وجدة ـ إدريس الخولاني
سرطان ينخر في جسم الصحة المغربية، ومرضى يكتوون بنار تردي الخدمات الصحية ونقص الآليات العلاجية وغياب وسائل النقل والتغذية والعلاج بالآشعة والعلاج الكيميائي والمركب الجراحي ومصلحة الفحوصات. في هذا التحقيق يسلط "المغرب اليوم" الضوء على أزمات الواقع الصحي في مدينة وجدة، والذي يمثل جزءًا لا يتجزأ من الأزمة الصحية الوطنية.
يقع المركز الجهوي للأنكولوجيا "الحسن الثاني" في وجدة، للعلاج من الأمراض السرطانية ، على بعد 10 كيلومترات عن مدينة وجدة، على الطريق المؤدية لمدينة جرادة وبوعرفة. وشيد بداية كمركز صحي، بتمويل من قبل أحد المحسنين العرب. ثم تقرر تحويله إلى مركز جهوي للأنكولوجيا،، ورغم التعديلات التي مست البناية، فإنها لم تستطع الاستجابة لمتطلبات المهام الحديثة للمؤسسة. ويشكل موقع المركز الجغرافي المنعزل، والبعيد عن المركز الحضري، أحد العناصر المؤثرة سلبًا على الموظفين، الذين يضطرون للتنقل بشكل يومي بين مقرات سكنهم في مدينة وجدة والمؤسسة، ما يكلفهم مصروفات تنقل كثيرة، وكذلك بالنسبة للمرضى ومرافقيهم، خاصة الذين لا يملكون وسيلة نقل شخصية، مما يفرض عليهم الخضوع لابتزاز أصحاب سيارات الأجرة الكبيرة، وسيارات نقل البضائع، والتي لا تخضع تعريفتها لأي تقنين، ويضاف إلى ذلك غياب المرافق الضرورية من مقاهٍ، وحدائق .
وتتكون مصلحة الفحوصات من مكاتب يتوزع فيها الأطباء، ممتدة على طول ممر ضيق، فيه مقاعد لا توازي عدد المرضى الذي يتجاوز 60 يوميًا، لتضاف معاناة جسدية إلى معاناتهم النفسية. وعينت في المركز ممرضتان للقيام بكل المهام، من تسجيل المرضى، والإجابة عن أسئلتهم، ونقل ملفاتهم إلى الطبيب المكلف بالفحص، واستعادتها بعد ذلك. فيما يتكون المركب الجراحي من قاعتين، يتم العمل في واحدة فقط، نظرا لغياب التجهيزات الكافية، والنقص الحاد في الموارد البشرية، خاصة في فئة الممرضين بكل تخصصاتهم (التخدير، مساعدو الجراح، المكلفون بالتضميد).
أما قسم العلاج الكيميائي، فلا تتجاوز طاقته الاستيعابية ثمانية مقاعد، وتوجد فيه ممرضتان لحقن المرضى بالمادة الكيميائية، وممرض لتهيئتها، في غياب الشروط الضرورية لذلك، مما يعرضهم لمخاطر عدة محتملة، ويجعلهم يخضعون لضغط نفسي حاد ومتواصل. وينعكس هذا النقص في الموارد البشرية على الفترات الفاصلة بين حصص العلاج، حيث يتم استبدال 8 أيام بـ 15 يومًا، و 15 يومًا بـ 22 يومًا، و 22 يومًا بـ30 يومًا.
وتحتوي المؤسسة على آلتين للعلاج بالأشعة، إلا أن الإدارة لا تعمل على ضمان خدماتها بشكل مستمر، مما يحتم تغيير المواعيد، و بالتالي التأثير السلبي على مسار العلاج، دون إغفال التأثير على نفسية المريض الذي تطول مدة خضوعه للعلاج
فيما تبلغ الطاقة الاستيعابية لمصلحة الاستشفاء 35 فراشًا فقط، إضافة إلى قلة الموارد البشرية، حيث يتكفل الممرضون العاملون في القسم بإضافة مهام متعددة، فضلاً عن العلاج الكيميائي، الذي يتم تهيئته في غياب الوسائل الوقائية الضرورية.
أما بالنسبة للتغذية، فقد تم تجهيز المطبخ الموجود في المؤسسة بكل التجهيزات الضرورية، لكنها تركت للضياع والصدأ، دون أن يتم استخدامها. ويتم الاقتصار على نقل وجبات غذائية معدة في مطبخ المركز الاستشفائي الفارابي، مما قد يشكل خطرًا محتملاً على جودتها الغذائية، فهل تملك وزارة الصحة ووزيرها التقدمي خطة استراتيجية لإستئصال الورم الخبيث الذي يفتك بمراكز الأنكولوجيا في الجهة الشرقية، والذي يحول حياة المرضى وذويهم إلى جحيم لا يطاق، في انتظار الألطاف الإلهية؟
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر