يعانى الوضع الأمني في أفغانستان، من حالة عدم استقرار، في ظل تزايد المخاوف من عمليات الانشقاق في حركة "طالبان" إلى مجموعات أصغر موالية لـ"داعش"، ما سيؤدى إلى مزيد من العنف في البلاد، وبعد تأكيد وفاة الملا عمر، رسميًا، من حركة "طالبان" زادت مخاوف الحركة من قدرة تنظيم "داعش"، على تشكيل تحد خطير على الجماعة الجهادية في أفغانستان.
ولا يزال فرع "خراسان" من تنظيم "داعش"، "ولاية خراسان"؛ تنظيم صغير؛ لكنه يتلقى دعمًا ماليًا كبيرًا من "داعش" في ظل عدم الاستقرار داخل "طالبان"، كما تناثرت أنباء عن أن الخليفة عمر وأختار منصور لا يتلقوا الدعم الكامل من أعضاء مجلس الشورى، وفي حالة صحة هذه الأنباء فهذا يعني أن موقف منصور كزعيم للجماعة؛ غير آمن، كما أنه يواجه تهديدات من الشخصيات الأخرى البارزة في "طالبان" التي تتنافس على السلطة.
ودعا الزعيم الجديد لـ"طالبان" منصور، إلى الوحدة بين المقاتلين، واعدًا أن يستمر التمرد في رسالته الأولى، خلال رسالة صوتية منسوبة له، شملت تعليقات حول محادثات السلام؛ إلا أنه لم يتضح مدى دعمه لها من عدمه، وجاء في الرسالة: "علينا أن نحافظ على وحدتنا، فعدونا سيكون سعيدًا في حالة انفصالنا، وهذه مسؤولية كبيرة على عاتقنا، وهذا ليس عملًا لشخص أو شخصين أو ثلاثة؛ لكنها مسؤوليتنا جميعًا أن نواصل الجهاد حتى ننشأ الدولة الإسلامية".
ويعتبر الزعيم الجديد لـ"طالبان" الأقرب إلى باكستان التي تدعم وتحمي المتمردين خلال الحرب؛ ولكن لم يتضح حتى الآن، مدى حرصه على محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية، حيث انسحبت "طالبان" من المحادثات المقرر لها الجمعة، في باكستان، بعد إعلان وفاة الملا عمر، فيما زادت هجمات الحركة ضد المسؤولين والقوات الأفغانية مع الطقس الحار سنويًا، ووجدت قوات الأمن المحلية نفسها تحت الهجمات المتزايدة، بعد أن انتهت المهمة القتالية لقوات حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة في البلاد نهاية العام الماضي.
ويعتقد بأن زعيم "طالبان" الجديد، يدعم عملية السلام التي بدأها الرئيس الأفغاني أشرف غاني التي اتخذت باكستان المبادرة برعايتها؛ ولكن تم تأجيل محادثات السلام إلى أجل غير مسمى من جانب باكستان، بعد أن انسحبت "طالبان" من الجولة الثانية للمحادثات، ويبدو أن مستقبل محادثات السلام حاليًا، في مرحلة توازن؛ بسبب تصاعد الخلافات داخل قيادة الحركة في شأن من ينبغى أن يرق عباءة الملا عمر.
وجاءت دعوة زعيم "طالبان" الجديد إلى الوحدة بعد يوم واحد، من قول أحد أبناء الملا عمر يعقوب، إنه يرفض انتخابات منصور التي عقدت في باكستان داخل مدينة كيوتا، حيث جرى التصويت بين عدد صغير من مؤيدى منصور، وتمت المطالبة بإعادة الانتخابات التي تشمل جميع قادة "طالبان"، ما في ذلك من يقاتلون داخل أفغانستان.
يذكر أن منصور كان نائبًا لزعيم الجماعة في الأعوام الثلاثة الأخيرة، ودعا القادة الموالين له إلى تكثيف الحرب ضد الحكومة الأفغانية في الأشهر الأخيرة، ما جعل قوات الأمن المحلية تجد نفسها في مواجهة الهجمات، بعد انتهاء المهمة القتالية لقوات حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة في البلاد نهاية العام الماضي.
وتهدف الرسالة الصوتية لزعيم الحركة الجديد إلى تهدئة المعارضة، بعد أن بدى الانقسام على هؤلاء الذين يدعمون محادثات السلام لإنهاء الحرب، والذين يعارضون التفاوض مع الحكومة الأفغانية، بينما دعا منصور إلى الصبر وطلب من قادة "طالبان" تجاهل التقارير الإعلامية عن عملية السلام والاعتماد على القيادة في اتخاذ القرارات، حيث بدت كلمات القائد مختارة بكل عناية، حيث لا يتضح مدى دعمه أو رفضه لمحادثات السلام.
وأبرز :"علينا أن نواصل جهادنا، لا يجب أن نشك فى بعضنا البعض ويجب أن نتقبل بعضنا البعض، ومهما حدث يجب أن نتوافق مع الشريعة الإسلامية فى الجهاد أو المحادثات، ويجب أن تستند جميع قراراتنا إلى الشريعة الاسلامية"، مبرزًا أن هدف الحركة في إنشاء دولة إسلامية داخل أفغانستان ما زال قائمًا، مردفًا: "سنواصل الجهاد حتى نقيم الحكومة الإسلامية".
فى جين انتشر تواجد المتمردون في جميع أنحاء المحافظات الشمالية وساحات القتال التقليدية في الجنوب والشرق على الحدود مع باكستان، التي لا تزال عرضة لهجمات "طالبان" على نطاق واسع، ويبدو أن هجمات "طالبان" تهدف إلى تدمير الروح المعنوية للقوات الأفغانية في ظل استمرار مواصلة المتمردين لاجتياح المناطق.
وكشف مسؤولون، أن مسلحي "طالبان" حاصروا مركز للشرطة في إقليم يروزغان الجنوبي، السبت، ويحتجزون 70 من ضباط الشرطة كرهائن، وأشار رئيس الشرطة في المنطقة، إلى أن خمسة من ضباط الشرطة، قتلوا وأصيب أربعة آخرين في القتال حتى الآن، وأضاف: "إذا لم نحصل على الدعم فسيتم قتل الـ 70 ضابطًا المحتجزين".
وفى بيان منفصل، ردت "طالبان" على التقارير الإعلامية من خلال تصريحات منسوبة إلى مصادر غير واضحة الهوية التي أوضحت مقتل زعيم شبكة "هاكاني" جلال الدين الحقاني فى شرق أفغانستان قبل عام، لافتًا إلى أن هذه الإدعاءات لا أساس لها، حيث ينعم قائد أحد الجماعات الوحشية التي على صلة مع تنظيم "القاعدة" بصحة جيدة لفترة طويلة وليس لديه أي مشاكل، ومثل ملا عمر، تم الإعلان عن وفاة حقاني في مناسبات عدة؛ ولكن لم يتم التحقق من التقارير على نحو مستقل.
وانتخب نجل جلال الدين سراج الدين نائبًا لزعيم "طالبان" الجديد، في خطوة ربما تهدف إلى ضمان التدفق النقدي من داعمي حقاني الأثرياء، واسترضاء المتشددين ومحاولة استدراج مقاتلي "طالبان" للعودة، بعد أن انشقوا واتجهوا إلى جماعات منافسة مثل تنظيم "داعش".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر