الدار البيضاء - جميلة عمر
ذكر المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج محمد صالح التامك مساء أمس في الدار البيضاء، خلال افتتاح مناظرة وطنية حول "قانون تنظيم وتسيير المؤسسات السجنية: الحصيلة وآفاق الإصلاح"، والتي نظمها المرصد المغربي للسجون والمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، تحت شعار "السجن قضية مجتمع"، أن إصلاح القانون المنظم للسجون يندرج في إطار مواكبة التطور التشريعي في المغرب وفي سياق تطبيق المقتضيات الدستورية الجديدة
وأضاف التامك أن المندوبية العامة لديها قناعة راسخة بضرورة مقاربة الشأن السجني، وفق منظور جديد تحكمه اعتبارات إنسانية وحقوقية وتصور عقلاني، للطرق والأساليب الكفيلة بتجسيد المفهوم السليم لدور المؤسسة السجنية، وفق مرجعية تحقق التوازن المنشود في هذا الدور بين مساهمته في الحفاظ على الأمن العام وتطبيق القانون من جهة، واحترام الكرامة الإنسانية من جهة ثانية.
وأردف التامك أن مشروع إصلاح القانون المنظم للسجون يجب أن يستلهم روحه الإنسانية وتوجهاته الحقوقية من توجيهات الملك محمد السادس، كما جاءت في خطابه لمناسبة افتتاح السنة القضائية في 29 كانون الثاني/يناير من العام 2003.
وذكر المندوب العام أنه إذا كانت الصيغة الحالية للقانون المنظم للسجون قد مكنت من إحداث قطيعة مع الممارسات التقليدية في تدبير ظروف اعتقال السجناء في توافق تام مع المرجعية القانونية والحقوقية القائمة عند الشروع في العمل به منذ ما يناهز أربع عشرة عامًا، فإن اعتماد دستور عام 2011، وبحكم المستجدات النوعية التي جاء بها في مجال حماية حقوق الإنسان على وجه الخصوص يفرض ملاءمة مقتضياته مع هذه المستجدات.
وأكدت المديرة الإقليمية للمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي تغريد جبر، أن تنظيم هذه المناظرة الوطنية يدل على وجود إرادة سياسية حقيقية لإحداث تغيير في قضية السجون في المغرب، مبرزة أن العنوان الذي اختير لهذه المناظرة يعد شاملًا ومهمًا واستراتيجيًا، مشددةً على أهمية التوقيت الذي تم اختياره لهذه المبادرة الرامية إلى دعم جهود إصلاح منظومة العدالة بصفة عامة، والمنظومة الجنائية والسجنية على وجه الخصوص، مؤكدةً تطلع المنظمة إلى بلورة عملية المراجعة والتحيين والملاءمة لهذه المنظومة حتى يتم نقل نموذجها إلى بلدان عربية أخرى.
وأشار رئيس المرصد المغربي للسجون السيد عبد الرحيم الجامعي، أن هذا اللقاء يسجل سابقة على عدة مستويات، منها اهتمام المنظمين والمشاركين بقضية مجتمعية تتعلق بالسجن، وهي قضية تكمن في عمق السياسة الجنائية، مشيرًا إلى أن هذا الاهتمام يعكس وعي المنظمين بأن موضوع السجن يفرض على الجميع معالجته ضمن مقاربة تشاركية.
وذكر الجامعي أن هذه المبادرة تمثل تحولًا غير مسبوق في سياسات المندوبية العامة، التي فتحت صفحة للتعاون مع فعاليات المجتمع المدني على أساس من الثقة في موضوع مراجعة وتحيين القانون المنظم للسجون الذي اعتمد منذ العام 1999، لافتًا إلى أن هذا القانون عمل على إحداث قطيعة مع الماضي الذي طبعه الضعف القانوني والمادي والبشري، والعمل على تقريب مرفق السجن في المرافق والمؤسسات الأخرى، وإدماجه في محيطه بعيدًا عن التهميش.
وأضاف أنه على الرغم من أن المشرع حرص على أن يتضمن هذا القانون عدة مقتضيات متصلة بحقوق الإنسان، إلا أن اختلالات ومظاهر سلبية ظهرت على مستويات عديدة، منها على الخصوص ارتفاع الاعتقال الاحتياطي، وامتداد الرقابة القضائية، والاكتظاظ في المؤسسات السجنية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر