تندرارة ـ إدريس الخولاني
عاد الحديث مجدَّدا عن التنقيب عن الغاز في منطقة "طلحة" التابعة اداريًا لجماعة معتركة في "تندرارة"، ليتصدر اهتمام الرأي العام المحلي والإقليمي و الجهوي والوطني. لكن هذه المرة بنبرة تختلف عما تم الترويج له سابقا حول امكانية اغناء المنطقة وجعلها قبلة للاستثمار الصناعي، وبالتالي تحسين ظروف عيش سكانها بفضل الارتفاع التلقائي للدخل الفردي.
هذا هو المنطق الرسمي لتسويق المشروع ، لكن الحقيقة ليست كذلك كما يؤكد خبراء البيئة و الناشطين في الميدان. و"المغرب اليوم" وعيًا منها بأهمية البيئة وعلاقتها بالإنسان، ستسلط الأضواء على المخاطر المحفوفة حول التنقيب عن الغاز الصخري وأن هذا النوع من المشاريع تضرُّ بصحة الانسان و بيئته و تهدد مصيره و مستقبل ابنائه و الاجيال المقبلة. ويوضح الخبراء ان "غاز الشيست" أو الغاز الصخري الذي يعتمد على تقنية " التكسير الهيدروليكي" للتنقيب عن الغازالصخري يتطلب كميات كبيرة من الماء و المواد الكيميائية الخطيرة التي تتسبب في تلويت الهواء و التربة و الماء و تعرض الانسان و النبات و الحيوان للأمراض الخطيرة مثل التسمم و السرطان .
وللتنقيب عن الغاز الصخري أو "الكنز المسموم " كما تسميه جمعيات بيئية محلية منها جمعية الجنوب الشرقي للتنمية و البيئة للجهة الشرقية ، التي نبهت اكثر من مرة المسؤولين الى خطورة التنقيب عن الغاز الصخري في نواحي مدينة تندرارة –جماعة معتركة – عن طريق إستخدام التكسير الهيدروليكي لاستغلال الغاز الصخري " . وقد دق ناقوس الخطر محمد بنعطا رئيس فضاء التضامن و التعاون للجهة الشرقية و منسق التجمع البيئي لشمال المغرب و عضو التنسيقية الوطنية لمناهضة "غاز الشيست " الذي أوضح أن الغاز الصخري أو الغاز الحجري ينشأ داخل الصخور و ينحبس داخلها عكس الغاز العادي الذي يتكون في تجاويف طبقات الأرض ، مؤكدا بأن اهم مكونات الغاز الصخري هو غاز الميثان الذي يوجد في الصخور بفعل الحرارة العالية و الضغط الشديد على المواد العضوية التي كانت سبب نشأته كغاز او نفط صخري ، حيت يكون موجودا على أعماق أكثر من ألفي متر تحت طبقات الأرض. و تستعمل تقنية "التكسير الهيدروليكي " و هي تقنية عصرية تعتمد على تحطيم الحجارة بواسطة الماء القوي المضغوط ، و ذلك لكي يعمل الماء على احداث شقوق في الحجارة من أجل استخراجه. و بعد الوصول الى الصخور في الحفر العادي الطولي يبدأ الحفر الأفقي لمسافة لا تقل عن ثلاثة كيلومترات أفقيا من أجل ملامسة أكبر سطح من الصخور و حفر أبار كثيرة لاستخراجه في الحقل الواحد ، مشيرا الى أن عملية الاستخراج تستدعي استعمال الرمل و الماء المضغوط بالإضافة الى استعمال المواد الكيميائية الخطيرة .
وقد وجهت إنتقادات لاذعة من طرف المجتمع المدني البيئي بتندرارة للتصريح الأخير لأمينة بنخضرة المديرة العامة للمكتب الوطني للمحروقات حول عدم وجود غاز الشيست بتندرارة و التي أدلت به لإحدى الصحف المغربية بتاريخ 19مايو/ايار2016 ، و ذكر بخطورة هذا النوع من الاستغلال و بأن المكتب الوطني للمحروقات له نية مبيتة في التعتيم على المعلومات المتعلقة بالتنقيب . و دعا المجتمع المدني و مختلف الفاعلين و النشطاء الى تحمل المسؤولية الكاملة في الدفاع عن المنطقة و التصدي لاستعمال التكسير الهيدروليكي كتقنية لاستكشاف و استغلال غاز الشيست و التقنيات المدمرة للبيئة و المحيط الطبيعي ، مستعرضا جميع المحطات النضالية لمناهضة استغلال غاز و زيوت" الشيست" في المغرب و مختلف مناطق العالم .، و هناك إجماع من طرف خبراء مغاربة واجانب على خطورة الغاز الصخري أو "غاز الشيست "هو نوع من الغاز المحشو داخل الصخور و المنتشر في الطبقات الصخرية داخل الاحواض الرسوبية ، حيت يتم ضخ مزيج من المياه و الرمال و المواد الكيميائية بضغط عال ، وأن هذه التقنية تشكل خطرا كبيرا على البيئة و تتسبب في تلويت الثروة المائية بسبب تسرب المواد الكيميائية السامة الى مصادر المياه الجوفية ، بالإضافة الى تلويت السطح بالمياه المسترجعة و الكيماويات ، كما أن انبعاث الميثان و تسربه من الابار اثناء المعالجة و النقل يؤدي الى الانحباس الحراري مما يشكل تهديدا حقيقيا لصحة الانسان بسبب تلوت الهواء و الماء ،بالإضافة الى تأثيره على الغطاء النباتي و الحيوان و ارتفاع نسبة و احتمال الاصابة بالأمراض الخطيرة كالتسمم و السرطان ، كما اوضح بأن هذه التقنية تؤدي الى تجفيف المياه الجوفية و هدرها بسبب الاستعمال المفرط لكميات المياه المستعملة في التنقيب .
ويرافق ذلك ادانات صارخة ومستمرة لفعاليات المجتمع المدني المحلي ضد مخططات لتغليط و توهيم الرأي العام ، و امام هذه الجريمة النكراء للبيئة و تدمير صحة الأنسان و تلويث المياه الجوفية التي تهدد مصير و مستقبل المغرب و ابناءه، حملت الجمعيات البيئية بتندرارة و بالدهة الشرقية المسؤولية الكاملة للمديرة العامة للمكتب الوطني للمحروقات امينة بنخضرة ، مطالبين اياها بإعطاء توضيحات و اجابات حول طبيعة التنقيب الذي تجري أطواره في منطقة تندرارة ، معلنين خوضهم كافة السبل المشروعة للنضال ضد تكنولوجيا التكسير الهيدروليكي التي لها انعكاسات مباشرة و خطيرة على البيئة و الصحة العمومية ، مستنكرين كل الاتفاقات التي يتم ابرامها - في الكواليس دون استشارة الشعب عبر ممثليه في الهيئات المنتخبة - مع الشركات العملاقة من أجل استكشاف و استغلال غاز الشيست ، موجهين نداء عاجلا للحكومة المغربية لاتخاذ قرار بمنع و الغاء جميع الاتفاقات المبرمة و المعتمدة على التقنيات المدمرة للبيئة و المحيط الطبيعي . كما طالبوا بالإيقاف الفوري لكافة عمليات التنقيب بمحيط و منطقة تندرارة و الغاء الرخصة الممنوحة لشركة " سوند اينرجي " باعتبارها غير قانونية و تهدد سلامة وامن المنطقة الشرقية .
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر