بيروت ـ فادي سماحة
أحال وزير العدل اللبناني المستقيل اللواء أشرف ريفي قضية الوزير السابق
المفرج عنه ميشال سماحة الى المحكمة الجنائية الدولية ضمن كتاب مفصّل
أورد فيه الوقائع الكاملة لتورّط سماحة في التخطيط والتجهيز لسلسلة
تفجيرات وعمليات اغتيال في مناطق لبنانية مختلفة وبحق عدد من الشخصيات
السياسية والدينية والأمنية اللبنانية والسورية المعارضة لنظام الحكم في
دمشق وذلك بالتنسيق الكامل والحصري مع مسؤولين سوريين, وأرفق ريفي كتابه
الى المحكمة الجنائية الدولية بالوثائق والتسجيلات والصور التي تدين
سماحة وسبق واعترف بها خلال التحقيقات التي اجريت معه عقب القاء القبض
عليه بتاريخ 9/8/2012 .
وطلب ريفي من المحكمة الجنائية الدولية وضع يدها على قضية الوزير السابق
سماحة استنادا" الى المادة 15 من قانون روما الخاص بها مبديا" استعداده
ومن تراه المحكمة مناسبا" للادلاء بأقواله بوصفه كان مديرا" عاما" لقوى
الأمن الداخلي عايش وتابع قضية سماحة عن كثب وما لحقها من تطورات بما
فيها اغتيال اللواء وسام الحسن وكوزير سابق للعدل .
وأعلن المكتب الاعلامي للوزير المستقيل أشرف ريفي الخميس أنه تقدّم
باخبار الى المدعية الجنائية الدولية فاتو بنسودة طالبا" التحقيق في قضية
ميشال سماحة , وتضمن الاخبار مقدمة استهلالية عن اتفاق الطائف للوفاق
الوطني الذي صدر بتاريخ 30 أيلول - سبتمبر عام 1989 برعاية سعودية
لانهاء الحرب في لبنان وتدرّج فيه الى اتهام الحكومة السورية بمحاولة
التنصل من بنود هذا الاتفاق ولجوئها - حسب كتاب ريفي - الى تنفيذ عدة
اغتيالات في لبنان كان أبرزها جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري التي أدت
تداعياتها الى خروج الجيش السوري من لبنان بقرار دولي ما دفع المسؤولين
السوريين الى الانتقام من معارضيهم في لبنان واثارة الفوضى والقلاقل فيه
عبر عمليات اغتيال وتفجيرات دموية كان المخطط الذي تورّط فيه سماحة جزءا"
منها.
وكشف كتاب الوزير ريفي أنه مع إندلاع الثورة السورية في أذار-مارس من
العام 2011 بدأ النظام السوري يعمل على قمعها وهدد رئيسه علناً بإحراق
المنطقة بأكملها إن إستمر دعم المجتمع الدولي للشعب السوري في ثورته
السلمية، وأوعز وطلب الى حلفه الوزير السابق ميشال سماحة بتنفيذ عمليات
قتل جماعية وتصفيات جسدية لمدنيين ورجال دين بهدف خلق فتنة طائفية بين
اللبنانيين تكون شرارة إنطلاق لحرب أهلية جديدة تضع الإستقرار الامني في
المنطقة في مهب الريح وتعيد حسابات المجتمع الدولي حول دعمه للحريات في
المنطقة تحت هاجس الحفاظ على الإستقرار والامن.
وأوضح كتاب ريفي في الوقائع أنه في أواسط شهر تموز - يوليو من العام
2012 حضر المدعو ميلاد كفوري الى مركز شعبة المعلومات في قوى الأمن
الداخلي وصرح بأن لديه معلومات أمنية على قدر عال من الخطورة يرغب
بالإدلاء بها، وبإستيضاحه من قبل رئيس الشعبة العميد وسام الحسن صرح بأن
الوزير والنائب السابق ميشال سماحة إتصل به منذ مدة كونه على علاقة معرفة
به وطلب مقابلته في أقرب وقت ممكن في منزله في محلة "الجوار"، فتوجه الى
منزل سماحة والتقى به حيث أخبره الأخير بأن اللواء علي مملوك رئيس جهاز
الأمن القومي لدى النظام السوري يهديه السلام ويريد منه خدمة، وبإستيضاح
الأمر أعلمه سماحة بأن المطلوب تنفيذ عمليات تفجير وإغتيالات في منطقة
عكار وبأن اللواء مملوك على إستعداد لتأمين المتطلبات اللوجستية والمادية
اللازمة للتنفيذ، عندها أعلمه ميلاد كفوري بأنه سيفكر بالموضوع وتوجه الى
شعبة المعلومات للإدلاء بما لديه، وقد تقرر بتاريخ 20/7/2012 إعتبار
ميلاد كفوري مخبراً سرياً بناءً على إشارة النائب العام التمييزي في حينه
القاضي سعيد ميرزا.
وأضاف الكتاب أن تم تجهيز المخبر السرّي بأجهزة تصوير وتسجيل سرية في
جسمه بهدف توثيق اللقاء بينه وبين سماحة بالصوت والصورة، وبالفعل تم
اللقاء بينهما يوم السبت الموافق في 21/7/2012 في منزل سماحة الكائن في
محلة الأشرفية في بيروت ثم بتاريخ 1/8/2012 وتاريخ 7/8/2012، وبعد كل
لقاء كان المخبر السري يحضر الى شعبة المعلومات حيث يتم نزع جهاز التسجيل
والتصوير من جسمه وتفريغ محتوياته.
وعرض الكتاب لخلاصة الإجتماعات التي حصلت بين المخبر ميلاد كفوري وبين
ميشال سماحة وعملية المداهمة والتوقيف وأبرز ما ورد في إعترافات سماحة
أمام شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي والمسار التي سلكته القضية حتى
تاريخه وذلك على النحو الأتي:
1- خلاصة الإجتماع الأول صباح يوم السبت تاريخ 21/7/2012 في منزل سماحة
في محلة الأشرفية في بيروت:
تم الإتفاق بين سماحة وكفوري على أن يقوم هذا الأخير بمعاونة فريق يعمل
لمصلحته او يجنده بتنفيذ عمليات تفجير في عكار- شمال لبنان تطال أماكن
تواجد مقاتلين سوريين أو قيادات لبنانية تتعاطى مع أو تدعم هؤلاء
المقاتلين، وعلى ان يقوم سماحة بتأمين كافة المتطلبات اللوجستية والمادية
اللازمة للتنفيذ وعلى ان يضمن سماحة تأمين عوائل المنفذين في حال تم
توقيف أي منهم مقابل أن يضمن كفوري عدم إعتراف أي من المنفذين حال توقيفه
مهما تعرض للضغط، كما تم الإتفاق على المبلغ الذي سيقبضه منفذو العملية
وهو 200 ألف دولار أمريكي وهذا المبلغ لا يشمل حصة كفوري.
وأكد سماحة أن من يعرف بالعمليات المطلوب تنفيذها هم فقط رأس النظام
السوري وأشار إليه بعبارة "الكبير" وعلى مملوك وهو والمخبر ميلاد كفوري.
2- خلاصة الإجتماع الثاني الذي حصل بتاريخ 1/8/2012 في تمام الساعة
التاسعة والنصف صباحاً في بلدة الجوار- منزل سماحة: أخبر سماحة المخبر
كفوري أن المخطط ما زال قائماً ومستمرا" وأن المبلغ المخصص للمنفذين تم
تخفيضه الى 170 ألف د.أ وهو لا يشمل حصة المخبر، كما أعلمه بان كل
متطلبات تنفيذ العمليات ستكون جاهزة بما فيها مسدسين كاتمين للصوت كان
كفوري قد طلبهما في الجلسة السابقة، كما أكد سماحة بان أمن المنفذين
وعوائلهم مكفول وأن إسم المخبر لا يعرفه أحد وأن المتفجرات وسائر المعدات
المطلوبة والأموال لن تؤخذ من أي جهاز أمني حفاظاً على السرية وانها
ستكون بتصرف المخبر في غضون 72 ساعة.
ولدى إستعراض قائمة بالأهداف الممكنة اكد سماحة لكفوري أهمية إستهداف
الإفطارات الرمضانية ونواب مثل النائب خالد الضاهر(وهو نائب لبناني مناهض
للنظام السوري ولأتباعه في لبنان) او شقيقه او أي قيادي في الجيش الحر (
الجيش الحر عبارة عن قوة عسكرية أعلن تأسيسه ضباط مُنشقون عن الجيش
السوري بتاريخ 29 تموز 2011 بهدف حماية المتظاهرين السوريين) أي تجمع
للسوريين، او مخزن ذخيرة، والطرقات التي يمكن لهؤلاء الأشخاص المرور من
خلالها، وقد طلب سماحة القيام بهذه الأعمال لمرات متعددة وفي تواريخ
وأماكن مختلفة لإثارة الخوف والرعب في صفوف المستهدفين.
كما أكد سماحة أن الأسد ومملوك لا يريدون أن يسقط بهذه التفجيرات
علويون(نسبةً للطائفة العلوية ) وأنهم لا يمانعون إغتيال مفتي عكار
السني(نسبةً للطائفة السنية التي تشكل ما يقارب ال 70 بالمئة من السوريين
وتعد من اكبر المذاهب في لبنان).
3- الإجتماع الثالث: الساعة الثامنة وأربعين دقيقة من مساء 7/8/2012 داخل
منزل سماحة في الأشرفية- بيروت:
في هذا الإجتماع قام سماحة بتسليم المخبر كفوري مبلغ 170 ألف دولار
أمريكي نقداً وكمية من المتفجرات من نوع TNT ووعده بتأمين كافة المتممات
المطلوبة والمسدسات ووعده بتأمين المزيد لاحقاً، وعاد سماحة وأكد لكفوري
أن لا أحد يعلم بالعمليات المطلوب تنفيذها سوى علي مملوك وبشار الأسد،
ولدى إستفسار كفوري عن حصول أي تعديل في الأهداف أكد سماحة على عدم حصول
ذلك وأضاف بان كل ما يعرقل النظام والقيادة وأمن التنقل وإمكانية ضرب
أسلحة والذخيرة والتجمعات، والمقاتلين هو هدف، وأبدى عدم مبالاة بحجم
الأضرار التي قد تلحق بأخرين لا علاقة لهم بالموضوع، كما أبدى رغبة في
إستهداف مشايخ سنة، وأعلم سماحة كفوري بانه نقل المتفجرات والاموال
بسيارته من نوع أودي.
بعد إنتهاء الإجتماع الثالث حضر المخبر على الفور الى مركز شعبة
المعلومات وأحضر معه المتفجرات والمبلغ المالي وتم تصوير المتفجرات ومبلغ
المال داخل سيارة المخبر.
4- الدهم والتوقيف: وصباح 9/8/2012 وبعد أخذ إشارة النائب العام التمييزي
بالإنابة القاضي سمير حمود قامت قوة من شعبة المعلومات بمداهمة منزل
ميشال سماحة في بلدة الجوار وإحضاره الى مركز الشعبة وتم الإستماع الى
إفادته، حيث إعترف بما أسند إليه مؤكداً بأن التنسيق من الجانب السوري
حصل مع اللواء علي مملوك ومساعده العقيد عدنان(مجهول باقي الهوية) وقد تم
توقيف سماحة بناءً على إشارة النائب العام التمييزي بالوكالة القاضي سمير
حمود كما جرى الإستماع لإفادة سائقه المدعو فارس بركات بركات، وقد إعترف
سماحة بما نسب إليه خاصةً بعد أن تمت مواجهته بالتسجيلات المصورة كما أكد
على أنه نقل المتفجرات بسيارته بناءً على طلب اللواء علي مملوك.
وبعد ختم المحضر بناءً على إشارة النائب العام التمييزي بالوكالة القاضي
سمير حمود تم إحالة الملف بحسب الصلاحية الى النيابة العامة العسكرية،
بإعتبار أن قانون الإرهاب لعام 1958 وقانون القضاء العسكري يعطيان
المحكمة العسكرية صلاحية النظر في جرائم الإرهاب.
5- مسار المحاكمة: وبعد أن وضع القاضي صقر صقر وهو مفوض الحكومة لدى
المحكمة العسكرية( وهو قاض مدني يتبع لملاك وزارة العدل) يده على الملف
إدعى على ميشال سماحة وعلي مملوك والعقيد عدنان وكل من يظهره التحقيق
أمام قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا(وهو قاض مدني يتبع لملاك
وزارة العدل) وقد نسب إليهم إقدامهم في الأراضي اللبنانية وخارجها
وبتواريخ لم يمر عليها الزمن على تأليف عصابة ترمي الى إرتكاب الجنايات
على الناس والأموال نيلاً لسلطة الدولة وهيبتها توصلاً الى إثارة إقتتال
طائفي عبر التحضير لتنفيذ عمليات إرهابية بواسطة عبوات ناسفة تولى نقلها
ميشال سماحة بعد أن جهزت من قبل المملوك وعدنان مع التخطيط لقتل شخصيات
سياسية ودينية وذلك بناءً لدسائس دسها سماحة لدى مملوك وعدنان بوصفهما
ضابطين في جهاز مخابرات دولة أجنبية لدفعهما لمباشرة تلك الأعمال
العدوانية على لبنان مع توفيره الوسائل التنفيذية لذلك، كما أقدم سماحة
على حيازة أسلحة عسكرية غير مرخصة، الجرائم المنصوص عنها بالمواد 335 و
308 و 312 و 549/200 عقوبات، و 5 و 6 من قانون الإرهاب تاريخ 11/1/1958
معطوفتين على المادة 200 عقوبات و 274 عقوبات و 72 و 76 أسلحة و 144 قضاء
عسكري بالنسبة لسماحة.
وبنتيجة التحقيقات التي أجراها القاضي أبو غيدا والتحريات والإستقصاءات
والتي تابعت شعبة المعلومات القيام بها تبين أن المدير العام للامن العام
السابق اللواء جميل السيد كان قد رافق سماحة في رحلة نقل المتفجرات من
سوريا الى لبنان علماً ان السيد وهو المدير العام السابق للامن العام يعد
أبرز العاملين في خدمة النظام السوري وكان قابضاً على الأمن في لبنان قبل
إغتيال الرئيس رفيق الحريري وأدخل السجن لاحقاً بتهمة التورط في عملية
الإغتيال مع ضباط أخرين قبل أن يطلق سراحه لاحقاً.
كما أظهر تسجيل صوتي لمكالمة هاتفية بين سماحة وبثينة شعبان مستشارة رأس
النظام السوري بشار الأسد أن هذه الأخيرة قد تكون على علم بالمخطط
الإجرامي لسماحة.
وفي الشهر العاشر من العام 2012 أغتيل رئيس شعبة المعلومات اللواء وسام
الحسن والذي يعد العقل المدبر لعملية كشف مخطط سماحة- المملوك الإجرامي،
في رسالة واضحة تحمل بصمات النظام السوري.
وتابع القاضي أبو غيدا تحقيقاته وأصدر قراره الإتهامي بتاريخ 20/2/2013
بحق سماحة ومملوك حيث قضى بإتهام ميشال سماحة بالجنايات المنصوص عنها
بالمواد 335/200 و 308/200 و 312/200 و 549/200 و 5 و 6 من قانون الإرهاب
تاريخ 11/1/1958 والظن به سنداً للمادتين 72 و 76 أسلحة ومنع المحاكمة
عنه لجهة المادتين 274 عقوبات و 144 قضاء عسكري وإتهام على المملوك
بالجنايات المنصوص عنها بالمواد 335/200 و 549/200 و 312 عقوبات و 5 و 6
من قانون الإرهاب تاريخ 11/1/1958 ومنع المحاكمة عنه لجهة المادة 308
عقوبات وتسطير مذكرة تحر دائم لمعرفة كامل هوية المدعى عليه العقيد
عدنان.
وأحيلت القضية الى المحكمة العسكرية الدائمة، ولم يكن بإمكان سماحة
وشركائه وضع حد لمسار القضية في ضوء الأدلة الدامغة التي شاهدها الرأي
العام اللبناني على شاشات التلفزة بالصوت والصورة وعلى صفحات الجرائد
المحلية والعربية وفي ظل شناعة وبشاعة الجريمة التي لا يمكن أن يقبل بها
عاقل أو يبررها إنسان. وأضاف الكتاب: وأصدرت المحكمة العسكرية الدائمة
في العام 2015 قراراً قضت بموجبه بفصل ملف سماحة عن المملوك بحجة تعذر
تبليغ هذا الأخير لوجوده خارج لبنان علماً أن القانون اللبناني يقضي
بوجوب إعتبار المملوك مجهول محل الإقامة وإبلاغه لصقاً على إيوان
المحكمة.بعد فصل ملف المملوك عن سماحة، بدأ ملف هذا الأخير يأخذ طريقه
بسرعة نحو الحكم النهائي الذي صدر بتاريخ 13/5/2015 وقضى بإدانة سماحة
بجرم محاولة حيازة متفجرات وإنزال عقوبة الأشغال الشاقة لمدة أربع سنوات
ونصف أي بما يزيد عن مدة توقيفه الإحتياطي بقليل(مع الإشارة الى أن السنة
السجنية في لبنان هي تسعة أشهر) بحيث يبقى لأيام معدودة بعد صدور الحكم
لتهيئة الرأي العام لخروجه بعد مدة قصيرة.
وتابع كتاب اللواء ريفي :وما أن أحيلت القضية على محكمة التمييز
العسكرية(المؤلفة أيضاً من أربعة ضباط وقاض مدني) بفعل النقض المقدم من
مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الذي إعتبر أن الحكم
الصادر عن المحكمة العسكرية الدائمة خالف أحكام القانون الواضحة حين اعلن
براءة المتهم سماحة من جناية محاولة القتل عمداً لعدم كفاية الدليل في
حين أن الأدلة متوفرة بشكل واضح في الملف، حتى صدر قرار بإخلاء سبيل
سماحة ومتابعة محاكمته حراً طليقاً.
ومضى الكتاب موضحا" أن وزير العدل حاول مراراً أن يحيل القضية الى
المجلس العدلي وهو أعلى سلطة قضائية في لبنان مؤلفة من قضاة مدنيين
يتبعون لملاك وزارة العدل، إسوةً بسائر الملفات الخطيرة التي تمس بالأمن
القومي للبلاد، فتقدم بأكثر من طلب في هذا الخصوص لمجلس الوزراء وخلافاً
لما جرت عليه العادة في قبول هذا الطلب في مجلس الوزراء، وبنتيجة الضغط
الذي مارسه حلفاء النظام السوري في لبنان وتهديدهم المستمر بان أي محاولة
لإنزال العقاب العادل بسماحة أو بإطلاق ملاحقة قضائية بحق مسؤولين
سوريين سيدفعهم الى حرق البلاد وإشعال الفتنة فيها، ولم يتمكن مجلس
الوزراء حتى من مناقشة الموضوع، ولم ينجح في وضع حد للمسرحية القائمة
.وتضمن كتاب الوزير ريفي عرضا" لقانونية احالة القضية الى المحكمة
الجنائية الدولية كما يلي :
1- لجهة الإختصاص الموضوعي للمحكمة والمتعلق بنوع الجرائم موضوع الإخبار:
يدخل ضمن إختصاص المحكمة الجنائية الدولية بحسب نص المادة الخامسة من
نظام روما النظر في جريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم
الحرب وجريمة العدوان. وبحسب نص المادة السابعة(البند 1) من نظام روما
يعتبر القتل العمد جريمة ضد الإنسانية إذا حصل في إطار هجوم واسع النطاق
او منهجي او موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين. وبحسب (البند 2) من
المادة السابعة تعني عبارة "هجوم موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين"
نهجا سلوكيا يتضمن الارتكاب المتكرر لفعل القتل ضد أية مجموعة من السكان
المدنيين، عملا بسياسة دولة أو منظمة تقضي بارتكاب هذا الهجوم، أو تعزيزا
لهذه السياسة، وهو يتطابق حرفياً مع ما فعله ميشال سماحة حيث كان يعد
العدة ويخطط لقتل مجموعة من المدنيين عمداً بفعل تفجيرات متكررة ومتنوعة
في الزمان والمكان .
كما تعتبر المادة الثامنة من نظام روما فعل القتل العمد جريمة حرب حين
ترتكب في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق
وهو ما ينطبق أيضاً على فعل سماحة الذي كان يخطط لينفذ عمليات تفجير تطال
جمعا من الناس وترمي الى قتل العدد الاكبر منهم وعلى أوسع نطاق وضمن خطة
مسبقة لتنفيذ عمليات متعددة في تواريخ مختلفة .
وأكد الكتاب على الإشارة الى ان الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية
الدولية اتفقت في 11 حزيران من العام 2010 على تعديل ميثاق روما، المؤسس
للمحكمة، من خلال تعريف جريمة العدوان على أنها "التخطيط والإعداد والبدء
أو التنفيذ من شخص في وضع يمكنه من السيطرة أو توجيه الإجراء السياسي أو
العسكري للدولة، لفعل عدواني والذي بطبيعته وحجمه وخطورته يمثل انتهاكا
لميثاق الأمم المتحدة".
وينطبق صفة العدوان بحسب البند 2 من المادة الثامنة مكرر من نظام روما
على قيام أي دولة بإرسال عصابات او جماعات مسلحة او قوات غير نظامية او
مرتزقة من جانبها أو بإسمها تقوم ضد دولة اخرى باعمال من أعمال القوة
المسلحة تكون من الخطورة بحيث تعادل الاعمال المعددة في البنود
السابقة(أعمال عسكرية وقتل وتفجير..) أو إشتراك الدولة لدور ملموس في
ذلك.
وبطبيعة الحال إن فعل سماحة يشكل نموذجاً صارخاً لهذه الأفعال، فهو لا
يرقى لمرتبة اعلى من مرتبة المرتزقة كما أن طبيعة الأفعال التي كان يخطط
لها تدخل ضمن مفهوم الإعتداء العسكري.
ورغم أننا نعلم بان ممارسة المحكمة الجنائية الدولية لصلاحياتها فيما خص
جريمة العدوان لن تبدأ قبل بداية العام 2017 وهو تاريخ إتخاذ القرار من
قبل اغلبية الدول الأعضاء التي تساوي الأغلبية المطلوبة لإعتماد
التعديلات على النظام الأساسي، إلا أن توافق الدول الأعضاء في المحكمة
على التعريف المذكور وشموله لأفعال سماحة الجرمية يجعل التعديل واقعاً
حتماً في بداية العام 2017 ويعزز موقفنا المطالب بإعلان صلاحية المحكمة
للنظر في القضية ويكفي لإعلان إختصاص المحكمة توفر إحدى الحالات
المذكورة في المادة 5 من نظام روما وكما سبق وذكرنا فإن فعل سماحة يدخل
ضمن خانتي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وهي جرائم تدخل حتماً ضمن
إختصاص المحكمة الجنائية الدولية.
2- لجهة آلية وضع المحكمة يدها على القضية:
بعد أن بينا أن أفعال سماحة الجرمية تدخل ضمن إختصاص المحكمة الجنائية
الدولية يبقى من الضروري البحث في الألية التي ستسمح للمحكمة أن تضع يدها
على القضية وتنظر فيها.وفي هذا الإطار حددت المادة 11 من نظام روما
الإختصاص الزمني للمحكمة ليشمل كل جريمة ترتكب بعد تاريخ بدء نفاذ نظام
روما(العام 2002) كما حددت المواد 12 و 13 و 14 و 15 الحالات التي يكون
فيها للمحكمة ان تضع يدها على القضية وهي:
أ- الحالة التي تحيل فيها دولة طرف أي حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر
من الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة قد ارتكبت وأن تطلب إلى المدعي
العام التحقيق في الحالة بغرض البت فيما إذا كان يتعين توجيه الاتهام
لشخص معين أو أكثر بارتكاب تلك الجرائم، وفي هذه الحالة يجب أن تكون
الجريمة وقعت في إقليم الدولة الطرف او أن يكون المتهم يجمل جنسية هذه
الدولة، وفي حالة سماحة، يحمل الجنسية الكندية وكندا كما هو معروف دولة
طرف في نظام روما، وفي هذه الحالة يمكن للسلطات القضائية الكندية أن تطلب
إحالة القضية للمدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية للنظر فيها، أو
ان تطلب ملاحقة قضائية بحق سماحة وشركائه بناءً على إيعاز او طلب من
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
ب- الحالة الثانية هي الحالة التي يباشر فيها المدعي العام في المحكمة
الجنائية الدولية التحقيقات من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة
بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة، وفي هذه الحالة يكفي أن تكون الجريمة قد
وقعت داخل أراضي دولة طرف في نظام روما، أو أن يحمل المتهم فيها جنسية
دولة طرف في نظام روما، وكما سبق وذكرنا فإن سماحة يحمل الجنسية الكندية
وكندا دول طرف في نظام روما، واهمية هذه الحالة هو أنه يبقى للمدعي العام
أن يباشر تحقيقاته دون طلب من أي دولة طرف وبالإستناد الى معلومات ترده
عن الجريمة، ولهذا قمنا بتوجيه هذا الكتاب لجانبكم الموقر ونحن على ثقة
بانكم لن تسمحوا لهؤلاء المجرمين الذين لم يوفروا فرصةً لإنتهاك كرامة
الإنسانية إلا ومارسوا فيها أبشع وأشنع الجرائم بحق الإنسانية، وتجدون
مرفقاً بهذا الكتاب الذي نطلب إعتباره إخباراً لكم سنداً للمادة 15 من
نظام روما كل المستندات المتعلقة بالقضية ومسارها منذ اللحظة الاولى من
محاضر تحقيق رسمية وتسجيلات بالصوت والصورة تثبت بما لا يرقى إليه شك حجم
الجرائم التي كان يخطط لها ميشال سماحة .
3- الحالة الثالثة والاخيرة تتحقق إذا أحال مجلس الأمن، متصرفا بموجب
الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حالة إلى المدعي العام يبدو فيها
أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت، ويبقى لمجلس الأمن ان يمارس
هذه الصلاحية كما فعل في ليبيا، مع التأكيد أن مجرد توفر أي حالة من
الحالات الثلاثة المذكورة أنفاً يبقى كافياً لوضع يد المحكمة على القضية.
وعرض كتاب الوزير ريفي للمطالب من الجنائية الدولية وهي: نتقدم منكم
بهذا الكتاب سنداً لأحكام المادة 15 من نظام روما الخاص بالمحكمة
الجنائية الدولية بصفتنا أولاً من أبناء هذا الوطن لبنان الذي نؤمن به
وبأن لا قيامة له إلا بإرساء ثقافة العدالة والمحاسبة على الجميع وتحت
سقف القانون، وثانياً كمسؤول أمني سابق عاين وتابع وعايش عن كثب من موقعه
الأمني السابق كمدير عام لقوى الأمن الداخلي لا سيما في فترة توقيف سماحة
وإغتيال اللواء وسام الحسن حجم المؤامرة التي كانت تدبر للبنان ، وثالثاً
كوزير للعدل إصطدم بقرار واضح بحجب المسؤولية الجنائية عن سماحة
والمتورطين ونحن على إستعداد تام للإجابة عن أي تساؤل من شأنه أن يعزز
قناعتكم بالشروع في إجراء تحقيق بهذه القضية، كما أننا وكثير من المعنيين
في هذه القضية جاهزون للإدلاء بأقوالنا شفاهةً او كتابةً في مقر المحكمة
وفقاً لأحكام البند (2) من المادة 15 المذكورة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر