تعاني جزيرة كورسيكا الفرنسية في البحر الابيض المتوسط من ازمة تراكم للنفايات مردها الى الانفجار السكاني ويفاقمها تدفق السياح.
وباتت مستوعبات النفايات ممتلئة عن آخرها، والبقايا ملقاة في الشارع وعلى الشواطئ، بحيث لم تعد هذه الجزيرة الجميلة كما عهدها سكانها وزوارها من قبل.
واضافة الى النمو السكاني المطرد الناتج عن انتقال اربعة الاف شخص سنويا للاقامة في الجزيرة الفرنسية البالغ عدد سكانها 310 الاف نسمة، تساهم عوامل اخرى مثل ضعف البنى التحتية، وتضاعف ورشات البناء وما تلقيه من نفايات، والميل الاستهلاكي المتنامي لدى السكان، في تردي الحال اكثر فأكثر.
وتبذل السلطات المحلية في مناطق الجزيرة جهودا لتطوير عمليات فرز النفايات، لكن هذه الجهود ينبغي ان يواكبها تقدم في الحس المدني.
اما زيادة عدد المقيمين في الجزيرة اضعافا مضاعفة خلال الصيف مع تدفق ملايين السياح، فهو يزيد الامور تعقيدا.
كثيرا ما يصاب سكان الجزيرة او زائروها بالدهشة لرؤيتهم مكبا للنفايات ومخلفات ورشات البناء وهياكل السيارات في مواقع طبيعية خلابة.
لكن بعض السياح يساهمون بشكل مباشر في الازمة، اذ انهم يشعرون بنوع من الحرية بما يتيح لهم ان يفعلوا هنا ما لا يفعلونه في بلادهم، بحسب ميشال اكافيرا المسؤول عن المحمية الطبيعية في كورسيكا.
ويقول ان عددا من السياح الاجانب تعرضوا للتوبيخ خلال الصيف الماضي لانهم تركوا نفاياتهم في مواقع كانوا يتنزهون فيه بين الجبال، ويقصدها الاف الزوار.
ومن الشائع ان يصادف المرء اكياسا بلاستيكية ونفايات ملقاة على الشاطئ او في الجبال، في مناطق كان يتنزه فيها سياح اجانب.
وقد اصبحت بعض محطات معالجة النفايات تعمل بأقصى طاقتها، فرفضت بالتالي ان تستقبل نفايات من مناطق اخرى، الامر الذي دعا وزيرة البيئة الفرنسية سيغولين رويال آخر اب/اغسطس الى توجيه نداء للتحرك ومعالجة هذه الازمة "الخطيرة في كورسيكا".
وقالت "يمكننا ان نقلص كمية النفايات من المصدر الى النصف، وهذه مسؤولية الجميع".
واعربت عن اسفها لضعف النتائج من المعالجة الآلية للنفايات والفرز، وتحدثت عن امكانية انشاء وحدات معالجة نفايات في استثناء لما ينص عليه قانون حماية الشاطئ.
الا ان ذلك لم يلق استحسان المنظمات البيئية، رغم ان الوزيرة شددت على ان هذه الاستثناءات ستكون محدودة جدا.
وفي ظل هذا الواقع، يظهر بعض بصيص الامل من التجارب المنفذة على المستويات المحلية.
فقرية غيرولاتا الواقعة على الساحل الغربي للجزيرة، باتت تدور 80 % من نفاياتها بفضل الفرز من المصدر، ولا تضطر الى طمر اكثر من 20 %، اي ان النسب في هذه القرية معاكسة تماما للنسب في سائر ارجاء الجزيرة.
ويقصد هذه القرية الصغيرة مئات الالاف من السياح في كل صيف.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر