موسكو ـ حسن عمارة
اتسمت ردود أفعال روسيا والصين والأنظمة السلطوية الأخرى في جميع أنحاء العالم، أمس الثلاثاء، على الاحتجاجات العنيفة في ضاحية فيرغسون الأميركية، بقمة الفرح والشماتة، في إشارة إلى أنَّ مشاهد الاضطرابات في ولاية ميسوري قوَّضت مصداقية الولايات المتحدة في انتقادها للدول الأخرى في مجال حقوق الإنسان.
وهيمن استخدام الشرطة للغاز المسيل للدموع بكثافة وإطلاق القذائف المطاطية والشعور بالفوضى على وسائل الإعلام الرسمية الدولية، بما فيها قناة "روسيا اليوم" المدعومة من الكرملين، والتي تسلط غالبًا الضوء على أوجه القصور في المجتمع الغربي.
وكانت "روسيا اليوم" تبث من موقع الحدث وتعرض مجموعة من الصور لفيرغسون بعنوان "فيرغسون تحترق: سيارات محترقة، غازات مسيلة للدموع، صدامات في ليلة مليئة بالشغب"، ونقلت عن مسؤول حقوق الإنسان في الأمم المتحدة السيد زيد رعد الحسين وهو ينتقد بشدة سجل أميركا "الحافل" في العلاقات العرقية، مشيرًا إلى أنَّ الأميركيين الأفارقة ينتهي بهم المطاف في السجون، أو ما هو أسوأ بأرقام غير متناسبة للغاية.
وألمح معلقو القناة الروسية ووسائل الإعلام الحكومية إلى أنَّ الإضرابات التي تشهدها ضاحية فيرغسون كانت نوعًا من الثأر الكوني لتدخل الولايات المتحدة في أوكرانيا التي أشبه ما تكون في حرب مع شرق البلاد، حيث ألقى الكرملين باللوم على الصراع في الغرب و"النازيين الجدد" في كييف، بدلًا من التركيز على غزو موسكو الخفي للأراضي الأوكرانية.
وفي الوقت نفسه، أطلق "مسؤول حقوق الإنسان" الروسي كونستانتين دولغوف سلسلة من التغريدات متهمًا فيها الإدارة الأميركية بالنفاق والفشل التسلسلي، قائلًا "إنَّ الصراعات العرقية والإثنية في ارتفاع في المجتمع الأميركي وقد حان الوقت لتولي السلطات الأميركية الانتباه لهذا الأمر بدلًا من التركيز على إلقاء المحاضرات على بقية العالم في مجال حقوق الإنسان".
كما استغلت وزارة الخارجية الصينية الفرصة لتسديد صفعة لواشنطن حيث وصفت المتحدثة باسم الوزارة هوا شانينغ، الاحتجاجات التي اندلعت بعد رفض هيئة محلفين لمحاكمة ضابط شرطة أبيض البشرة إثر إطلاقه النار على مراهق أسود، بأنها شأن داخلي يخص الولايات المتحدة، ومع هذا تمادت قليلًا بقولها إنّه من الأفضل للولايات المتحدة أن تبدي شيئًا من التواضع في التعامل في هذا الشأن قائلة "أود أن أقول إنَّه لا يوجد كمال عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان أينما تكون" وأضافت "علينا تحسين سجل حقوق الإنسان وتعزيز هذه القضية، ويمكننا أن نتعلم من بعضنا البعض في هذا المجال".
وفي مصر، قارن مستخدمو وسائل الإعلام الاجتماعية بين فيرغسون والأحداث في القاهرة، إذ لم تأتِ وحشية الشرطة المتفشية منذ اندلاع الثورة عام 2011 إلا بإدانة واحدة، وعلى إثر ذلك انفجرت اشتباكات دامية بين الشرطة والمحتجين، وقال الباحث الحقوقي السابق الذي يتخذ القاهرة مقرًا له سكوت لونغ في تغريدة "ما يحدث في فيرغسون الآن أشبه ما يكون باعتداءات الشرطة في مصر،" وأضاف "عالمنا يرسل رسالة واحدة مفادها أننا في نظام عسكري واحد."
ولم تعلق الحكومة المصرية على آخر ما تشهده فيرغسون من أعمال عنف على الرغم من إصدار وزارة الخارجية المصرية في الاحتجاجات السابقة، بيانًا شائكًا تحث فيه المسؤولين الأميركيين على ضبط النفس في تعاملها مع المتظاهرين، وكانت هذه بمثابة صفعة صد لانتقادات عديدة وجهتها الولايات المتحدة حول تجاوزات الشرطة المصرية، الذين قتلوا حوالي 2000 من المحتجين منذ عام 2011.
وقد أصدرت الشرطة المصرية سابقًا أهم خمس نصائح للشرطة الأميركية حول كيفية التعامل مع الاضطرابات في فيرغسون ومنها "ننصح الشرطة الأميركية بعدم استخدام القوة المفرطة في التعامل مع المتظاهرين السلميين" على لسان المتحدث باسم الشرطة اللواء هاني عبد اللطيف، الذي اقترح أيضًا فتح حوار مع المحتجين، وتقديم رجال الشرطة المخطئين إلى العدالة السريعة.
وأعرب المواطنون العاديون في مختلف أنحاء الشرق الأوسط عن تضامنهم مع المحتجين في فيرغسون، وعلى وجه الخصوص، عبَّر الفلسطينيون عن تأييدهم بل وقدموا النصائح المفيدة حول كيفية تعامل المحتجين بشكل أفضل مع هجمات رجال الشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر