على صورة عملاقة لباراك اوباما رفعها متظاهرون في فرغسن كتب باحرف كبيرة "تعال الآن من فضلك". فهذه اللافتة التي رفعت في هذه المدينة الصغيرة بولاية ميزوري التي تهزها اعمال عنف منذ مقتل الشاب الاسود مايكل بروان برصاص شرطي ابيض، تلخص تطلعات كبيرة حركها اول رئيس اسود للولايات المتحدة.
كما انها تطرح تساؤلا متكررا منذ وصوله الى البيت الابيض في 2009 : هل يتوجب على باراك اوباما التدخل بشكل اكبر واكثر مباشرة عندما يعيد حادث ما شبح العنصرية الى الواجهة في بلاد الغي فيها التمييز والفصل العنصري قبل نصف قرن فقط في بعض ولايات الجنوب؟
فللمرة الثانية في خلال اربعة ايام تحدث اوباما الاثنين عن احداث فرغسن. ودعا في خطاب متزن ومحسوب الى حد كبير قوات الامن الى التحلي بضبط النفس والمتظاهرين الى الابتعاد عن العنف "الذي يضعف العدالة بدلا من ان يقويها".
وعندما سئل عن امكانية الانخراط "الشخصي" بشكل اكبر في هذه المأساة التي تهز اميركا منذ عشرة ايام او حتى القيام بزيارة المكان، شدد اوباما على رغبته بتوخي "الحذر الشديد" في هذه المرحلة من التحقيق.
وفي تعليق اوسع عن مسالة عدم المساواة العنصرية في الولايات المتحدة لفت الى الجهود التي لا يزال من الضروري القيام بها عندما يكون الشبان السود في بعض التجمعات السكنية "معرضين لدخول السجن او (المثول) امام محكمة اكثر من دخول الجامعة او الحصول على عمل جيد".
وشدد على انه "مشروع واسع. ان بلادنا تعمل عليه منذ قرنين".
ومنذ نهاية ولايته الاولى حذر الرئيس الرابع والاربعون للولايات المتحدة الذي انتخب بفضل الدعم الكثيف للاقليات، من التطلعات المفرطة. وقال في مقابلة مع مجلة رولينغ ستون في نيسان/أبريل 2012 "لم اؤيد مطلقا الفكرة القائلة انه مع انتخابي سندخل بطريقة ما مرحلة ما بعد العنصرية".
ورأت شيريلين ايفيل التي تدير الصندوق من اجل العدالة، اكبر مجموعة للدفاع عن حقوق السود في الولايات المتحدة، انه امر صحي ان يقف الرئيس على مسافة معينة من الاحداث.
وقالت "علينا الانتباه الى عدم المطالبة بالكلام الرئاسي في اي لحظة"، معتبرة ان الخطوات التي قام بها البيت الابيض في الايام الاخيرة --تحقيق فدرالي وايضا، وهو امر نادر، تشريح مغاير للتشريح التي تقوم به السلطات المحلية من جهة والعائلة من جهة اخرى -- كانت بمثابة رسائل قوية للتأكد من "احقاق العدل" في فرغسن.
وكان اوباما تطرق اثناء حملته الانتخابية الى مسالة العلاقات بين السود والبيض بطريقة مباشرة للغاية في اذار/مارس 2008 في خطاب القاه في فيلادلفيا بعد جدل اثارته تصريحات نارية لمرشده الروحي السابق القس جيريميا رايت. وقال انذاك "ان العنصرية مشكلة لا يجوز ان تتجاهلها البلاد".
لكن بعد ان اصبح سيد البيت الابيض لم تنطلق الامور بشكل حسن. ففي تموز/يوليو 2009 اضطر اوباما الى الاعتذار علنا بعد ان وصف توقيف صديق اسود بانه عمل "اخرق" وتحدث عن دوافع عنصرية بدون ان يمتلك كل العناصر بين يديه.
لكن مسالة تريفون مارتن الفتى الاسود البالغ من العمر 17 عاما الذي ضرب في شباط/فبراير 2012 في فلوريدا على يد حارس فيما كان يتنزه بدون سلاح في احد الاحياء السكنية شكلت منعطفا.
فبعد مسار قضائي ادى الى تبرئة القاتل الذي دفع بحجة الدفاع عن النفس، تحدث الرئيس الاميركي في تموز/يوليو 2013 على نحو شخصي الى حد كبير. فمع امتناعه عن انتقاد الحكم تحدث عن "الالم" الذي احدثه ذلك القرار في اوساط السود. وقال "قبل 35 عاما كان من الممكن ان اكون انا تريفون مارتن".
واعتبر ادولفوس بروت رئيس فرع الصندوق من اجل العدالة في مدينة سانت لويس ان المجرى الذي اتخذته الاحداث في فرغسون حيث ارسل الحرس الوطني الاثنين يبرر تدخلا رئاسيا حول ضرورة "التصدي مباشرة الى مسالة العنصرية والتفاوت الاجتماعي الاقتصادي".
وقال "ان الوقت لتوجيه رسالة شديدة اللهجة للغاية قد حان"، و"وآن الاوان للاعتناء بجيران مايكل براون".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر