كشف وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن هناك اتفاقًا دوليًّا على مشاركة ممثلي "جيش الإسلام" و"أحرار الشام" بالمفاوضات السورية في جنيف، ولكن بصفة شخصية.
وأكد لافروف، خلال مؤتمر صحافي، أن الاتفاق الدولي يشترط على ممثلي هاتين الجماعتين، في حال أرادوا المشاركة في المفاوضات، أن يقبلوا أولًا أحكام القرار رقم 2254 بشأن سورية والذي أقره مجلس الأمن الدولي في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وأضاف: "أننا اتفقنا (الحكومة السورية وافقت أيضا) على أن هؤلاء الأشخاص، في حال دخلوا في المفاوضات، سيشاركون فيها بصفة شخصية، وسيقبلون مطالب القرار رقم 2254، بما في ذلك التخلي عن الأنشطة المتطرفة، والالتزام بمبدأ وحدة الأراضي السورية".
وشدد لافروف على أن موقف روسيا هذا لا يعني اعترافا بـ"جيش الإسلام" و"أحرار الشام"، نظرا لكونهما مرتبطين بتنظيم "القاعدة" وتورطهما في أعمال إرهابية.
واستطرد قائلا: "الموافقة على مشاركتهما بصفة شخصية لا تعني الاعتراف بهاتين الجماعتين شريكتين في المفاوضات. ووافق على ذلك الجميع، بما فيهم الولايات المتحدة. وهذا موقفنا ويشاطرنا هذا الموقف عدد من أعضاء مجموعة دعم سورية".
وأفرد لافروف أن المرحلة الجارية في التسوية السورية مهمة للغاية، مضيفا أن موسكو تأمل في تشكيل وفد موحد للمعارضة السورية في جنيف. وتابع: "أننا نأمل في أن ذلك ظاهرة مؤقتة، وفي ألا يشكل الوضع الجاري، عندما يوجد هناك وفدان للمعارضة، عقبة على طريق هذا العمل".
وأوضح لافروف أن عملية تشكيل وفدين للمعارضة، أحدهما على أساس قائمة الرياض، والثاني على أساس قائمة المشاركين في لقاءات القاهرة وموسكو، لم تكتمل بعد، بل من المتوقع أن يصل مزيد من المعارضين السوريين إلى جنيف في الأيام المقبلة.
وأشار إلى أن الدول التي تدعم التسوية السورية لن تتدخل في القرارات السورية، بل سيدعم المجتمع الدولي ما سيتفق عليه السوريون المشاركون في مفاوضات جنيف.
ويلتقي وفد حكومة الجمهورية العربية السورية المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا الساعة الحادية عشرة بتوقيت جنيف، كما يلتقي نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف كلا من قدري جميل وهيثم مناع ورندة قسيس في السفارة الروسية في جنيف الساعة الحادية عشرة ونصف بتوقيت المدينة السويسرية.
وأكدت مصادر من جنيف أن وفد معارضة الرياض اعتبر أن إعلان دي مستورا بدء المفاوضات "خطأ" مؤكدا، وأن عملية التفاوض لم تبدأ بعد، والواضح حتى اللحظة أن وفد الرياض هو المفاوض الوحيد عن المعارضة أما بقية الوفود فهي استشارية فقط.
وأوضح المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا، أن الحوار السوري السوري بدأ رسميًا بعد لقائه وفدا من المعارضة السورية، مشددًا على أنه لا ينبغي أن تكون هناك شروط مسبقة للحوار.
وصرح دي ميستورا بأن "الحوار بدأ رسميًا، والثلاثاء سنتعمق به أكثر فأكثر، وأرى الرغبة والإرادة في تحقيق التقدم موضحًا أنه سيلتقي صباح الثلاثاء وفد الجمهورية العربية السورية وبعدها عند الظهيرة يلتقي وفد معارضة الرياض".
وذكر دي ميستورا أن الشعب السوري يريد أن يرى نتائج على الأرض ووقائع ملموسة لهذا الحوار السوري السوري معربا عن قناعته بأن هذا الحوار سيكون أفضل مما سبقه، واعتبر دي ميستورا أن بياني فيينا خرجا برسالة أنه حين البدء بالحوار السوري السوري في جنيف يجب أن تكون هناك على التوازي محادثات لوقف إطلاق النار، موضحًا أن هذا الأمر يجب بحثه مع كل الدول المعنية بالتوصل إلى حل للأزمة في سورية، وأضاف: "سنُخرج جميع الأطفال والنساء من المناطق المحاصرة".
وأوضح المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات سالم المسلط، أن اجتماع الهيئة مع دي مستورا كان إيجابيًا, وشدَد على تمسك الوفد المعارض بالبنود الإنسانية قبل البدء بالمفاوضات، وقال المسلط في مؤتمر صحفي لاحق للقاء الوفد المعارض للمبعوث الأممي "نريد حلاً جذرياً يحل مشاكل السوريين بكل المناطق لاسيما المحاصرة و عددها 18منطقة"، وأنه على المجتمع الدولي أن يكون على قدر المسؤولية لتنفيذ الالتزامات الإنسانية، وأشار مسلط إلى أنه ما زلنا ننتظر رداً بشأن المسائل الإنسانية من المبعوث الأممي إلى سورية، موضحًا أن الطرف الحقيقي الذي يحاصر السوريين هو النظام وأن دي مستورا سيلتقي وفد النظام الثلاثاء؛ للاستماع إلى ردوده حول تنفيذ البنود الإنسانية.
وأشار المسلط إلى أن موضوع مشاركة الوفد المعارض في المفاوضات لا زال شائكاً و لم يحسم بعد نظرًا لعدم تطبيق البنود الانسانية، معتبرًا إياها أنها النقاط الأساسية التي لا يمكن التفاوض بدونها في حين يعتبرها وفد الحكومة السورية شروطًا مسبقة للتفاوض و هذا ما يرفضه، وقال مسلط: "روسيا تصنف جميع الشعب السوري أنه إرهابي باستثناء نظام الأسد"، مؤكدًا أن جميع الفصائل الثورية ممثلة في وفد المعارضة و حاضرة في جنيف.
وأكد نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، أنه سيلتقي الثلاثاء، مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، إضافة لنيته لقاء وفد أميركي في جنيف، وفق ما أشارت إليه وسائل الإعلام الروسية.
وأصر وفد المعارضة السورية على عدم المشاركة في المحادثات رسميا في حال لم تتحقق المطالب الإنسانية، وقال المسلط إن الهيئة العليا للمفاوضات ستنتظر جوابًا من دي ميستورا بعد لقائه مع وفد الحكومة الثلاثاء، كما اتهم الحكومة الروسية، حليفة نظام دمشق، بالمساعدة على تحويل بشار الأسد إلى "هتلر جديد"، وقال إن "النظام الروسي سيخلق هتلر جديدًا".
وفي ما يبدو أنه ترجمة سريعة لما تم التوصل إليه على مستوى الوضع الانساني، أعلنت الأمم المتحدة مساء الاثنين موافقة الحكومة السورية على السماح بدخول المساعدات إلى العديد من المناطق المحاصرة، ومن بينها بلدة مضايا التي تعاني من مجاعة، كما وصل عصر الاثنين محمد علوش المسؤول في مجموعة جيش الاسلام المسلحة المعارضة، الى جنيف للمشاركة في المحادثات بصفته كبير مفاوضي وفد المعارضة.
وقال علوش لوكالة فرانس برس: "اتينا كي نجد حلا"، مضيفًا: "ليس هناك أرضية مشتركة مع النظام، النظام يريد أن ينهي المعارضة"، متهمًا النظام والقوات الموالية له بارتكاب جرائم حرب، وعلوش عضو في المكتب السياسي لمجموعة جيش الاسلام المعارضة المسلحة السلفية الاتجاه والمدعومة بشكل خاص من السعودية، وكان عين كبير المفاوضين من قبل الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة تمهيدا للدخول في مفاوضات غير مباشرة مع النظام، إلا أن النظام السوري وروسيا يعتبران مجموعة جيش الإسلام "متطرفة".
وكان وفد المعارضة السورية التقى دي ميستورا الأحد، بشكل غير رسمي، في أحد فنادق جنيف، وكرر مطالبته تطبيق الإجراءات الإنسانية التي نص عليها قرار مجلس الأمن 2254 قبل الدخول في المفاوضات، وأفاد مصدر دبلوماسي أن المطلب الأكثر "قابلية للتحقيق" يتعلق بإطلاق سراح آلاف المعتقلين في سجون النظام السوري.
وفي تأكيد على فداحة الأوضاع الإنسانية في الكثير من المناطق السورية، أعلنت الأمم المتحدة في تقرير الأحد، ان ثمانية أشخاص توفوا خلال شهر كانون الثاني/يناير، جراء النقص في الرعاية الطبية اللازمة في مدينة معضمية الشام التي تخضع لحصار قوات النظام السوري جنوب غرب دمشق.
ووافق وفد المعارضة على الالتقاء بدي ميستورا الاثنين بعد أن تلقى "ضمانات" من "أصدقائه" في المجتمع الدولي، وبعد الحصول على "رد ايجابي من موفد الامم المتحدة" دي ميستورا حسب ما قال المتحدث باسم الهيئة سالم المسلط، وأفاد مصدر دبلوماسي أن دي ميستورا "قدم إليهم اقتراحا"، خلال زيارة المجاملة التي قام بها للقاء وفد الهيئة العليا للمفاوضات في احد فنادق جنيف الاحد. ولم يكشف عن ماهية الاقتراح، الا انه يبدو انه كان يتعلق برفع الحصار عن مضايا.
-"لا عفو عن مجرمي الحرب"-
وكان دي ميستورا أرجأ اجتماعه مع وفد النظام الذي كان مقررًا قبل ظهر الاثنين إلى قبل ظهر الثلاثاء، ومن مسقط رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ببدء المحادثات في جنيف "التي طال انتظارها كثيرا"، وتأمل الأمم المتحدة إقامة حوار غير مباشر بين الطرفين يمكن أن يمتد إلى ستة أشهر وهي المهلة التي سبق وأن حددتها الأمم المتحدة لتشكيل سلطة انتقالية تنظم انتخابات في منتصف العام 2017.
وحرص المفوض الأعلى لحقوق الإنسان الأمير زيد رعد الحسين، على التأكيد أن هذه المحادثات يجب ألا تتيح إفلات مجرمي الحرب ومرتكبي جرائم ضد الإنسانية من العقاب، وقال في هذا الصدد: "نأمل بان يقوم الوسطاء خلال هذه المفاوضات بالتشديد على هذه النقطة لدى طرفي النزاع".
وكانت عملية الحوار هذه انطلقت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بمشاركة القوى الغربية وروسيا ودول عربية وايران وتركيا. وينشط دبلوماسيون من هذه الدول خلف الكواليس للدفع باتجاه انجاح هذه المحادثات.
وفي هذا الاطار من المتوقع ان يعقد الاثنين لقاء في جنيف بين آن باترسون مساعدة وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط، وموفد الولايات المتحدة لسورية مايكل راتني من جهة، ونائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف من جهة ثانية.
وتلتقي الدول المشاركة في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية الثلاثاء في روما بحضور وزير الخارجية الأميركي جون كيري على أن يتم التطرق إلى الأزمة السورية، كما من المقرر أن يعقد مؤتمر للمانحين الدوليين الخميس في لندن في محاولة لجمع الاموال اللازمة لمساعدة 13،5 مليون شخص يعيشون في ضائقة شديدة، اضافة الى اكثر من اربعة ملايين لاجىء في الدول المجاورة لسورية، وكانت الامم المتحدة ووكالاتها طالبت العام الماضي بمبلغ 8،4 مليارات دولار لسورية إلا أنها لم تحصل سوى على 3،3 مليارات دولار.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر