كشفت أوساط عراقية مطلعة عن جهود مكثفة يبذلها قادة التحالف الوطني العراقي لتضييق الخناق على رئيس الوزراء حيدر العبادي بسبب تمسكه بالتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ورفضه الإنضمام إلى التحالف الروسي - الايراني.
و وجاء تحرك حلفاء غيران في بغداد بعد اصرار العبادي على عدم دعوة روسيا للتدخل العسكري ضد تنظيم داعش في العراق، و إثارة حفيظة زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، الذي حشد انصاره داخل الائتلاف والتحالف الشيعي للدعوة الى سحب التفويض البرلماني الممنوح للعبادي بشأن تنفيذ حزمة الاصلاحات التي طالبت بها قوى الحراك الشعبي والمتظاهرين وساندتها المرجعية الشيعية العليا.
ويؤشر الخلاف المحتدم بين المالكي والعبادي، المدى الخطير لصراع الاجنحة داخل حزب الدعوة، الذي بلغ مرحلة كسر العظم، لا سيما و ان انصار نوري المالكي رئيس الوزراء السابق يحاولون تحميل العبادي مسؤولية الفشل الحكومي الحالي والسابق، في حين يرفض العبادي وانصاره الأمر ويحمَلون حكومتي المالكي الاولى والثانية مسؤولية ما يجري حالياً في العراق من تدهور أمني واقتصادي وخدماتي.
ويتكهن المراقبون من سياسيين ومحللين ومتابعين للشأن العراقي حول مستقبل رئيس الوزراء حيدر العبادي و منصبه، وما دور المراجع الدينية في النجف الاشرف في ذلك، إضافة بالطبع إلى غيرها من الأسئلة التي تدور في البال، بعد أن كثرت التصريحات والدعوات لتغيير العبادي، الذي لم يقدر على معالجة الأزمات التي بدأت تهدد حياة المواطنين والدولة، بدءاً بالأمنية منها والانتشار الواسع لعصابات الخطف والسرقة، مروراً بالأزمة المالية والاقتصادية، حتى بدأت تصريحات متضاربة من مسؤولين ووزراء بشأن عدم قدرة الحكومة على توفير رواتب الموظفين والمتقاعدين.
و تشهد كتل التحالف الوطني حراكاً غير مسبوق لتغيير العبادي، في وقت تسعى لطرح مرشحيها للمنصب، لكن الكتل الصغيرة من حيث العدد في التحالف كحزب الفضيلة، لم يكن لها دور يذكر الآن، في الوقت الذي تلتزم فيه الصمت وتنتظر لتقرر من ستكون الكفة لتدعم المرشح الأقوى، وسط أنباء وتسريبات حول وجود انقسام في حزب الدعوة حول التغيير.
و أبلغ مصدر مطلع في التحالف الوطني "المغرب اليوم " أن حراكا سياسيا يجري خلف الأبواب المغلقة لتغيير رئيس الوزراء حيدر العبادي"، موضحاً أن "هذا التغيير بات أمرا ممكنا وفي حيز التنفيذ على وفق المعطيات الأخيرة للساحة العراقية".
و يعتبر رئيس التحالف الوطني ووزير الخارجية إبراهيم الجعفري الحالي أكبر المرشحين لخلافة العبادي بعد أن طرح نفسه مرشحاً أمام التحالف الوطني لرئاسة الوزراء بدلاً من رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، الذي تسعى كتل وأحزاب لتغييره، وسط انقسام بين أتباع نوري المالكي وعلي الأديب في حزب الدعوة بشأن تغيير العبادي.
ويضيف المصدر الذي رفض الادلاء بأسمه لحساسية الموقف أن "الحديث عن تغيير العبادي تصاعد في الأيام الأخيرة، وهناك جهود من قبل أطراف كثيرة داخل التحالف الوطني، والذي يسعى المتحالفون فيه بطرح مرشحيهم من أمثال(باقر جبر صولاغ،وزير النقل عن المجلس الاعلى)"، مشيراً إلى أن "بعض الكتل السياسية ماضية في حراكها لتغيير رئيس الوزراء الحالي، وحصلت على دعم كتل أخرى، وأن تغيير العبادي مسألة وقت لا أكثر".
وتابع المصدر "العجيب أن حزب الفضيلة لم يقدم أي مرشح وبقي ينتظر الأحداث ولمن تكون الكفة أو اليد الطولى في الترشيح"، لافتاً إلى أن "الشيخ عبد الحليم الزهيري الذي تعتبره الدعوة فقيهها قد تحرك صوب النجف والالتقاء بالمرجع الديني الحكيم لطرح مرشحهم فالح الفياض أو طارق نجم".
ويؤكد أن "الفياض له الحظ الأكبر في رئاسة الوزراء، وبدعم من المرجعية".
اما القيادي في حزب الدعوة علي الاديب الذي ينتمي إليه العبادي، فيرى أن عملية تغيير رئيس الوزراء بهذا التوقيت يراد منها زعزعة الوضع السياسي مع إقراره بان العبادي قد تسرع بتنفيذ الإصلاحات ولم ينجح بالمطلق، بحسب ما يروي عنه المصدر.
وأضاف المصدر نقلاً عن الأديب إن "أية عملية لزعزعة الوضع السياسي يزيد من عدم الاستقرار ويؤثر ذلك على الأوضاع الأمنية خاصة القيادات العسكرية والأمنية".
و استغرب حزب الدعوة، الذي ينتمي له رئيس الحكومة، ما اسماه بـ"التناقض" الذي تمارسه بعض القوى السياسية داخل الإئلاف".
معتبرا أن إقالة العبادي بموجب الدستور تكون بشرط واحد وهو موافقة أغلبية عدد أعضاء مجلس النواب، أي موافقة 165 نائبا في البرلمان طبقا للمادة 61/ ثامنا من الدستور، وذلك لأن عدد أعضاء البرلمان 328 نائبا وعدد الغالبية في البرلمان أكثر من النصف أي 165 عضوا.
يذكر أن رئيس الوزراء حيدر العبادي أصدر، في (9 آب 2015)، جملة من التوجيهات، تضمنت تقليص فوري بأعداد الحمايات لكل المسؤولين بضمنهم الرئاسات الثلاث، وإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء فوراً، وإبعاد جميع المناصب العليا عن المحاصصة الحزبية والطائفية، وترشيق الوزارات والهيئات لرفع الكفاءة وتخفيض النفقات، وإلغاء المخصصات الاستثنائية للرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة والمتقاعدين منهم، وفتح ملفات الفساد السابقة والحالية بإشراف لجنة "من أين لك هذا".
وكان مجلس الوزراء قد صوَت بالإجماع على ورقة الإصلاح التي أعلنها رئيس المجلس حيدر العبادي ، بحضور 31 وزيراً.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر