بقلم : عبد اللطيف المتوكل
أصبح فريق الرجاء الرياضي البيضاوي لكرة القدم، عنوانًا للإفلاس، وعنوانًا للملاحقات القضائية، ولمتاعب لا حصر لها، وعنوانًا لبشاعة المنظر والحال والمآل، بسبب مظاهر سوء التسيير والعشوائية في تدبير الأمور الإدارية والمالية، لأكثر من 3 أعوام، فالديون كثيرة ومتشعبة، والأزمة تنخر الفريق رويدًا رويدًا، والرئيس الجديد صار كمن يواجه بحرًا متلاطمًا، أمواجه عاتية وتياراته لا تستقيم على حال.
لكن خليفة بودريقة اختار أن يزيد من محن الفريق، برفعه لسياسة أنصاف الحلول، وهو يحاول أن يضمن للاعبي فئة الكبار وطاقمهم التقني أجورهم ومصاريف السفر والإقامة في الفنادق، على حساب المستخدمين أصحاب الأجور الضعيفة، وعبر سياسة هضم الحقوق وتخفيض أجور الإداريين وممارسة الطرد التعسفي في حق آخرين، كالمسؤول عن لجنة الإعلام والتواصل الزميل محمد بلعودي.والمؤسف أن تتطور الأوضاع داخل الرجاء الرياضي، ليجد نفسه غير قادر على توفير السيولة المالية للسفر إلى أكادير لخوض مباراته ضد الحسنية في إطار الأسبوع الخامس من البطولة الوطنية. فالرئيس الجديد بدأ يستشعر أنه يصارع "طواحين الهواء"، خاصة أنه لحد الآن لم يضع مشروعا لإنقاذ الرجاء من خلال الانفتاح على أبناء وكفاءات الرجاء، ممن ابتعدت في عهد بودريقة بعد أن مورس عليها الإقصاء والانقلاب في أبشع صوره.
المشاكل والمتاعب لا تكاد تتوقف، وجاء إغلاق مركب "محمد الخامس" بدعوى إخضاعه لإعادة التأهيل والإصلاح، ليزيد الطين بلة، وليحرم الفريق من مداخيل مالية مهمة يمكن أن تعينه في التخفيف من حدة الأزمة المالية، غير المسبوقة في تاريخ الفريق.أما لماذا لا يخوض الرجاء مبارياته في ملعب "الأب جيكو" أو "مولاي رشيد"، في انتظار أن يعاد فتح مركب "محمد الخامس"، وبطرح عدد معقول ومنطقي من التذاكر للبيع، تراعي محدودية الطاقة الاستيعابية والجانب التنظيمي، فتلك حكاية أخرى لا يمكن فهمها ولا تصديق مبرراتها الواهية!.
رجاء كرة القدم في محنة، ورجاء كرة السلة هوى إلى القسم الثالث، وحتى الحافلة الصغيرة التي هي في ملكية نادي الرجاء الرياضي، ضاعت منه في ظروف غامضة، وأصبحت أثرا بعد عين، ورجاء كرة اليد قدمت اعتذارا وأصبحت عاجزة عن خوض مبارياتها ضمن الدوري الوطني، ووحده فرع السباحة من يتحدى قلة وهزالة الإمكانيات المالية واللوجيستيكية، للاستمرار في الحياة، ولو إلى حين!!.
المسؤول عن هذه الوضعية معروف، لكن ما العمل، هل يجب على الرجاويين أن يبقوا مكتوفي الأيدي وهم يسمعون عن فصول الأزمة، ومهازل الأزمة، أم يجب أن يتحركوا ويهبوا لإنقاذ ناديهم الذي صار مجرد اسم بلا مسمى وبلا مدلول.حينما ترشح بودريقة لرئاسة الرجاء كان عدد المنخرطين يصل إلى 157 منخرطا، وفي تلك الفترة كان واجب الانخراط محددًا في 20 ألف درهم، وحتى في غياب الهاجس الانتخابي لم يكن عدد منخرطي الرجاء ينزل عن سقف 100 منخرط ، لكن ليضمن لنفسه السيطرة على الفريق شن الحرب على من سبقوه للمسؤولية، ومن راكموا التجربة وخبروا مجال التسيير، فتراجعوا إلى الوراء وتوقفوا عن الانخراط، مفضلين أن يرسموا مسافة بينهم وبين الفريق إلى أين يقضي الله أمرا كان مفعولاً!!.
لقد اضطر بودريقة إلى "الهروب" من رئاسة الرجاء، رغم أنه كان يمني النفس بالاستمرار في هذه المهمة التي أدخلها بمحض إرادته إلى "النفق المسدود".
لقد أكدنا على أنه في ليلة "هروب" بودريقة من الرئاسة، قبض حسبان على "جمرة بين يديه"، ستحرقه إذا لم يعرف كيف يتعامل معها ويخفف من وطأتها بحكمة وبعد نظر، إلا أنه للأسف الشديد، أذكاها بتوجهات واختيارات وأساليب لا تمت بصلة إلى التقويم والعلاج.
صفحة بودريقة لا يمكن أن تطوى دون أن تكون محل قراءة وتمحيص وتقييم ودراسة ومحاسبة، لأن يستحيل على الرجاء أن يستعيد طريقه الصحيح والباعث على الطمأنينة والتفاؤل ما لم تسد داخله منهجية التدبير النظيف والشفاف والنزيه والعقلاني وربط المسؤولية بالمحاسبة.
الرجاء تحول إلى "رهينة" بسبب الأزمة المالية، وبسبب حسابات غامضة تحكمت في تسييره لمدة 4 أعوام، وأصبح "رقمًا صغيرًا" بسبب ضعف أداء المكتب المسير، وتحكم من ليست لهم الصفة ولا الأهلية في مفاتيح القرار، لذلك، لا مجال لتضييع الوقت في اجترار أخطاء الأمس، وإنما من الضروري استخلاص الدروس والعبر، وتجميع الكفاءات والطاقات والبحث عن صيغ صحيحة وعلمية في تدبير شؤون الفريق المالية والإدارية والتقنية، حتى لا ينهار هذا الفريق الشامخ والعريق!!.