طالب شاعر وروائي إيراني شهير حق اللجوء السياسي إلى إسرائيل، بعد وضعه على القائمة السوداء في طهران وتغنيه بالدولة العبرية ورسمه نجمة داوود على عنقه، وتناوله الكثير من الرموز اليهوديّة ومثليي الجنس في رواياته، ويعيش الآن في مدينة "تل أبيب".
وبايام فيلي (30 عامًا)، والذي أعلن مثليته الجنسية في وقت سابق، أكد في حديثه عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تُنفَذ أحكام الإعدام بحق مثليي الجنس صعوبة البقاء في إيران في ظل السمعة التي اكتسبها خارجها، مضيفًا أنه وقبل فترة من رحيله عن البلاد، فقد اعتقد أن المكان الآخر الوحيد في العالم الذي بإمكانه أن يعيش فيه هو "إسرائيل".
وكانت إيران تربطها بـ"إسرائيل" علاقة وطيدة إلى أن اندلعت الثورة الإسلامية العام 1979 قبل أن يولد فيلي، لتتجه بعدها إيران إلى عدم السماح لمواطنيها بزيارة "إسرائيل" التي تراها بمثابة الشيطان، بينما لا تسمح "إسرائيل" لمواطنيها بالسفر إلى إيران بسبب المخاوف التي يبديها قادتها من البرنامج النووي الإيراني وما يشكله من تهديدات على الدولة اليهودية.
وتحدّث فيلي خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد هذا الأسبوع في القدس، عن كيفية انتقاله من إيران إلى "إسرائيل" بعدما لم يعد قادرًا في الأعوام الأخيرة من نشر أي شيء داخل بلاده، فضلًا عن تردد أصدقائه في التواصل معه، كما اتهمه الموالين للحكومة الإيرانية بالفجور والتعاون مع العدو حينما بدأ في العمل مع "إسرائيلي" لترجمة روايته الأخيرة إلى اللغة العبرية.
ولاذ الشاعر المثير للجدل بالفرار إلى تركيا العام 2014 في أعقاب إدراجه ضمن القائمة السوداء واعتقاله مرات عدة، ومنحته "إسرائيل" تأشيرة دخول مؤقتة تمتد لثلاثة أشهرٍ كفنان زائر، وأكد فيلي الذي نشأ وسط عائلة مسلمة في رابع أكبر مدينة إيرانية يبلغ تعداد سكانها 2 مليون شخص، وهي مدينة كرج، في حديثه بالفارسية عبر مترجمٍ خلال المؤتمر الصحافي، أنه شعر بالخوف وحذره الجميع من أن مقالاته ستتسبب في أشياءٍ أسوأ في المستقبل مما دفعه إلى الرحيل.
ونشرت الطبعة الخاضعة للرقابة من الكتاب الشعري الأول لفيلي في إيران حينما كان يبلغ من العمر 19 عامًا، بينما نشرت الكثير من أعماله اللاحقة خارج إيران وكان غالبيتها بالفارسية، ويعيش الآن في تل أبيب مع إدخاله إلى مجتمع مثليي الجنس في المدينة، وبدأ انجذابه كشاب إلى "إسرائيل" في أعقاب مشاهدته للأفلام التي تتناول المحرقة، ليشرع بعدها في قراءة التوراة؛ لما تتمتع به من قيمة ثقافية وأدبية، وذكر أن "إسرائيل" في الوقت الحاضر كما كان يتوقعها بل وأفضل وأكثر جمالًا، إلا أنه لا يرتبط بعلاقة خاصة مع اليهود.
ونظمت مجموعة مؤيدة لـ"إسرائيل" هذا الأسبوع مؤتمرًا صحافيًا مع فيلي من أجل تناول قصته ورعايتها كمثال على انفتاح "إسرائيل" على جيرانها في الشرق الأوسط، إذ تواجه إسرائيل اتهامات بكونها مركزًا للتسامح تجاه مثليي الجنس وذلك لصرف الأنظار عن سياسات الحكومة تجاه الفلسطينيين، وفي الاجتماع السنوي لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مع الصحافة الدولية هذا العام، قدمت المغنية "الإسرائيلية" المتحولة جنسيًا دانا إنترناشيونال عرضًا ناشدت من خلاله الصحافيين بالقدوم إلى "إسرائيل".
ويدرك فيلي جيدًا أن الإسرائيليين ليسوا جميعهم متسامحين، وذلك بعدما تعرضت الفتاة اليهودية شيرا بانكي إلى الطعن خلال مسيرة لمثليي الجنس، وكانت بداية رحلته إلى "إسرائيل" عبر الكاتب والمخرج الإسرائيلي إيدو داغان، والذي عقد مقابلة معه لصالح الموقع الإخباري الإسرائيلي "أن.أر.جيه"، حيث سأله داكان عما إذا كان يريد زيارة "إسرائيل" وقرر بعدها محاولة إحضاره إلى تل أبيب من أجل العرض الأول على مسرح "تزافاتا".
وكشف فيلي، الذي حصل على وشم نجمة داوود حينما كان في تركيا، تلقيه دعوة للذهاب إلى الولايات المتحدة الأميركية، ولكنه اختار "إسرائيل"، مشيرًا إلى أنه لم يلتقَ أي مسؤول إسرائيلي منذ وصوله، بينما أوضح حجاي قلعي المحامي من تل أبيب أن فيلي لا يلقي أيّة معاملة خاصة في الوقت الذي يأخذ طلب اللجوء مساره الطبيعي.
ومن المعروف أن "إسرائيل" التي تأوي عشرات الآلاف من المهاجرين من أفريقيا، لا يمكن الحصول فيها على طلب للجوء بسهولة خوفًا من تدفق الكثيرين إليها، ولكن السلطات لا يمكنها ترحيل فيلي، في انتظار صدور قرار من اللجنة التي تمنح صفة لاجئ، ولكن العملية تستغرق وقتًا.
ويتردَد فيلي في التحدث بالتفصيل عن تجربته مع السلطات الإيرانية، على الرغم من ذكره أنه تم فصله من وظيفته كمحرر في شركة للنشر بعد كتابه الأخير الذي تم نشره في ألمانيا، على أن قلعي يتفهم تعرض فيلي إلى الاعتقال ثلاث مرات من قبل القوات الحكومية وهو ما يمثل إذلالًا وربما حتى التعذيب، في الوقت الذي تناولت فيه صحيفة ديلي بيست العام 2014 تعرض فيلي إلى الاحتجاز في حاوية شحن لمدة 44 يومًا.
ويتواصل فيلي مع عائلته في إيران عبر برنامج "السكايب"، كما أشار إلى أن الحكومة الإيرانية لم تعترف بالمثلية واصفة إياها بالانحراف، إلى جانب عدم اعترافها بـ"إسرائيل"، في حين يرى الكثير من الأشخاص في إيران أنه من الحماقة الانفتاح حول الحياة الجنسية، ولكنه يؤمن أن الاختباء خلف هويات مزيفة يعد أكثر خطورة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر