دعت دول مجلس التعاون الخليجي في نهاية الدورة الـ 36 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الذي أقيم في قصر الدرعية في الرياض الخميس، إلى عقد مؤتمر دولي لإعمار اليمن، بعد التوصل إلى اتفاق سلام لإنهاء الحرب، مطالبة في بيانها الختامي للقمة إيران بضرورة الكف الفوري عن التدخلات في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة.
واستعرض قادة دول المجلس في الدورة الحالية مسيرة العمل المشترك، والمتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها المنطقة والعالم، وانعكاساتها المباشرة على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. مستلهمين الدور والمسؤولية التاريخية التي تضطلع بها دول المجلس، باعتباره جزءاً من أمتها العربية والإسلامية.
وذكر البيان الختامي للدورة الـ 36 للمجلس الأعلى لدول الخليج العربي، أن «الحاجة أصبحت ملحة لمضاعفة الجهود، لاستكمال الخطوات المهمة التي بدأها المجلس نحو التكامل والترابط والتواصل بين دوله ومواطنيه، وإعلاء مكانته وتعزيز دوره الدولي والإقليمي».
وأشار إلى إن «رؤية خادم الحرمين الشريفين لتعزيز العمل الخليجي المشترك، بالانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، بالإضافة إلى القرارات التي اتخذها المجلس الأعلى في هذه الدورة، توفر النهج الأمثل لتحقيق هذه الأهداف خلال العام المقبل، إذ ستقوم السعودية، بالتنسيق والتعاون مع الدول الأعضاء والأمانة العامة للمجلس، لوضعها موضع التنفيذ خلال فترة رئاستها للمجلس».
وأكد المجلس الأعـلى دعمه الكامل للإمارات لاستضافتها «إكسبو 2020»، بالإضافة إلى وقوفه مع قطر لاستضافتها كأس العالم 2022، في كل ما من شأنه أن يؤدي إلى نجاح المونديال.
- القضايا العربية والإقليمية:
أكدت دول المجلس في البيان الختامي الصادر على «مواقفها الثابتة في شأن القضايا العربية والدولية، وعزمها على الاستمرار في مواجهة ما تتعرض له المنطقة العربية من تحديات»، مبينة دعمها غير المحدود للقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة، ومساندتها للشعب الفلسطيني أمام الإجراءات القمعية التي تمارسها إسرائيل، ورفض الإجراءات الإسرائيلية في القدس الشريف.
أما في اليمن، تؤكد دول المجلس حرصها على تحقيق الأمن والاستقرار، تحت قيادة حكومته الشرعية، وتدعم الحل السياسي وفقاً للمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن الرقم 2216، ليتمكن اليمن من تجاوز أزمته ويستعيد مسيرته نحو البناء والتنمية، ولهذا دعت دول المجلس إلى الإعداد لمؤتمر دولي لإعادة إعمار اليمن، ووضع برنامج عملي لتأهيل الاقتصاد اليمني وتسهيل اندماجه مع الاقتصاد الخليجي، بعد وصول الأطراف اليمنية إلى الحل السياسي المنشود.
ومن المقرر أن تجتمع أطراف الصراع اليمني في سويسرا الأسبوع المقبل، في محادثات سلام ترعاها الأمم المتحدة، لإنهاء الحرب في اليمن.
وأعلنت دول المجلس دعمها للحل السياسي في سورية ولما يخرج به مؤتمر المعارضة السورية المنعقد في الرياض في 8-10 من الشهر الجاري، بما يضمن وحدة الأراضي السورية واستقلالها، وفقاً لمبادئ «جنيف1»، كما رحبت بنتائج مؤتمر فيينا للأطراف المعنية.
وفي الشأن العراقي، أعرب المجلس عن أمله في أن يؤدي قرار الحكومة في بغداد ومجلس النواب باتخاذ خطوات عملية لمعالجة الفساد، وتردي الأوضاع الخدمية، الى تصحيح مسار العملية السياسية، بما يحقق مشاركة فاعلة لجميع أطياف الشعب العراقي، وتنفيذ الإصلاحات كافة التي سبق الاتفاق عليها في العام الماضي.
وأكد مجدداً دعمه لقرار مجلس الأمن الرقم 2107/2013، والذي قرر بالإجماع إحالة ملف الأسرى والمفقودين وإعادة الممتلكات الكويتية والأرشيف الوطني إلى بعثة الأمم المتحدة لمتابعة هذا الملف، داعياً لمواصلة الحكومة العراقية جهودها وتعاونها مع الكويت والمجتمع الدولي في هذا الشأن.
أما عن الوضح السياسي في ليبيا، حض المجلس جميع أطراف الأزمة الليبية بتغليب المصلحة العليا لإعادة الأمن والاستقرار في البلاد، مؤكداً دعمه الكامل للحكومة الشرعية.
وعبر المجلس الأعلى عن قلقه بشأن تصاعد العمليات المسلحة وأعمال العنف في ليبيا من قبل المجموعات المتطرفة المسلحة، مطالباً الالتزام بسيادة واستقلال وسلامة الأراضي الليبية ووحدتها الوطنية.
وبالنسبة للعلاقات مع إيران، رفض المجلس الأعلى بشدة استمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة، وطالب بالالتزام التام بالأسس والمبادئ والمرتكزات الأساسية المبنية على مبدأ حسن الجوار، واحترام سيادة الدول، مطالباً إيران بضرورة الكف الفوري عن هذه الممارسات.
وأعرب عن رفضه لتصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين، ضد دول المجلس والتدخل في شؤونها الداخلية، ومحاولة إثارة الفتنة الطائفية بين مواطنيها في انتهاك لسيادتها واستقلالها.
وفي شأن البرنامج النووي الإيراني، أكد المجلس الأعلى ضرورة الالتزام بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين طهران ومجموعة دول (5 + 1) في تموز (يوليو) الماضي، مشدداً على أهمية دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية في هذا الشأن وضرورة تطبيق آلية فاعلة للتحقق من تنفيذ الاتفاق والتفتيش والرقابة، وإعادة فرض العقوبات على نحو سريع في حال انتهكت إيران التزاماتها، بحسب الاتفاق.
وأكد المجلس أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 2231، في شأن الاتفاق النووي، بما في ذلك ما يتعلق بالصواريخ البالستية والأسلحة الأخرى.
كما عبّر عن قلقه البالغ في شأن إطلاق إيران لصاروخ بالستي متوسط المدى قادر على حمل سلاح نووي في 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2015، مشدداً على أن ذلك يعتبر انتهاكاً واضحاً لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1929.
وأكد المجلس الأعلى على أهمية جعل منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل كافة، موضحاً بأنه من حق جميع الدول الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وضرورة معالجة المشاغل البيئية لدول المنطقة، وتوقيع إيران على مواثيق السلامة النووية كافة.
وفي شأن مختلف، جدد المجلس الأعلى التأكيد على مواقفه الثابتة الرافضة لاستمرار احتلال إيران للجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) التابعة للإمارات، مؤكداً دعم حق السيادة للإمارات على الجزر الثلاث، وعلى المياه الإقليمية والإقليم الجوي والجرف القاري والمنطقة الاقتصادية، وأيضاً اعتبار أن أية قرارات أو ممارسات أو أعمال تقوم بها إيران على الجزر الثلاث باطلة ولاغية ولا تغير شيئاً من الحقائق التاريخية والقانونية.
ودعا المجلس طهران إلى الاستجابة لمساعي الإمارات من أجل حل القضية، من طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.
- مكافحة الإرهاب:
أوضح المجلس الأعلى أنه على دول العالم مسؤولية مشتركة في محاربة التطرف والإرهاب والقضاء عليه أياً كان مصدره، مؤكدة أن «الإرهاب لا دين له»، وأن الإسلام يرفضه.
ودان بشدة التفجيرات الإرهابية التي استهدفت مساجد في كل من السعودية والكويت، كما دان الأعمال الإرهابية التي تعرضت لها مملكة البحرين وراح ضحيتها عدد من رجال الأمن والمدنيين الأبرياء.
وأشاد المجلس الأعلى بإحباط الأجهزة الأمنية لعمليات تهريب لمواد متفجرة شديدة الخطورة، وأسلحة وذخائر مصدرها إيران إلى البحرين.
وأعرب عن وقوف دول المجلس ومساندتها في كل ما تتخذه هذه الدول من إجراءات لحماية أمنها وضمان سلامة مواطنيها والمقيمين على أراضيها، معرباً عن ثقته بقدرة الأجهزة الأمنية على كشف ملابسات هذه الجرائم الإرهابية وتقديم مرتكبيها للعدالة والمساءلة.
كما أكد المجلس الأعلى استمرار الدول الأعضاء في المشاركة بالتحالف الدولي لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، مشدداً على ضرورة تكثيف التنسيق والتعاون الثنائي والدولي من أجل مواجهة التحديات التي تمر بها المنطقة والقضاء على الإرهاب، وتهديداته العابرة للحدود والعمل على تجفيفمنابعه، تعزيزاً لأمن المنطقة واستقرارها.
ودان المجلس أيضاً الهجمات الإرهابية التي شنها التنظيم المتطرف في باريس الشهر الماضي، والتي أوقعت العديد من الضحايا المدنيين الأبرياء. وأعرب عن وقوف دول المجلس ومساندتها للجهود الفرنسية في كل ما تتخذه من إجراءات، كما دان الأعمال الإرهابية التي ارتكبها التنظيم وغيره من التنظيمات الإرهابية في الولايات المتحدة الأميركية وتونس ومصر ومالي ولبنان والعراق.
وأكد مواصلة مكافحة الإرهاب بكل أشكاله وأنواعه، واجتثاث تنظيماته المعادية للشرائع السماوية والقيم الإنسانية.
- التنسيق والتعاون الأمني:
وصادق المجلس على قرارات مجلس الدفاع المشترك في دورته الـ 14، في شأن مجالات العمل العسكري المشترك، وكان في مقدمها الخطوات الجارية لتفعيل «القيادة العسكرية الموحدة»، واعتماد الموازنة المخصصة لها ومتطلباتها من الموارد البشرية، وكذلك الاستفادة من العسكريين المتقاعدين من دول الخليج من ذوي المؤهلات العلمية المتخصصة وذوي الخبرة والكفاءة، للقيام بدور ومهام تقديم الخدمات الاستشارية للإدارات والمكاتب التابعة للأمانة العامة.
وأقر المجلس قرارات وزراء الداخلية في اجتماعهم الـ 34، والذي عقد في قطر الشهر الماضي، معرباً عن ارتياحه لما تحقق من إنجازات في المجال الأمني، كما بارك تعديل وتطوير الاستراتيجية الأمنية الشاملة بين دول المجلس وقرر اعتمادها.
- الشؤون القانونية:
اطلع المجلس الأعلى على مرئيات الهيئة الاستشارية في شأن المواضيع التي سبق تكليفها بها وهي، «تطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص في دول مجلس التعاون»، «نمو مستوى الدخل لمواطني دول مجلس التعاون ورفاهيتهم»، «مستقبل النفط والغاز مصدراً للثروة والطاقة في دول مجلس التعاون وأهمية الحفاظ عليها خياراً استراتيجياً أمنياً تنموياً»، وقرر إحالتها إلى اللجان الوزارية المختصة للاستفادة منها.
كما كلف المجلس، الهيئة الاستشارية بدرس موضوعات عدة وهي، «إعداد استراتيجية شاملة للتعاون البيئي بين دول المجلس»، «تعزيز دور القطاع الخاص الخليجي للاستثمار في المشاريع الزراعية والحيوانية»، «إنتاجية المواطن الخليجي، محدداتها وسبل زيادتها».
وفي ختام البيان قرر المجلس الأعلى التجديد لعبداللطيف الزياني أميناً عاماً لمجلس التعاون لدول الخليج العربية لمدة ثلاثة اعوام أُخرى تبدأ من 1 نيسان (أبريل) 2017، تقديراً للجهود الكبيرة التي يبذلها، وإسهامه الفعال في تعزيز مسيرة المجلس.
يذكر أن الدورة الـ 37 للمجلس الاعلى لدول مجلس التعاون الخليجي المقبل ستقام في البحرين في العام المقبل.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر