الرباط - سناء بنصالح
عبر المكتب التنفيذي لفضاء المواطنة والتضامن في شأن مشروع "قانون رقم 19.12 بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعمال المنزليين"، كما عبر عن استغرابه الشديد لما روج حول إيجابية مصادقة لجنة القطاعات الاجتماعية في مجلس النواب عليه؛ لكون هذا النص القانوني، حسب مناصريه، يأتي بمكتسبات جمة وغير مسبوقة لفائدة المجتمع والفئة "المستهدفة"، و هو في واقع الأمر نص يناقض من ناحية تحديد سن "الفئة المستهدفة" في 16 سنة منطوق وروح الدستور، لا سيما الفصل 32 منه الذي ينص على الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع.
وأثار فضاء المواطنة انتباه الرأي العام الوطني إلى الآثار والتبعات المؤسساتية والدستورية التي استجلتها هذه الواقعة غير المسبوقة، مما يدفعنا كهيئة مدنية للوقوف بتأمل عميق حول الماهية والأدوار الحقيقية المفترض توفرها للقيام بالمهام التمثيلية للأمة، والتنفيذية في ممارسة الشأن العام. وبالأخص قيمة ومكانة المجتمع في انشغالات المتحدثين باسم السلطتين التشريعية والتنفيذية معا.
وأبرز الفضاء أن المبدأ الجوهري الذي يبرر سن أي نص قانوني يكمن أساسا في فهم وتأطير الظاهرة الاجتماعية؛ بهدف إيجاد حلول لها بما يتلاءم ومستوى التطور المؤسساتي والحقوقي والثقافي للمجتمع، وبهاجس استشرافي لا نكوصي. والحال أن ما أفرزته الواقعة التي نحن بصددها بكونها اقتصرت على تقنين الظاهرة بعلاتها، أنها كرست استخدام القاصرات، بشكل تعاقدي، عوض استخدامهن بشكل توافقي في السابق. وأن الالتباس الحاصل و قصور المقتضيات التي من شأنها تحقيق الضمان الأمثل لكل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والدراسية والترفيهية والنفسية للفئة "المستهدفة" بموجب هذا النص، ناهيك عن عدم جرأة واضعيه على تمثل مبدأ الشفافية في التعاقد، والنجاعة في مراقبة تنفيذ التزامات التعاقد، وتحديد الجهات الموكولة لها هذه المهام الصعبة والحساسة، أضف إلى ذلك هزالة الأجر المنصوص عليه، بالنظر لكون النص القانوني المذكور يشرع لعشر أو عشرين سنة مقبلة، في غياب تام لأي تناسب مع ارتفاع كلفة العيش حالا ومستقبلا.
وأوضح أن الوقوف عند اختيار هذه الفئة العمرية المحددة في 16 سنة لا يمكن تبريره من منطلق قانوني بالنظر لما فصلنا في شرحه سابقا؛ وبالتالي يتضح بأن الأمر مرتبط بتمثلات ذهنية وسيكولوجية عتيقة وغير بريئة لخصوصيات بيولوجية ينظر من خلالها البعض إلى هذه الفئة. وهي مقاربة ماضوية حاطة من الكرامة الإنسانية، بما يناقض مرة أخرى روح ومنطوق الدستور، وكل المواثيق والعهود الدولية التي التزم بها المغرب، وأساسا منها مكافحة كل أشكال التمييز ضد المرأة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر