عهد حزب الله شبه انتهى

"عهد حزب الله" شبه انتهى

المغرب اليوم -

عهد حزب الله شبه انتهى

خيرالله خيرالله
بقلم: خيرالله خيرالله

لو كان لدى إيران أي مشروع حضاري سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي يمكن تصديره، لما كان العراق كلّه في ثورة على وجودها فيه ولما كان عادل عبدالمهدي اضطر إلى تقديم استقالة حكومته. ليس لدى إيران ما تصدره سوى الميليشيات المذهبية.

من أخطر ما يحدث في لبنان حاليا هو ذلك العجز لدى رئاسة الجمهورية على استيعاب معنى الذي يحصل في الشارع منذ السابع عشر من تشرين الأول – أكتوبر الماضي، أي منذ نحو شهرين من جهة وعمق الأزمة الاقتصادية التي تشمل النظام المصرفي من جهة أخرى.

يبقى الأخطر من ذلك كلّه، العجز الآخر عن فهم المعادلات الإقليمية بتأثير من أوهام يروّج لها “حزب الله”. أوهام من نوع الكلام عن السوق العراقية الواعدة للاقتصاد اللبناني، في وقت ينتفض العراق كلّه ضدّ إيران.

ليس ما يحدث في الشارع اللبناني حدثا عابرا. لو كان كذلك، لما كانت الثورة مستمرّة بطريقة أو بأخرى في كلّ المناطق اللبنانية، بما في ذلك المناطق ذات الأكثرية المسيحية والمناطق التي تقع تحت سيطرة “حزب الله” في الجنوب والبقاع.

 هناك بكل بساطة استيعاب لدى اللبناني العادي لواقع يتمثّل في أنّ شيئا ما يجب أن يتغيّر في العمق في البلد. هناك استيعاب لواقع آخر فحواه أنّ ليس صحيحا أن الأمر يتعلّق بتصفية حسابات مع سعد الحريري من أجل إثبات القدرة على تغيير اتفاق الطائف ومن أجل استعادة حقوق المسيحيين.

إن المسيحيين يقفون في مقدم الثوار، كذلك الشيعة. هذا يؤكّد أن الأزمة التي يمرّ فيها لبنان أعمق بكثير مما يعتقد ولا يمكن معالجتها برئيس لمجلس الوزراء من نوع سمير الخطيب أو من على شاكلته. لو كان الأمر كذلك، لكان مرّ محمد الصفدي ولكان في الإمكان تمرير شخص مثل فؤاد مخزومي، لا يزال يوجد من يعتقد أن لديه علاقات عربية ودولية.

ثمة حاجة إلى اعتماد المنطق والهدوء والابتعاد عن الأوهام. يقول المنطق إنّ حقوق المسيحيين لا تستعاد بسلاح “حزب الله”. هذا السلاح، إضافة إلى ممارسات الحزب في لبنان وخارج الأراضي اللبنانية، تسبب في إفقار لبنان. أدّى سلاح الحزب وممارساته إلى إفقار المسيحيين والمسلمين في الوقت ذاته. لو لم يكن الأمر كذلك، لما كان ذلك التململ في كلّ الأوساط اللبنانية وكل الطوائف والمذاهب من دون استثناء.

يقول المنطق أيضا إن “عهد حزب الله” يقترب من نهايته. استطاع الحزب الوصول إلى هذا العهد بعدما فرض رئيس الجمهورية الذي يريده وبعد انتخابات نيابية بموجب قانون عجيب غريب فرضه على اللبنانيين بما أمّن له أكثرية نيابية يتبجّح بها قاسم سليماني قائد “لواء القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني.

في الواقع، لا توجد أي مقومات لنجاح عهد يتحكّم به “حزب الله”. هذا عائد إلى أن الحزب لا يرى في لبنان سوى “ساحة”. لبنان، بالنسبة إلى الحزب، ورقة إيرانية لا أكثر.

كذلك، يقول المنطق إنّ لبنان لا يستطيع العيش في معزل مع ما يدور في المنطقة. من يمتلك حدّا أدنى من الفهم في السياسة الإقليمية والدولية يعرف أنّ إيران الحالية، أي “الجمهورية الإسلامية” التي أسسها آية الله الخميني في العام 1979، هي ماضي المنطقة وليس مستقبلها. لو كان لدى إيران أي مشروع حضاري سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي يمكن تصديره، لما كان العراق كلّه في ثورة على وجودها فيه ولما كان عادل عبدالمهدي اضطر إلى تقديم استقالة حكومته. ليس لدى إيران ما تصدره سوى الميليشيات المذهبية. ما يدفعه لبنان هو ثمن السياسة الإيرانية التي ظنّت أنّها سيطرت على البلد نهائيا بعد العام 2016، أي بعد وصول مرشّح “حزب الله” إلى قصر بعبدا.

لا حاجة إلى كلام كبير من نوع الحرب على الفساد أو الحاجة إلى حكومة ميثاقية لتغطية الكارثة التي اسمها “عهد حزب الله” الذي يسيطر عليه، ظاهرا، جبران باسيل الذي يظنّ أن الطريق إلى قصر بعبدا يمرّ بطهران. الحاجة حاليا إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من لبنان. الحاجة إلى التعاطي مع الواقع بدل الهرب منه عن طريق رفع شعارات مضحكة مبكية عن الوحدة الوطنية وتمثيل كل المكونات اللبنانية في الحكومة المقبلة أو المحافظة على سلاح “المقاومة”.

في أساس الانهيار الاقتصادي الذي فرض على المصارف اتخاذ إجراءات معيّنة لا سابق لها في تاريخ لبنان، منذ ما قبل الاستقلال، عوامل عدّة. من بين هذه العوامل العقوبات الأميركية على إيران وأذرعتها، وبالتالي على “حزب الله”.

كذلك، لا يمكن تجاهل أن لبنان صار معزولا عربيا منذ سنوات عدّة. جعل “حزب الله” المواطن الخليجي غير مرغوب به في لبنان. إضافة إلى ذلك، خفت إلى حدّ كبير تحويلات اللبنانيين المقيمين في الخليج. فوق ذلك كلّه، لا يمكن تجاهل أن الدولار الموجود في السوق اللبنانية بات حاجة سورية أيضا. هذا ما يفسّر إلى حدّ كبير الشحّ في العملات الصعبة في لبنان.

يستحيل التعاطي مع الأزمة اللبنانية بمفاهيم ما قبل ثورة 17 تشرين. هناك صفحة طويت. من يعتقد أن سمير الخطيب أو ما يشبهه يستطيع فتح صفحة جديدة، إنّما يعيش في ماض بعيد. بكلام أوضح، هناك أمل ضعيف في إنقاذ الوضع الاقتصادي والحؤول دون الانهيار النهائي.

يكمن هذا الأمل الضعيف في تشكيل حكومة على رأسها شخص قادر على التعاطي مع الأميركيين والأوروبيين والعرب. مثل هذه الحكومة لا يمكن أن تضمّ ممثلين لأي طرف سياسي، خصوصا “حزب الله”. إنّ الحزب مرفوض أميركيا وأوروبيا وعربيا. أما “التيّار الوطني الحر” الذي لا حاجة إلى وقائع تؤكد فشله، فهو ليس، من وجهة النظر العربية والأميركية، سوى أداة من أدوات “حزب الله”. تسلّم “التيّار” ملف الكهرباء منذ أحد عشر عاما. ما الذي تحقّق إلى الآن؟ لم يتحقّق شيء. كلّ ما في الأمر أن سيطرة مافيا أصحاب المولدات الكهربائية تعزّزت أكثر في ظلّ ما يسمّى “العهد القوي”!

هناك ثورة شعبية مستمرّة في لبنان. هل يريد “عهد حزب الله” القائم منذ 2016 أخذ العلم بذلك؟ حتّى لو همدت هذه الثورة، لا مفرّ من الاعتراف بأن تغييرا في العمق حصل فعلا. مع هذا التغيير، لا يمكن بأي شكل العودة إلى تشكيل حكومات على الطريقة القديمة وتسجيل نقاط على اتفاق الطائف، عن طريق تأخير موعد الاستشارات النيابية الملزمة.

هناك عهد شبه منتهٍ لا أكثر ولا أقل. انتهى هذا العهد، تقريبا، في وقت تشهد المنطقة كلّها تغييرات كبيرة. تشمل هذه التغييرات الداخل الإيراني حيث لم تهدأ الثورة على الرغم من اللجوء إلى القمع الشديد لإسكاتها. الأهم من ذلك كلّه أن العراق حيث سيتحدّد مستقبل النظام في إيران في حال غليان. في العراق ثورة على إيران وهذا ما يُفترض أن يعيه كلّ من يفكّر في مستقبل لبنان.

 

قد يهمك ايضا
أهمّية عدن
المريض الإيراني والعراق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عهد حزب الله شبه انتهى عهد حزب الله شبه انتهى



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 06:17 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
المغرب اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 16:05 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

سر غياب الأميرة للا سلمى عن الساحة المغربية منذ يونيو 2017

GMT 05:40 2020 الخميس ,11 حزيران / يونيو

طائرة البحرين تتراجع عن المشاركة في "كأس آسيا"

GMT 14:16 2019 الجمعة ,26 تموز / يوليو

لبنى أبيضار تدخل القفص الذهبي للمرة الثالثة

GMT 11:15 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

نهضة بركان يمدد عقد العربي الناجي حتي عام 2022

GMT 06:40 2018 الجمعة ,20 إبريل / نيسان

ملابس فصل الربيع في خمسة أنماط للشعور بالراحة

GMT 13:56 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مدينة "مزكيتام" في إقليم غرسيف تعيش وضعا بيئيا مقلقًا

GMT 14:05 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

سعيد الناصري يؤكد أن الوداد البيضاوي لا يخشى الأهلي

GMT 02:35 2012 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

روزي دون ترتدي ملابس بوربيري

GMT 00:55 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إسعاد يونس تعتبر أكاديمية الفنون المصرية "الأقوى" دوليًا

GMT 03:31 2016 الجمعة ,02 كانون الأول / ديسمبر

"Top Chef - مش أيّ شيف" يقترب من تحديد الفائز باللقب على "MBC"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib