 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الكل متأخر... سيدي!

GMT 15:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 15:30 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

متى يبدأ الدرس؟

GMT 14:53 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية واستحقاقات الحرب السرية

GMT 14:50 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... القول ما قالت «ندى» الجميلة!

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:26 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أدوية علاج لمرض السكري قد تُقلل خطر الإصابة بحصوات الكلى
المغرب اليوم - أدوية علاج لمرض السكري قد تُقلل خطر الإصابة بحصوات الكلى

GMT 09:56 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يتصدّر ميدان "تايمز سكوير" في نيويورك
المغرب اليوم - عمرو دياب يتصدّر ميدان

GMT 05:47 2017 الأربعاء ,19 إبريل / نيسان

3 لاعبات من الحسنية في المنتخب المغربي النسوي

GMT 03:03 2024 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

وعود صينية تٌضمد جراح أسهم شركات الألعاب

GMT 20:35 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

سوني تطلق سماعة أذن لاسلكية بسعر منافس جدًا

GMT 13:05 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أغرب حالات الولادة في الحيوانات

GMT 06:47 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

العراق يقلّص زراعة محاصيل الشتاء إلى النصف

GMT 06:37 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أفضل المعالم السياحية في "إيبوه" الماليزية

GMT 00:27 2018 الأحد ,16 أيلول / سبتمبر

معرض V & A دندي واحدٌ مِن أجمل المتاحف في العالم

GMT 06:01 2014 الأربعاء ,13 آب / أغسطس

أشغال الجلد الطبيعي مميزة للغايّة

GMT 06:44 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

استراتيجية التوتر: رهان قوة جديد حول الصحراء..

GMT 16:22 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

طريقة تحضير خبز الصاج باللبن الرايب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib