مراكش-ثورية ايشرم
لا يمكن ذكر مراكش الحمراء أو زيارتها دون تخصيص بعض الوقت لتلك الحدائق الخضراء التي تزينها وتنتشر في معظم أرجائها والتي تعبر عن الثقافة الإسلامية المغربية، كما أنها لمسة بيئية خضراء وطبيعية في قلب المدينة وفي مختلف المناطق المحيطة بها والتي تجعل من مراكش فردوسًا أخضرًا على مدار العام حتى في فصل الصيف، حيث تندثر اللمسات الخضراء من مختلف المدن. إلا أن مراكش تبقى أشجارها ونباتاتها التي تزيين الحدائق فيها خضراء ناصعة بألوانها المشرقة التي تعطي الرقة والجمال الطبيعي الساحر والذي يخطف أنظار السائح الأجنبي الذي يجد ضالته في هذه المدينة في كل الأوقات إذ يستغل الفرصة التي تتاح أمامه في كل لحظة لزيارتها والاستمتاع بها وبجماليتها.
وتعتبر حدائق مراكش من بين الخصائص الرائعة والمميزة التي تجعل مراكش مختلفة عن غيرها من المدن المغربية الأخرى، فهي تتميز بتلك المساحات الخضراء التي تلاحظها بمجرد أن تطأ قدمك المدينة والتي تتنوع وتختلف بين العصرية والتقليدية والكلاسيكية القديمة التي يعود تاريخ تأسيسها إلى قرون زمنية قديمة عدت وولت، وتشهد على مدى الشغف بالثقافة الإسلامية الخاصة بالحدائق، والتي شكلت مناظرها الخضراء على مشارف الصحراء رمزا فريدا من نوعه من الخصوصية التي تمتاز بها مدينة مراكش.
وتمنح هذه المناظر ذلك التميز لتلك الحدائق التي تمت تهيئتها بنمط تستجيب من جهة إلى الحاجيات الأساسية لتامين تزويد مدينة مراكش بالماء والمواد الغذائية الطازجة بفضل النظام المحكم لتوزيع المياه العذبة انطلاقا جبال الأطلس ، ومن جهة أخرى تبرز الإرادة القوية في أحداث مناظر طبيعية على المئات من الهكتارات وفق تلك الهندسة المعمارية الإسلامية الرائعة حيث توجد المآثر التاريخية التي تثير إعجاب السائح والزائر بصفة عامة والتي يحبطها بشكل مميز ومتقن الغطاء الأخضر البيئي الذي قلما تجده بهذه الطريقة في عدد من المناطق المغربية أو غيرها.
ومن بين الحدائق التي تشهد تاريخيا عريقا للمدينة الحمراء وتسافر بك عبر الزمان إلى حقب تاريخية قديمة ومميزة هي حدائق المنارة التي تعد من بين اعرق الحدائق وأقدمها في مراكش وهي حدائق شاسعة المساحة ، تضم ما يقارب 40 صنفا من أشجار الزيتون المتنوعة والمنتشرة في أرجاء البساتين الكبيرة التي تعتبر منتزها طبيعيا وبيئيا لساكنة المدينة الحمراء وزوارها الذين يقصدونها لقضاء أروع الأوقات وأجملها والاستمتاع بمناظر الطبيعة الخضراء على مدار العام لا سيما في نهاية الأسبوع حيث تتحول بساتين المنارة إلى قبلة تستقطب السياح والزوار إليها بشكل كبير قد يدفع ذلك إلى توجه إليها في الساعات الصباحية أيام السبت والأحد للظفر بمكان للجلوس وقضاء أروع الأوقات رفقة الأصدقاء أو الأسرة حيث قد يؤدي تأخرك إلى عدم وجود أماكن شاغرة للجلوس والاستمتاع بيوم في قلب الطبيعة الخضراء.
كما أن حدائق المنارة تعتبر مكانا يتميز بمجموعة من الأنشطة ليس فقط الجلوس تحت الأشجار وتناول مختلف الأطباق والاستمتاع بجمالية المناظر وإنما تتحول أيضا خلال نهاية الأسبوع وفي عطل فصل الربيع إلى فضاء للأنشطة الثقافية من غناء ورقص شعبي التي يقدمها شباب مراكش حيث تعتبر " الدقة المراكشية " من أهم الأمور الترفيهية التي تجدها في المنارة نهاية الأسبوع والتي يتفنن فيها شباب يقصدون المنتزه للاستمتاع وإمتاع الآخرين ، إضافة إلا ممارسة مجموعة من الأنشطة الرياضية ككرة القدم والركض وركوب الأحصنة والجمال والتنقل بين أرجائها والاستمتاع بمجموعة من الأمور التي تقدم في هذه الحدائق التي تفتح أبوابها للعموم وبالمجان ابتداء من الساعة السادسة صباحا إلى غاية السابعة مساء في أجواء مراكشية يسودها الفولكلور الشعبي المميز.
وتتميز الحدائق أيضا بالإضافة إلى ما ذكر بتاريخها الحافل والمميز الذي يعود إلى حقب زمنية قديمة جدا حيث تتميز في أقصى الجنوب بوجود تلك المقصورة التاريخية التي يطلق عليها اسم المنزه والتي شيدها السلطان سيدي محمد عام 1866 لتعويض البناية القديمة التي يرجع تاريخها إلى حوالي القرن السادس عشر ويوجد هذا المنزه المحاط بتلك الحديقة البديعة المحاطة أيضا بذلك السور العتيق والقديم ، المحاذية للصهريج إذ يشكل ذلك تلك اللوحة الفنية والجميلة التي تستهوي الزوار وعشاق مدينة مراكش ، فضلا عن ذلك الصهريج المائي الكبير الذي تمتاز به الحدائق والذي يعد من اللمسات والرموز القديمة التي تم تاسيها في الحدائق لغرض تدريب جنود الموحدين على السباحة لعبور البحر الأبيض المتوسط في اتجاه الأندلس في وقت قديم ، ليتحول بعد ذلك إلى مزار مهم يقصده السياح للاستمتاع ومشاهدة تلك الأسماك التي يتم جلبها إليه لتمنح المكان نوعا من الجمالية المميزة والخاطفة للأنظار.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر