توابع زلزال «المهرجانات»

توابع زلزال «المهرجانات»

المغرب اليوم -

توابع زلزال «المهرجانات»

طارق الشناوي
طارق الشناوي

الصراع الدائر حول مطربي المهرجانات وشرعية وجودهم عنوانه هو حق الإنسان في أن يستمع إلى ما يريد، من دون وصاية من أحد.بديهي أن من صلاحيات النقابة طبقاً للائحة التي تطبقها ألا تعتمد مطربي المهرجانات بين أعضائها، ولكن ليس من حقها أن تطاردهم وتصدر قراراً بعدم السماح لهم بالغناء، حتى في الأفراح، وتتواصل مع «يوتيوب» لكي تصادر أغانيهم من على الموقع، وحاولت أكثر من مرة مع عدد من النقابات الموسيقية العربية، لعدم استقبالهم أو السماح لهم بالغناء.

هناك فارق بين أن تمنع فناناً من عضوية النقابة، وبين أن تعتبر هدفك الأساسي أن تحول بينه وبين الجمهور.هناك 19 صوتاً ممنوعاً، وأضيف إليهم مطرب آخر بدعوى أنه لا يحافظ على التقاليد في ملبسه ومظهره. كيف وصلت الأمور إلى هذا الحد؟ هؤلاء المطربون أو المؤدون، أياً ما كان التوصيف، لديهم قطعاً جمهورهم الذي يتذوق أغانيهم وهم الأكثر طلباً، وإلا فمن الذي منحهم البقاء كل هذه السنوات داخل الدائرة؟ ما هو البديل الذي طرحته نقابة الموسيقيين إذن لملء الفراغ؟ المطربون المعتمدون فقد جزء منهم التواصل مع الناس، ولهذا لا يمكن فرضهم لملء الفراغ. ستظل تلك المساحة شاغرة، وكان ينبغي أن يصبح الحل ليس المنع، ولكن الدفع بمطربين ترى النقابة أنهم يشكلون المواصفات المطلوبة في الغناء النموذجي.

الإذاعة المصرية كانت ولا تزال لا تعترف ببعض المطربين، ولا تضعهم على أثيرها، رغم أن الإذاعة الرسمية حتى نهايات القرن العشرين لم يكن لها بديل، إلا أن شريط الكاسيت لعب دوره، ووجدنا مثلاً أحمد عدوية يحقق الملايين في التوزيع، كما أن السينما المصرية استعانت به في أكثر من عشرين فيلماً، وكان تميمة الحظ. عدوية لا يقرأ ولا يكتب، إلا أنه لم يُمنع من الغناء خارج الإطار الرسمي للدولة.

صار الآن هو رائد الأغنية الشعبية كما ينبغي أن تكون، والكل عندما يثني على فنان شعبي يعلن أنه يسير على خطى عدوية.

الأحكام تظل نسبية مرتبطة بالزمن، وهو قادر على إسقاطها، الكثير من الأغاني وعدد من المطربين بين الحين والآخر تصادرهم الأجهزة الرسمية، ويظل لهم حضورهم في الشارع.
ما أطلقنا عليه أغاني مهرجانات كانت بدايته في عقد التسعينيات، من سكان الأماكن العشوائية، فاخترعوا كلمات جديدة على اللغة لتصبح بمثابة شفرة للتواصل، وبدأوا في الغناء على هذا «الرتم» وجاء توصيفها «مهرجانات» لأن الكلمة تعني في العُرف الشعبي البهجة، وانتقلت من دائرة محدودة لقطاع أوسع، ثم انتقلت من مصر للعالم العربي. وفي كل أفراح فنادق السبع نجوم، صار الشباب لا يغنون إلا «مهرجانات»، والعرس لا يعتبر عُرساً إلا إذا أحياه مطرب «مهرجانات». وفي موازاة ذلك، انتشر في الشوارع «التوك توك» وصارت لدينا ما يمكن أن نُطلق عليها «ثقافة التوك توك». تابع ما يكتب على خلفية تلك المركبات الصغيرة، ستجد حكمة وأمثالاً شعبية، وأحياناً سخرية من شيء ما، أو عتاباً لصديق. وتلك المفردات هي التي حاول مثلاً عمرو دياب أن يلتقطها ويقدمها في عدد من أغانيه.

المنع الذي تنشده نقابة الموسيقيين، أشبه بمن يطارد قطة سوداء في حجرة مظلمة. كان الأجدى بالنقابة أن تدفع للساحة بعدد من المطربين الذين تعتقد أن بهم المواصفات المطلوبة، وساعتها ستطرد العملة الجيدة العملة الرديئة. الفن يواجه بالفن البديل، من تغلق اليوم دونه الباب، سيأتي لك حتماً في الغد من الشباك!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

توابع زلزال «المهرجانات» توابع زلزال «المهرجانات»



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:47 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل
المغرب اليوم - منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل

GMT 16:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجات لم يشفع لها الذكاء الاصطناعي في 2024

GMT 08:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الطقس و الحالة الجوية في تيفلت
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib