الداخلة- ناديا أحمد
حذر العاهل المغربي، الملك محمد السادس، الجمعة، من وجود عوامل عدّة تسهم في اختراق القارة الأفريقية اقتصاديًّا وسياسيًّا وثقافيًّا، مما يسبب في اندلاع جملة من الأزمات متعددة الأشكال.
وأكد الملك أن موضوع التعاون جنوب-جنوب والتنمية الاقتصادية في أفريقيا يكتسي بأهمية بالغة وآنية، ويعكس الطموح الذي يحدونا جميعًا، لجعل القارة في صميم الاهتمامات الجيوسياسية الدولية الكبرى، بحسب وصفه.
وأضاف الملك المغربي، خلال الرسالة التي وجهها إلى المشاركين في منتدى كرانس مونتانا المنعقد في الداخلة، أنه "لابد للتعاون جنوب- جنوب أن يأخذ بعين الاعتبار، المعطيات الجديدة التي أتى بها القرن الواحد والعشرون، ويساير التوجهات الكبرى التي أفرزتها العولمة، بكل تجلياتها".
وذكر العاهل المغربي "ما فتئنا ندعو إلى تعاون فعالٍ ومتضامنٍ، من خلال التوظيف الأمثل للفرص التي يتيحها التعاون الثلاثي، سواءً على المستوى الإقليمي، أو مع دول الشمال، شريطة أن ينخرط هذا التوجه ضمن مقاربة مبنية على الاحترام المتبادل والتوازن، ومراعاة مصالح كل الأطراف".
وأكد: المملكة المغربية جعلت من التعاون الاقتصادي جنوب- جنوب ركيزة من ركائز سياستها الخارجية، تعمل كذلك على تطوير شراكات مثمرة، عبر انفتاحها بالقدر المطلوب، مع شركائها في كل من أوروبا وأميركا الشمالية وآسيا، مسجلاً أن ذلك بالضبط هو نموذج الشراكة متعددة الأبعاد، القائمة على تعبئة الكثير من الأطراف، الذي يتوجب علينا المثابرة من أجل النهوض به، لتحقيق المزيد من الرخاء والنماء في أفريقيا.
وأشار الملك، في هذا السياق، إلى أن القارة الأفريقية هي التي دفعت أكثر من غيرها الثمن غاليًا خلال فترة الاستعمار وإبان الحرب الباردة ولا زالت تعاني، للأسف الشديد، من آثارهما إلى يومنا هذا، مبرزًا أن "الحدود التي ورثتها بلدان القارة عن المستعمر، لا تزال تشكل، في الكثير من الأحيان، البؤر الرئيسية للكثير من الاضطرابات والنزاعات".
ودعا أبناء أفريقيا إلى ابتكار "السبل الكفيلة بتحويلها إلى فضاءات مفتوحة للتلاقي والتبادل المثمر، بين المجتمعات الأفريقية".
وأكد الملك محمد السادس أن القارة الأفريقية تخترقها "خطوط متعددة للتصدع الاقتصادي والسياسي والثقافي، تتسبب في اندلاع جملة من الأزمات متعددة الأشكال، في حين أن تعدد وتنوع ثرواتها البشرية والطبيعية الهائلة، يجدر بهما أن يكونا، على العكس من ذلك، أفضل حافزٍ على الاندماج والتكامل بين مكوناتها المجالية، الشيء الذي سيسهم في محو آثار التجزئة التي تعرضت لها القارة وعانت منها، إبان الاستعمار، وذلك ما كان يعمل على إذكاء التوترات السياسية والعرقية، خلال تلك الفترة".
وسجل الملك أن "القارة الأفريقية تواجه علاوة على ذلك وضعًا أمنيًا هشًا ومتفاقمًا، حيث أن الكثير من المناطق الأفريقية، أضحت تعيش اليوم، تحت تهديد أخطار جديدة وعابرة للحدود، مثل التطرف والجريمة المنظمة، والإتجار في المواد المخدرة، والإتجار في البشر، والتطرف الديني، مضيفًا أن كل هذه التحديات الكبرى، تتطلب منا ردًا جماعيًا وتدعونا إلى التفكير سويًا، والتشاور بشأن الإشكالية الأمنية".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر