دافع رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس عن الدور الاقتصادي للجيش، ولكنه أعرب عن قلقه من احتمال تأثير ذلك على مهمته الأساسية، أي الدفاع عن البلاد.
وقال ساويرس إن "الجيش مُحرّك ولا مستحوذ على السوق، فالجيش في النهاية يستخدم القطاع الخاص في كل المشاريع التي توكل إليه، وفي رأيي لايُسيطر الجيش سوى على ما بين 10% إلى 20% وليس أكثر، ولكن هناك من يحاول أن يضخم الأمر لأهداف في نفسه".
واستدرك بالقول: "هذه النسبة لا تُسبب مشكلة لأحد من رجال الأعمال، لكن المشكلة الحقيقية هي أن النشاط الاقتصادي الذي يمارسه الجيش قد يكون معيقاً أو مُستهلكاً ولو بشكل جزئي لمهمته الأساسية أي الدفاع عن البلاد، خاصة أن الأدوار الاقتصادية يُمكن أن ينفذها أي طرف".
ورفض ساويرس ما يتردد حول أن صفقات السلاح التي حصلت عليها مصر أخيراً، كلفت خزينة الدولة وبالتالي كانت احدى عوامل تراجع احتياطيات العملة الأجنبية، متسائلاً باستنكار:"أليس أمن مصر اليوم أولوية للإنفاق عليه؟ بالتأكيد هو أولوية، فأين المشكلة؟".
وعما إذا كانت لأمور مثل عدم تعديل قانون التظاهر، أو سجن بعض الناشطين والمبدعين وطول فترات الحبس الاحتياطي، تأثير سلبي على جذب الاستثمارات الخارجية قال :"بالطبع لهذه الأمور تأثيرها، فهي كلها مؤشرات سلبية" وأضاف:"لكن الأهم من سمعتنا في الخارج، وضعنا في الداخل، فنحن غير راضين عن مثل هذه الأمور، والتعاطي معها لم يكن جيداً، ولابد من إعادة النظر بها إذا ما أردنا أن ننضم لمصاف الدول التي تحترم حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير".
وأضاف: "لا يصح أن أذهب إلى وزارة الداخلية للحصول على حق تنظيم مظاهرة، ولو كان القرار مطلقاً في يدها فإنها لن تسمح بأية مظاهرة، ولابد من اعتماد آلية جديدة تُمكن المتظاهرين من إخطار الداخلية بتوقيت ومكان المظاهرة وعدد المتظاهرين، مع إعلام المتظاهرين بضرورة الالتزام بالسلمية، وعدم عرقلة حركة المرور".
وعبر ساويرس، مؤسس حزب "المصريين الأحرار" المعروف بتوجهاته الليبرالية والحاصل على أعلى عددٍ مقاعد في مجلس النواب، عن أسفه لحبس كُتاب ومفكرين، إضافة إلى أربعة من الأطفال الأقباط، على خلفية اتهامهم بازدراء الدين الإسلامي.
وأشار إلى أن حزبه يضع مسألة إلغاء قانون ازدراء الأديان على رأس أولويات أجندته التشريعية وإلى أنه سيسعى للتنسيق مع قوى أخرى بالبرلمان ترفض هي الأخرى هذا القانون وتطالب بإلغائه، مناشداً رئيس الجمهورية بالتدخل والإفراج عن الأطفال الأربعة.
وأعرب ساويرس عن تأييده لرفض الدولة مبادرات التصالح مع جماعة الإخوان المسلمين وقال :"يجب أن نسأل أنفسنا: هل من مصلحة مصر التصالح مع من قتل ودمر وفجر وأرهب وأضرّ بالاقتصاد؟".
وأضاف: "لو كانوا فعلا جادين في طلب المصالحة، فعليهم أولاً إعلان وقف الإرهاب والعنف بلا شروط، فلا يُعقل أن تأتي لتتفاوض معي وتقول لي إذا لم تتصالح معي سأكمل إرهابي الموجه ضدك، فمن الطبيعي جدا أن يكون ردي أني لن أتصالح وسأواصل محاربتك".
وشدّد ساويرس على أنه "لا ولن يملك أي استثمارات في قطر وتركيا، ولا في أي دولة تتخذ موقفاً معادياً من مصر".
وأرجع ساويرس ضعف استثماراته في دول الخليج العربية إلى صعوبة المنافسة هناك، نافياً أن يكون ذلك بسبب ما تتضمنه المادة الإعلامية في قناته "أون تي في" من انتقادات لسياسات دول خليجية كبرى.
وقال إنه لا يمتلك حالياً استثمارات لا في دول شمال أفريقيا ولا غرب آسيا، وتحديداً إيران.
وأعرب في هذا الإطار عن تفهمه للمخاوف الخليجية من إيران، واصفاً إياها "بالمخاوف المشروعة من محاولات زعزعة الاستقرار والأمن فيها".
ودعا الإيرانيين إلى بثّ العديد من الرسائل الجادة، والواضحة لطمأنة دول الخليج، حول دورها وأنشطتها في المنطقة العربية.
وأعرب عن تطلعه لقيام مصر بمحاولة التقريب بينهما في إطار التنسيق والعيش المشترك بين دول المنطقة التي تتشارك خصائص وسمات عدة وفي مقدمتها الدين الإسلامي.
وأعلنت مجلة "فوربس" الأمريكية أخيراً أن نجيب ساويرس حل في المركز الثاني في ترتيب أغنياء مصر، بثروة تقدر بثلاثة مليارات دولار.
وبالإضافة لاستثماراته، يشغل ساويرس العديد من المناصب الهامة في كيانات اقتصادية إقليمية ودولية.
وعبر ساويرس، وهو مسيحي الديانة، عن رفضه الشديد واستنكاره للهجمة الشرسة التي تشنها بعض الجماعات العنصرية ضد العرب والمسلمين في بعض الدول الأوروبية على خلفية الحوادث الإرهابية الأخيرة.
وشدّد على أنه"لا يصح إلصاق تهمة الإرهاب بعموم المسلمين بهذا الشكل الفجّ، لمجرد تلوث عقول بعض الشباب بأفكار لا تمت لجوهر الدين الإسلامي المتسامح"، لافتا ًلحرصه في أي زيارة خارجية على نقل تلك الصورة الحقيقية عن الإسلام والمسلمين.
ورهن ساويرس تقدم الاقتصاد المصري بعددٍ من العوامل لابد من الإسراع بتنفيذها، واضعاً في مقدمتها"تحديد الهوية الاقتصادية للبلاد والتمسك بها، والتخلص من البيروقراطية، وحماية القطاع الخاص، والكف عن تصويره في الإعلام فزاعة ًومصاصاً لدماء الطبقة المتوسطة والفقيرة".
وأوضح ساويرس: "نتيجة خضوعنا لمواءمات سياسية وضغوط الرأي العام الموجه من الإعلام الذي يُسيطر على معظمه معتنقو الأفكار الاشتراكية، فإننا نرفض العمل بالسياسات الاقتصادية التي اتبعها العالم، وأثبتت نجاحها، سياسة الخصخصة التي أصبحنا نعتبرها موصومة بكل الشرور".
وأضاف أن "السوق المصرية شهدت بالفعل تجارب خصخصة ناجحة جداً، ولكن أحداً لم يلتفت إليها، وكان التركيز في المقابل على أربع أو خمس حالات تم بالأساس إفشال أصحابها من البداية، واليوم أموال الدولة ودافعي الضرائب، تُهدر على شركات خاسرة".
ودعا ساويرس صانعي القرار إلى التمسك بتلك السياسة التي حولت دولاً متأخرة اقتصادياً إلى دولٍ متقدمة، وقال:"لو كنت اليوم مكان وزير قطاع الأعمال كنت سأقوم على الفور ببيع كل الشركات الخاسرة، ولن أكرّر تجارب يائسة مثل الجمع بين شراكة الدولة والقطاع الخاص".
ولفت إلى التأثيرات السلبية التي عانى منها الاقتصاد نتيجة المشكلات التي طالب المستثمرون مراراً وتكراراً بحلّها مثل البيروقراطية، والمعوقات الإدارية.
وحول تقييمه للمؤتمر الاقتصادي الدولي الذي عقد العام الماضي، قال :"المؤتمر نجح في حينه بشكلٍ باهرٍ وحضرته شخصيات اقتصادية مهمة، ووقعنا اتفاقيات تفاهمات عديدة، ولكن نتيجة للبيروقراطية والمعوقات لم يدخل شيء حيز التنفيذ، وبالتالي أُجهضت كل جهود الرئاسة ورجال الأعمال التي روجت للمؤتمر".
ويرى رجل الأعمال أن المشاريع الكبرى وحدها لا تكفي للنهوض بالاقتصاد، وأنه يجب أن تكون هناك بالتوازي معها طفرة في المشاريع الصغرى والمتوسطة. وطالب بضرورة الاهتمام بإيجاد سوق سياحية تليق بحجم مصر، متوقعاً تجاوز التأثيرات السلبية لحادث تفجير الطائرة الروسية وعودة النشاط السياحي بشكلٍ طبيعي مع بداية موسم الشتاء القادم.
وانتقد ساويرس بشدة ما يُقال عن سعي رجال الأعمال الداعمين لعدد من الأحزاب السياسية للسيطرة على الأجندة الاقتصادية للبرلمان وقال: "توجه حزب المصريين الأحرار، معروفٌ ومعلن منذ البداية، وتبني سياسة السوق الاجتماعية لعلاج المشاكل الاقتصادية لإنها تُراعي أصحاب الدخول المتوسطة والمحدودة، وبالتالي فإن نواب الحزب سيدافعون عن هذه السياسة في البرلمان".
وأضاف: "للتخوفات مبرّر فقط إذا لم تكن سياساتنا الاقتصادية معلنة بوضوح من البداية".
وأعرب عن تأييده المبدئي لخطة العمل التي قدمتها الحكومة للبرلمان، واصفاً رئيس الوزراء شريف إسماعيل"بالشخص الذكي الذي يعمل في هدوء".
واستطرد: "عمر الحكومة قصير جداً ولم نر بعد جهدها، لذا فالحديث عن حجب الثقة عنها عبثي".
كما أعرب ساويرس عن تأييده للتصالح مع رجال الأعمال الهاربين، واصفاً إياه بـ"المبدأ الجيد"، وشدّد على أنه لا يرى أن أيا من رجال الأعمال الذين قد يستفيدون من القانون، ارتكب جناية حتى لا تقبل طلباتهم بالتصالح.
ورغم تأييده لإعطاء فرصة للحكومة ورئيسها، لم يخف ساويرس انزعاجه مما تعرض له من"عراقيل ومعوقات إدارية وأمنية" عند محاولته الاستحواذ على بنك الاستثمار "سي.آي. كابيتال" التابع للبنك التجاري الدولي، أكبر بنك خاص في البلاد.
وكان ساويرس وجه انتقادات حادة لرئيس البنك المركزي المصري طارق عامر في مقالٍ في إحدى الصحف الأسبوع الماضي. وتحدث في المقال عما يتعرض له من "تعنت" وألمح إلى أنه قد يخرج باستثماراته من مصر.
وتساءل: "ماذا أفعل كرجل أعمال ومستثمر إذا لم أستطع العمل بمصر؟ هل أجلس في البيت؟ إن أي مستثمر، وليس أنا فقط، لو جاء مصر وعُومل بشكلٍ سلبي سيبحث عن مكان آخر، هذا ما قلته، وهو منطقي ولا توجد فيه مشكلة. فلماذا يُصور الأمر على أنه ردّ فعل منافٍ لمصلحة البلاد، وتشويه لمناخ الاستثمار فيه؟".
وأضاف: "سردت واقعةً حدثت لي ولم يستطع أي مسؤول أو طرف، أن يُكذب ما سردته".
وأوضح أن "عرقلة صفقة لأسباب غير منطقية، يُعطي انطباعاً سيئاً جداً، وربما يعني أنك شخصاً غير مُرحب بك".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر