الرباط : المغرب اليوم
راسل محمد لقماني عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، نبيلة منيب الأمينة العامة لحزب اليسار الاشتراكي الموحد، خطابًا ننشره كما ورد علينا، "لم يكن أحد منا يتصور أن السيد عبد الإله بنكيران سيصبح يوماً رئيس الحكومة المغربية، ولكنها السياسة، بما لها وما عليها، وقد تسمح بالشيء ونقيضه في عالم لا يسمح باليقينيات، هذا لأنها ( أي السياسة ) لا تخضع لمنطق العلوم التجربية الحقة، وأنت أستاذة العلوم وخير العارفات، ويقال أيضا، بأن السياسة لغة العقلاء، ويزيدون عنها أنها فن الممكن والمتاح، لذلك لا غرابة أن تصبحي يوما رئيسة الحكومة، وكم أتمنى ذلك حقيقة.
وللمهتمين بعلم الجماليات، أيضا رأي في السياسة، فهم يميلون إلى التعريف القائل بأن السياسة علم الخيال يسمح باستفزاز ملكة الإبداع لدى الإنسان ليتصور سيناريوهات مستقبلية تلهم مخيلته وتحول حلمه إلى حقيقة يعمل من أجلها، ما دامت هي الوسيلة المتوفرة لديه بعيدًا عن الواقع.
فما الغريب إذن أن تصبحي، سيدتي، رئيسة الحكومة وقد توفر لك ما تشتهين، وهو" دستور متقدم، وسند شعبي، وأغلبية برلمانية مريحة، وتعيين ملكي، ودعم اللوبيات بكل أصنافها، وإشادة دولية، وفرح نسائي، وصورك في جميع الصحف والمجلات ووسائل الإعلام. اللهم لا حسد!
أما بعد سيدتي.
أنت الآن رئيسة الحكومة، تم تعيينك من طرف ملك تعتقدين بأنه "ليس برلمانيا بما يكفي "، وأغلبيتك المطلقة مشكلة من الأحزاب "المخزنية"، ومضطرة ، أنت، إلى إعداد برنامج حكومي لنيل ثقة برلمان "الأميين"، و "الكسالى" و "المفسدين" و "تجار الممنوعات"…الخ.
أنت الآن، سيدتي، رئيسة حكومةٍ تم تعيينها وتنصيبها طبقا لدستورٍ "مخزنيٍ"، و"ممنوحٍ"، وستصبحين في قوة الواقع والأشياء سيـدة دولةٍ، ثاني شخصية دستورية بعد الملك، وعضوة في مجلس الوصاية على العرش، والرئيسة الفعلية والتسلسلية للإدارة المغربية، وصاحبة التعيينات في المناصب العليا، والقائمة على إعداد وتنفيد وتقييم السياسات العمومية…الخ.
أنت الآن سيدتي رئيسة الحكومة تقفين في البرلمان، تعرضين برنامج أغلبيتك الحكومية المثقل في الآمال و المتمنيات، المعزز بالأرقام والبيانات حول رفع نسبة النمو، و خفض نسبة البطالة، واجتثاث الفساد والاستبداد، وتحريك عجلة النمو الاقتصادي، وتحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين، والقضاء على الفقر، و توفير المستشفيات والأطباء، والقضاء على الجريمة، وتعميم وديمقراطية التعليم، والعدالة الضربية، وجلب الاستثمارات الخارجية، والمساواة أمام القانون…
تمرّ مائة يوم الأولى من عمر حكومتك سيدتي والجميع ينتظر، وتطلبين التمديد إلى حين الاطلاع الجيد على الملفات والمشاكل الحقيقية للبلاد، ثم تكتشفين ما لم يكن في الحسبان، ثم تطلبين التشاور، ثم تعترفين بصعوبة الوضع، ثم ترمين باللائمة على الحكومات السابقة، ثم يتغير خطابك، ثم تطلبين من الجميع الصبر والتضحية، ثم تستنجدين في الدولة المخزنية والأحزاب المخزنية والمقاولات المخزنية والصحافة المخزنية والنقابات المخزنية و الجمعيات المخزنية وربما… الشعب المخزني.
قلبي معك، سيدتي رئيسة الحكومة. لكن الوضع يغلي. فالعمال مقهورون، والمعطلون يحتلون الشوارع احتجاجا، والموظفون مهددون في تقاعدهم، والمقاولات تغلق أبوابها وتسرح عمالها، والنساء تطالب بإنصافها، و الطلاب يتحاربون بينهم، و أسرة التعليم تطالب تحسين أوضاعها، وأهل البوادي والقرى يتسغيثون من شدة التهميش والإقصاء، والجريمة تغزو قلب المدن، والإرهاب يهدد البلاد…
أنت الآن، سيدتي رئيسة الحكومة، في مكتبك الوثير، وأمامك قانون المالية وميزانية الدولة، فكيف ستتصرفين ؟ كم مرة ستضاعفين ميزانيات القطاعات الاجتماعية ؟ وهل سيكون ذلك على حساب الاستثمار العمومي؟ كيف ستخاطبين لوبيات الأبناك و المقاولات الكبرى في البلاد ؟ كيف ستتعاملين مع الدائنين من المؤسسات المالية الدولية ؟ وبنك المغرب ؟ والمتهربين من الضرائب ومن مستحقات صندوق الضمان الاجتماعي؟ كيف ستقنعين النقابات بالسلم الاجتماعي ؟ و كيف ستعالجين ملفات الفساد ؟
أنت الآن سيدتي تحملين صفة رئيسة حكومة المملكة المغربية. وسيكون عليك الدفاع عن بلادك أمام العالم. فكيف هو جوابك عن تقارير المنظمات الحقوقية الدولية التي تدعي الخرق الممنهج لحقوق الإنسان ؟ وماذا عن بعض الصحف الدولية التي تسيء إلى صورة المغرب ؟ وكيف ستجلسين مع رؤساء الدول الامبريالية وتقنعينهم بالتحول الديمقراطي في البلاد، و بدعم بلادك في ملف وحدته الترابية ؟ و بالاستثمار في المغرب ؟ ووو…؟
سيدتي نبيلة منيب، رئيسة الحكومة.
بعد هذا السفر في المستقبل الممكن، نرجو منك جوابا: هل ستحلين مشاكل المغرب والمغاربة بعلم السيـاسة أم بعلم الكــلام أم بعلم الخيــال ؟.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر