تمكن فريق القراصنة الإلكترونيين لموقع "Fancy Bear"، الذي يحسبونه في الغرب مرتبطا بروسيا، من اختراق موقع قاعدة بيانات الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات "وادا – WADA"، حيث حصلوا بنتيجة ذلك على ملفات تتضمن معلومات عن رياضيي الولايات المتحدة، الذين سمحت لهم الوكالة رسميا بتعاطي المنشطات التي حظرتها الوكالة بنفسها. وقد فند المكتب الإعلامي للكرملين ووزير الرياضة والشباب في روسيا فيتالي موتكو أي علاقة للسلطات الروسية بالأمر.
وتشير صحيفة "ديلي تلغراف" إلى أن الأجهزة الأمنية الأمريكية حذرت الوكالة من وجود محاولات لاختراق موقعها الالكتروني خلال عدة أسابيع، ولكن يبدو أن الوكالة لم تعر اهتماما لهذا التحذير.
وقد حصل الهاكرز على معلومات عن عدد من رياضيات الولايات المتحدة، من بينهن: الحائزة بطولةَ الألعاب الأولمبية أربع مرات لاعبة الجمباز سيمون بايلز، ولاعبة كرة السلة إيلينا ديلي دون، ولاعبتا التنس الشقيقتان فينوس وسيرينا ويليامز.
وتشير المعلومات، التي تضمنتها هذه الملفات، إلى أن "وادا" سمحت لكل منهن رسميا بتناول هذه المنشطات "بهدف العلاج" باعتبار أنهن يعانين من أمراض محددة. وقد أسرعت الرياضيات إلى تأكيد ذلك فورا، فقد صرحت بايلز بأنها تتناول المنشطات التي حرمتها الوكالة منذ طفولتها، لأنها تعاني من متلازمة اضطراب نقص الانتباه مع إفراط في النشاط، وقالت: "نعم أنا أعاني من نقص الانتباه وإفراط في النشاط، وأتناول هذه الأقراص، وليس في هذا شيء مخجل، وليس في هذا ما أخشى كشفه للناس".
أما ديلي دون، فأعلنت على صفحتها في شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن ما كشفه الهاكرز من معلومات عنها ليس مفاجأة أبدا. وأنا اشكر الهاكرز لكشفهم عن أني أتناول الدواء الذي سمحت لي "وادا" بتناوله رسميا".
أما فينوس ويليامز، فتنفي ارتكابها أي مخالفة، ولكنها أعربت عن أسفها لنشر هذه المعلومات من دون موافقتها.
من جانبه، قال مدير الوكالة الأمريكية لمكافحة المنشطات إن الرياضيين كافة يتصرفون ضمن إطار القانون، وأعلن أن "اتهام الرياضيين غير أخلاقي ويثير الاشمئزاز". وقد أيده في ذلك رئيس اللجنة الأولمبية الأمريكية، مشيرا إلى أن الفريق الأولمبي الأمريكي في ريو دي جانيرو نفذ متطلبات "وادا" كافة 100 في المئة، ولم ينتهك أي قواعد.
وعموما، تثير فضيحة المنشطات العديد من الشكوك في العالم وفي روسيا خاصة. يقول رئيس لجنة التربية البدنية والرياضة في مجلس النواب الروسي (الدوما) دميتري سفيشِّيف إن "اختراق المواقع الالكترونية مخالف للقانون. ولكن من جانب آخر يُثبت ما تم كشفه وجود سياسة المعايير المزدوجة: أي ما يُسمح به للأمريكيين ممنوع على الروس. أعتقد أن احتجاجات واسعة ستظهر في القريب العاجل على ذلك". في الغرب يدركون إنه "يمكن جعل الرياضي بطلا، بإعطائه مختلف المستحضرات المنشطة على أساس تشخيص إصابته بأمراض مختلفة".
ويبدو أن حربا باردة وهجينة تندلع بين "وادا" والولايات المتحدة من جانب، وروسيا من جانب آخر: هاكرز روسيا ضد البيروقراطية الغربية. ويذكر أن "وادا" دعت قبل انطلاق الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو إلى حرمان الفريق الروسي من المشاركة فيها عقب نشر تقرير ريتشارد ماكلارين، الذي يتهم مسؤولي الرياضة في روسيا بتغطية تناول الرياضيين الروس للمنشطات مع علمهم بذلك.
يقول أليكسي فينينكو، الأستاذ في كلية السياسة الدولية في جامعة موسكو: "يجب أن نفهم أن تسييس الرياضة ليس ظاهرة جديدة، فلنتذكر الألعاب الرياضية للاتحاد السوفياتي عام 1928 في موسكو، لقد كانت تحديا للألعاب الأولمبية. أو مقاطعة الولايات المتحدة لدورة الألعاب الأولمبية في موسكو عام 1980، ومقاطعة الاتحاد السوفياتي للدورة الأولمبية التالية في لوس انجلوس". والآن تستخدم الولايات المتحدة "الألعاب الأولمبية للانتقام من روسيا بسبب شبه جزيرة القرم وعزلها عن الحركة الأولمبية".
وبحسب رأي فينينكو، من المحتمل جدا تصاعد هذه الأزمة "حتى أنها قد تصل إلى انهيار الحركة الأولمبية والعودة إلى وجود عدة أولمبيادات في العالم، لا تعترف بنتائج الأخريات، كما حصل في اتحاد الشطرنج الدولي".
وبحسب رويترز، سوف تستمر السلطات الأمريكية في التحقيق إلى حين التوصل إلى مصدر هذه الهجمات الالكترونية على "وادا". في حين أن موقع "Fancy Bear" ذكر أن ما نشره ليس إلا "غيضا من فيض".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر