بغداد-نجلاء الطائي
يعاني المدنيون المحاصرون داخل الفلوجة، من المخاطر الشديدة التي يوجهونها أثناء هروبهم من المدينة، وعدم وجود طرق آمنة للخروج في ظل سيطرة تنظيم "داعش" المتطرف، وتهديدهم المتواصل بالقتل.
وأوضح رجل أن ثمن كيس الطحين في المدينة، التي استولى عليها ما يسمى تنظيم "داعش" في يناير / كانون الثاني 2014 – وصل الآن إلى 850 دولارًا. وكانت عائلة تتغذى على العشب أثناء محاولة الهروب التي استغرقت أربعة أيام. وبينما تحاول القوات الأمنية استعادة المدينة، تؤكد وكالات الإغاثة أن نحو 50 ألف شخص ليس لديهم طرق آمنة للخروج، ومن المرجح أن يقعوا في مرمى النيران.
وكشفت كارولين غلوك، من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بغداد، أن هناك نقص شديد في الأغذية والأدوية في المدينة، وبعض العائلات تبحث عن طعام في القمامة. وأضافت "بعض الأشخاص وصل بهم اليأس إلى درجة الانتحار، وظهرت علامات الصدمة على الأطفال، وكانوا مرعوبين بشكل واضح".
وأكد بهجت إبراهيم، إمام مسجد هرب من المدينة، ويقيم الآن في مخيم للاجئين في مدينة برزنجة التابعة لمحافظة السليمانية، أن الموجودين في الداخل لا يمكنهم الخروج، والموجودين في الخارج لا يمكنهم تقديم يد العون لهم". وتابع "ليس هناك طعام على الإطلاق. تصل تكلفة كيس الطحين إلى مليون دينار 850 دولارًا وأكثر من ذلك". وتوافقه الرأي بيكي بكر عبد الله، من المجلس النرويغي للاجئين، قائلة "يعيش المدنيون على التمر ويشربون الماء مباشرة من النهر".
وواصلت "يحدثونني أيضا عن خطورة الهروب، إذ يفرون في مجموعات تتكون من 15 أو 16 أسرة، غالبًا حفاة القدمين، أثناء الليل وهم يحملون كبار السن والمرضى والأطفال، وعلى طول الطريق يتعين عليهم الاختباء في أنابيب الصرف الصحي الكبيرة ورفع الرايات البيضاء لكي لا تطلق النيران عليهم". وتقول غلوك أن المفوضية العليا للاجئين تلقت تقارير تشير إلى أن عائلة مكونة من ستة أشخاص أمضت أربعة أيام مختبئة في أحد الأنهار، في محاولة للهروب من تنظيم داعش، في انتظار حمياتهم من قبل قوات الأمن، وأجبروا على أكل العشب، ومن الواضح للغاية أن الناس يواجهون مخاطر جمة من أجل ترك الفلوجة، لكن هذا يؤكد مدى اليأس الذي أصبح عليه وضعهم.
وأنشأت السلطات العراقية خطًا ساخنًا للمدنيين في الفلوجة الذين يريدون أن يساعدهم الجيش على الرحيل - لكن الضربات الجوية مستمرة، ومن المتوقع أن تشتد العمليات القتالية، في الوقت الذي يهدد فيه تنظيم "داعش" بقتل الذين يحاولون الفرار. وأشار المجلس النرويغي للاجئين إلى أنه يعتقد أن عائلة واحدة فقط فرت من الفلوجة خلال الأيام التسعة الماضية. وأوضح يان ايغيلاند، الأمين العام للمجلس، أن هناك كارثة إنسانية في الفلوجة، فالأسر باتت في مرمى النيران ولا توجد أي وسيلة آمنة للخروج، مضيفًا "لا تستطيع المنظمات الإنسانية الأجنبية دخول الفلوجة، وتقدم المساعدات للأشخاص من القرى المجاورة، الذين تمكنوا من الخروج والوصول إلى مخيمات اللاجئين.
وتستطرد بيكي بكر عبد الله، قائلة إن العائلات التي التقتها تتحدث عن "وضع مزر للغاية، وهناك في الأساس سببان لعدم هروب الناس، السبب الأول هو أنهم خائفون جدا، فهناك قنابل وصواريخ وتبادل لإطلاق النار خارج أبوابهم مباشرة، لذا توقف الناس حتى عن الحركة خارج منازلهم. وأردفت "السبب الآخر هو، حسب رواية أم لثلاثة أبناء، أنه عندما خرجت شائعات بأن أسرتها تريد الهرب، جاء رجال ينتمون لتنظيم داعش إلى منزل الأسرة وبدأوا يضربون الرجال ويهددون حياة العائلة". وطالب فائق إسماعيل، الذي فر من الفلوجة ويعيش في مخيم برزنجة، الحكومة بفتح ممر آمن للعائلات وحمايتها لأنها بين داعش والجيش.
وتحاصر القوات الأمنية مدينة الفلوجة منذ أكثر من ستة أشهر، وتخضع المدينة لسيطرة تنظيم "داعش" منذ أكثر من عامين. وتتأهب اللجنة الدولية للصليب الأحمر لتوزيع المساعدات الخاصة بالصحة والمأوى للأشخاص الذين فروا من المنطقة في الآونة الأخيرة.
وتُحذّر اللجنة من أن الفلوجة لا يجب أن تصبح الرمادي الأخرى. ودمرت مدينة الرمادي، التي تقع على بعد 50 كيلومترًا غرب الفلوجة، بعد أن احتلها مقاتلو تنظيم "داعش". واستعاد الجيش العراقي السيطرة على المدينة في ديسمبر / كانون الأول 2015، لكن البنية التحتية للمدينة بما في ذلك الطرق والكهرباء وإمدادات المياه والجسور تضررت بشدة، وبدأ بعض المدنيين يعودون للمدينة، لكنهم يواجهون خطرًا كبيرًا بسبب القنابل غير المنفجرة التي تركت هناك.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر