قتل متظاهران على الاقل الجمعة بأيدي قوات الامن العراقية لدى محاولتها تفريق المحتجين الذين تمكنوا من اقتحام المنطقة الخضراء للمرة الثانية في اسبوعين، بحسب ما افادت مصادر امنية واخرى طبية عراقية السبت، فيما حذر قادة من التصعيد.
وهذان القتيلان هما أول مؤيدين لمقتدى الصدر يسقطان خلال الحركة الاحتجاجية التي أطلقها رجل الدين الشيعي قبل أشهر للضغط من أجل تغيير سياسي في البلاد.
ودفن الشابان في مدينة النجف المقدسة لدى الشيعة، حيث أكبر مقبرة في العالم يرقد فيها ملايين الأشخاص من العراق ذي الغالبية الشيعية.
وقال المسؤول في التيار الصدري الشيخ عماد الكعبي إن "الضحايا دفنوا (...) في مقبرة وادي السلام".
وخلال التشييع، اتهم قريب لأحد القتلى السلطات باستخدام القوة المفرطة.
وقال الرجل الذي عرف عن نفسه بأبو محمد إن "المتظاهرين السلميين تعرضوا للرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز".
واقتحم انصار الصدر لفترة قصيرة الجمعة مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي داخل المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد.
وواجه الاف المحتجين الذين يطالبون باصلاحات حكومية في بادىء الامر مقاومة شديدة من قوات الامن، لكنهم تمكنوا في نهاية المطاف من اقتحام المنطقة المحصنة والدخول الى مكتب رئيس الوزراء قبل اخراجهم من هناك.
وسمع دوي اطلاق نار وتمكنت قوات الجيش ومكافحة الشغب من طرد المحتجين من داخل المنطقة التي تضم عددا من السفارات الغربية وخصوصا الاميركية والبريطانية.
ومساء الجمعة رفعت السلطات حظرا للتجول اعلنته اثر اعمال العنف التي تخللها الاقتحام الثاني لانصار الصدر للمنطقة الخضراء في ثلاثة اسابيع، بعد اقتحامهم البرلمان في اخر نيسان/ابريل.
وقالت المصادر ان نحو 57 شخصا اصيبوا في اعمال العنف بين المتظاهرين وقوات الامن التي استخدمت ضدهم قنابل مسيلة للدموع وخراطيم مياه وقنابل صوتية.
كما اطلق عناصر حماية المنطقة الخضراء الرصاص الحي بغزارة في الهواء، لكن مسؤولين اكدوا ان المتظاهرين قتلا بأعيرة نارية.
-خيارات محدودة-
وقال رئيس الوزراء في رد فعله على عملية الاقتحام الأخيرة إن "ما حصل من اقتحام لمؤسسات الدولة والعبث بالمال العام لا يمكن القبول به والتهاون مع مرتكبيه، وان القانون لا بد ان يأخذ مجراه على كل متجاوز".
لكن العبادي أعرب من جهة ثانية عن تأييده لـ"مطالب المتظاهرين السلميين".
من جهته، تعهد الصدر الجمعة باستمرار "الاحتجاجات السلمية"، محذرا في بيان من أن "تتحول الثورة الى وجه آخر" في حال استمرار محاولات منعها.
ويطالب الصدر بانهاء المحاصصة السياسية التي اقرها كبار قادة الاحزاب السياسية الحاكمة منذ 13 عاما واختيار وزراء تكنوقراط، وفتح ملفات الفساد التي ارتكبتها الاحزاب الكبرى.
ويحاول العبادي تشكيل حكومة تكنوقراط جديدة لتحل محل الوزراء الذين يمثلون الاحزاب لتطبيق اصلاحات مكافحة الفساد التي اعتمدت عام 2015 في اعقاب تظاهرات ضخمة رفضا لسوء الادارة والمحسوبية التي تنتهجها الطبقة السياسية.
ورغم الدعم الذي يحظى به رئيس الوزراء العراقي من المرجعية الشيعية والتأييد الشعبي الا انه يواجه صعوبات كبيرة في اجراء اصلاحات سياسية ملموسة.
وشكا العبادي الذي ينتمي الى حزب الدعوة الذي يحكم البلاد منذ عام 2005 من شركائه السياسيين محملا اياهم مسؤولية عرقلة اجراء الاصلاحات خوفا من فقدان الامتيازات.
كما فشل البرلمان في الانعقاد منذ اقتحمه متظاهرون أواخر الشهر الماضي. وكان قد تم تحديد جلسة الخميس المقبل، إلا أن حادث الجمعة يثير تساؤلات حول مكان عقدها.
وسط هذا الوضع، يترك العبادي مع خيارات محدودة، وسط تزايد التوترات مع الجماعات الشيعية المسلحة في موازاة استعداد القوات العراقية لأشرس عملياتها العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال المبعوث الأممي إلى العراق يان كوبيس السبت ان "استعادة الهدوء أمر أساسي للعراق ليكون قادرا على المضي قدما في إيجاد حل سياسي على أساس مشاورات شاملة".
لكن كيمبرلي كاغان التي ترأس معهد دراسات الحرب، اعتبرت أن الأزمة السياسية باتت معقدة بالنسبة الى جميع الأطراف الى درجة يصعب معها الاتفاق على حل يحفظ ماء الوجه.
وأضافت أن "هذا الصراع سيطول، وسيكون هناك رابحون وخاسرون".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر