واشنطن - يوسف مكي
رفض الرئيس التنفيذي لشركة "آبل"، تيم كوك أمر القاضي الاتحادي شيري بيم في اختراق هاتف أحد مستخدمي الشركة لصلته بالتحقيق في هجوم سان برناردينو، مؤكدًا أن اختراق تشفير هواتف الشركة ربما يكون حجة لتكرار نفس الأمر في المستقبل. ونشرت استجابة كوك الشرسة على موقع الشركة الأربعاء بعد أن أمر القاضي الأميركي شيري بيم بأن تساعد "آبل" إدارة أوباما لفتح جهاز أي فون المشفر الذي ينتمي إلى أحد منفَذي هجوم سان برناردينو في ديسمبر/كانون الأول.
ويعد رد الفعل الأول من نوعه انتصارا لوزارة العدل في مناقشة السياسة التكنولوجية والتي دارت بين حماية الخصوصية الرقمية ضد مصالح الأمن القومي، وذكر كوك "هذه اللحظة تستلزم مناقشة عامة ليعرف مستخدمينا وعملائنا في جميع أنحاء البلاد ما هو على المحك، ويترتب على هذا الأمر القضائي آثار أبعد من القضية القانونية التي نحن أمامها حاليا".
وتبنت إدارة أوباما نظام تشفير قوي للحفاظ على أمن المستهلكين على شبكة الأنترنت لكنها تحاول جاهدة إيجاد مثالا بارزة من أجل قضيتها الحالية، وأوضح كوك على موقع الشركة أن أمر الحكومة الأمريكية من شأنه أن يقوض التشفير باستخدامات برمجيات خاصة ما يخلق بابا خلفيا يمكنه فتح ملايين من الأنظمة المشفرة، وكتب كوك "عند وقوع مثل هذه البرمجيات فى أيدى الشخص الخطأ فإنه ربما يستخدمه في فتح أي هاتف أي فون في حيازة أي شخص، وعلى الرغم من جدال الحكومة بأن استخدام هذه البرمجيات سيكون قاصرا على هذه الحالة إلا أنه لا توجد وسيلة لضمان السيطرة".
وأفاد مدير مكتب التحقيقات الاتحادي جيمس كومى لأعضاء الكونغرس الأسبوع الماضى أن التشفير يعد مشكلة رئيسية لإنفاذ القانون حيث يتم العثور على هاتف لا يمكن فتحه حتى بعد إصدار القضاء أمرا محتمل بفتحه. وارتبط حكم الثلاثاء بأعنف هجوم متطرَف وقع على الأراضي الأمريكية منذ هجمات عام 2001 على مركز التجارة العالمي والبنتاغون، حيث قتل المتطرَف سيد فاروق وزوجته تاشفين مالك 14 شخصا في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول بعد إطلاق النار على زملاء فاروق فى العمل، ومات بعدها الزوجان في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة.
وأظهر المدعون الاتحاديون للقاضي في المحكمة الثلاثاء والتي لم يسمح لشركة آبل بالمشاركة فيها أن المحققين لم يمكنهم فتح هاتف فاروق لأنهم لا يعرفون رمز المرور وآبل لا تتعاون معهم، وبموجب القانون الأميركي يعد هاتف العمل من ممتلكات صاحب العمل، وطلب القاضي من آبل تقدير التكلفة المستحقة للامتثال لأمر المحكمة ما يدل على أن الحكومة ستدفع من أجل العمل، وكانت آبل أقامت نظام تشفير لهواتفها منذ عام 2014 يسمح بالوصول لمحتوى الهاتف من خلال صاحب الهاتف فقط الذي يملك رمز المرور.
وطلب حكم القاضي بيم من "آبل" توفير برنامج خاص لمكتب التحقيقات الفيدرالي بحيث يمكن فتح الهاتف وتجاوز رمز المرور مع مسح بيانات الهاتف في حالة فشل محاولات فتحه، ويرغب مكتب التحقيقات الفيدرالي في تجريب أكثر من محاولة لفتح الهاتف، وأفاد بعض الخبراء الأمنيين أن هناك احتمالية لفتح الهاتف لأنه من أحد اصادارات أي فون القديمة وهو أى فون 5c وليس لديه نظام استشعار بصمات الأصابع أو أحدث ميزة أمنية والمسماة "الجيب الأمن".
ونوَه دان غيدو تريل من Bits Blog" "، "بناء على خبرتي ومعرفتي بنظام تشغيل آبل يمكن القول أن كل طلبات مكتب التحقيقات الفيدرالي مجدية تقنيا"، ودعمت مؤسسة "الحدود الإلكترونية" المعروفة بنضالها من أجل الحقوق الرقمية كوك وآبل، وأضافت المنظمة "نحن ندعم آبل هنا لأن الحكومة تطلب أكثر من مجرد مساعدة آبل، ولأول مرة تطلب الحكومة من آبل إنشاء برنامج جديد يلغى مميزات الأمان الرئيسية لأى فون التي تحمينا جميعا، حيث طلبت الحكومة من آبل إنشاء مفتاح رئيسي حتى يمكنها اختراق هاتف أي فون، وعند إنشاء ذلك المفتاح فنحن على يقين أن الحكومة ستطلب ذلك مرارا وتكرارا لغيره من الهواتف وتتحول السلطة ضد أى جهاز يقدم نظام أمنى قوى".
وأضافت المنظمة "تريدنا الحكومة الأميركية أن نثق أنها لن تسئ استخدام هذه السلطة، ولكن يمكننا تصور العديد من الطرق التي يمكن من خلالها إساءة استخدام هذه السلطة، وحتى إذا وثقنا في الحكومة الأمريكية فإنه عند إنشاء هذا المفتاح الرئيسي ستستخدمه الحكومات في جميع أنحاء العالم لمطالبة آبل بتقويض أمن مواطنيها".
ويعتقد المحققون أنه عند فتح هاتف المتطرَف فاروق يمكن الوصول إلى أدلة عن الأشخاص التي تواصل معها الزوجين أو الجهات التي سافروا إليها، وقام الزوجان المتطرَفان بتدمير هواتفهما الشخصية حتى لا تستطيع الشرطة الحصول على معلومات منها، وتخلص الزوجان أيضا من القرص الصلب لجهاز الكمبيوتر الخاص بهما ولم يتم العثور عليه حتى الأن رغم غوص المحققين لعدة أيام فى البحيرة القريبة من مكان إقامتهم، ولم يكن التطرَف فاروق يحمل هاتف عمله أى فون أثناء الهجوم، لكنه عثر عليه لاحقا، ولم يُعرف ما إذا كان فاروق نسى أمر الهاتف أم أنه لم يهتم بعثور المحققين عليه.
وعمل هاتف فاروق بالنسخة المحدثة من نظام تشغيل أي فون، والتي تستلزم رمز مرور ولا يمكن الوصول إليه بواسطة آبل على عكس أنظمة التشغيل القديمة، وقدمت مقاطعة سان برناردينو لفاروق هاتف أي فون يمحي البيانات بداخله بعد 10 محاولات متتالية فاشلة لفتحه، وكانت هذه الميزة نشطة على هاتف فاروق منذ المرة الأخيرة التي قام فيها بنسخة احتياطية.
ولم يوضح القاضي الأسباب المنطقية لحكمه ويأتي هذا الحكم وسط حالة مماثلة في المحكمة الجزئية الأميركية في المنطقة الشرقية في نيويورك، ولا يزال المحققون يعملون معا لاستكشاف 1 دقيقة مفقودة من الجدل الزمني لفاروق وزوجته منذ الثاني من ديسمبر/كانون الأول. وخلص المحققون إلى أن الزوجين على الأقل استلهموا هجومهم جزئيا من تنظيم "داعش" حيث تضمنت صفحة الـ "فيسبوك" الخاصة بالزوجين تعهد بالولاء لـ "داعش" في وقت قريب من الهجوم.
يٌشار إلى أ شركة "آبل" حدثت في 2014 نظام تشغيلها بحيث يتطلب رمز مرور يعرف فقط بواسطة المستخدم، وسابقا كان يمكن للشركة استخدام أداة تمكنها من الدخول إلى الهاتف والسماح للهاتف بالاستجابة لعملية البحث التي تجريها الحكومة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر