انتشرت مسلسلات الرعب والسحر والشعوذة بشكل كبير في الأيام الماضية، فكانت بدايتها مسلسل "أبواب الخوف" للفنان عمرو واكد، ثم تلاها مسلسل "السبع وصايا" للفنانة رانيا يوسف وحلا شيحة ومجموعة من الفنانين، وبعد ذلك مسلسل "ساحرة الجنوب" للفنانة حورية فرغلي.
وتوجد أعمال يتم تحضيرها حاليًا تتناول أيضًا التفاصيل المرعبة، حيث يستكمل خيري بشارة تصوير بقية مشاهد مسلسل "الكبريت الأحمر" لداليا مصطفى وأحمد السعدني وريهام حجاج وتأليف عصام الشماع، وتدور أحداثه حول عالم السحر والعفاريت، من خلال شخصية البطل الذي يقع في غرام زوجة صديقه المقرب، ولكنهما لم يسلما من أذى إحدى صديقاتهما التي تظهر بشخصية مركبة تهوى الشر وإيذاء الناس.
وعلى الرغم من تناول تلك الأعمال لأحداث مرعبة، إلا إن نسبة مشاهدتها عالية جدًا نظرًا لأنها تتكلف مصاريف إنتاجيه عالية عن المسلسلات الأخرى وأحداثها المثيرة والمشوقة.
ويتابع هذه النوعية من الأعمال جميع أفراد الأسرة بما في ذلك الأطفال ويتحدث عن تأثير تلك الأعمال على الأسرة العديد من المتخصصين.
وكشف السيناريست وليد يوسف، أن تلك الأعمال لها تأثير خطير على الأسرة وهو تأكيد معتقدات البعض بالشعوذة والسحر فبدلًا من محاولة التأكيد على أن هذه المعتقدات غير موجودة، تسعى الأعمال الفنية إلى تأكيدها، وهذا الأمر بالفعل خطير، لأن الأطفال لا يصدقون أن ما يشاهدونه مجرد تمثيل ومجرد عرض تلك الأحدث فهذا يعني أنها تعكس واقعًا وحقيقة وليس خيالًا.
ويعد المسلسل الأخير "ساحرة الجنوب" على الرغم من أنه مشوق إلا إن قصته مرعبة بالفعل، ووجدت ردود أفعال كثيرة ممن اعتقد بأنها قصة حقيقية "قصة فتاة وقعت في مدفن فيلبسها روح ساحر شرير وتتحول هي الأخرى إلى ساحرة فتؤذي من حولها".
وأفاد يوسف: "كل هذا يؤثر على عقول المشاهدين ويبني لديهم خلفية ومصداقية لما يتردد من وجود مثل هذه الأرواح الشريرة والأعمال والسحرة".
وذكر الناقد الفني نادر عدلي: "مسلسلات السحر والشعوذة والخرافات منها ما له تأثير سلبي ومنها ما له تأثير إيجابي حسب قصة العمل، فالقصة التي تنتهي بإيصال معلومة للمشاهد أن تلك الخرافات غير حقيقية ولا يصدقها عقل أو منطق فهي لها تأثير إيجابي أما القصة التي تؤكد على وجود هذا فلها تأثير سلبي جدًا".
وأضاف عدلي: "من المعروف أننا شعب نلهو وراء الخرافات والخيال ونصدقه، فإذا صدقنا وجود المشعوذين والدجالين والسحرة فسنجد أنفسنا إذا مرضنا بدلًا من أن نذهب إلى الطبيب نذهب إلى الساحر، وإذا أرادت فتاة أن تنجب تذهب إلى الساحر وإذا أراد أحد أن ينتقم من أحد يذهب إلى الساحر وبالتالي فتحدث كارثة بالفعل، فضلًا على تأثير مشاهدة الأحداث المرعبة على الأطفال والمراهقين ومالها من عواقب جسيمة".
وتابع: "أنا مع انتشار تلك الأعمال بشرط أن يكون لها هدف وهو أن هذه الأشياء من واقع الخيال ولا أساس لها من الصحة حتى ولو يكتب هذا في بداية العمل، إن العمل من نسج الخيال ولا يمت للواقع بصلة، حتى لا نقع فريسة لتلك المعتقدات الخاطئة، وحتى لا ندع مجالًا لانتشار النصابين في مصر بحجة السحر والشعوذة وهم ما أكثرهم".
وبيّنت بطلة مسلسل "الكبريت الأحمر" الفنانة داليا مصطفى: "على الرغم من أنني كنت خائفة جدًا قبل الموافقة على هذا العمل الذي يتحدث عن عالم السحر والشعوذة، إلا أنه أثار فضولي كثيرًا وجذبني السيناريو والقصة لأنهما مختلفين تمامًا عن ما قدم من قبل، وأقوم بتجسيد شخصية فتاة تدعى جرمين، وهي فتاة بداخلها شر وتلجأ إلى ممارسة السحر مما يعرضها إلى أذى شديد".
وأردفت داليا: "تجسيد تلك الشخصية متعب للغاية وأثر على نفسيتي كثيرًا، كنت أشعر بالرعب عند قراءة السيناريو لما به من أحداث مرعبة للغاية، إلا أنني أجد المتعة في تجسيد أدوار الشر أكثر من تجسيد أدوار الطيبة لأنني أستطيع من خلالها أن أظهر مواهبي الفنية بشكل كبير، وشخصية جرمين معقدة للغاية فهي تتلون بأكثر من شخصية في المشهد الواحد لذا وجدت المتعة في تجسيد تلك الشخصية التي تعتبر خطوة مهمة في مشواري الفني".
وعن خطورة تلك الأعمال على المشاهد وعلى الأطفال وخصوصًا أن لديها أطفال قالت: "على الرغم من تناول العمل للسحر والشعوذة إلا إن العمل يؤكد في النهاية أنه مجرد وهم ولا أساس له من الصحة، ومن المفروض أن الأسرة تمنع الأطفال من مشاهده هذه الأعمال وهذا أمر منطقي، لكننا كنا نحتاج إلى هذه النوعية من الأعمال حتى لا نسير في الدراما المصرية على خط واحد مستقيم دون أن نغير من جلدنا فيجب أن يقدم جميع أنواع الدراما في مصر سواء عاطفية أو اجتماعية أو تاريخية أو مرعبة وهكذا".
وأكدت اختصاصية الطب النفسي الدكتورة هبة عيسوي، أن هذه الأعمال لها تأثير سلبي على الأطفال، مضيفة: "نحن في وقت لا نستطيع أن نمنع الطفل من مشاهدة تلك الأعمال، خصوصًا أنه يمكنه أن يشاهدها عبر مواقع الإنترنت وبسهوله شديدة، وتؤثر تلك الأعمال على عقل الطفل حتى أن هناك بعض الأطفال يتقمصون شخصية الساحر بما يقول من طلاسم وعبارت، وتتسبب هذه الأعمال في إصابة الأطفال بالفزع، وهو مرض نفسي خطير فيجعل الطفل يخشى من حوله ولا ينام ولا يتكيف مع البيئة المحيطة، أيضًا من الممكن أن تسبب تلك الأعمال بالتبول اللاإرادي للطفل ليلًا نظرًا لما يشاهده من أحلام مرعبة نتيجة تأثير تلك الأعمال على عقله بشكل كبير، والطفل الذي يشاهد هذه الأعمال ينجذب لها كثيرًا على الرغم من خوفه الشديد ولكن يجد داخله الرغبة في المشاهدة حتى يعلم الكثير عن هذا العالم".
وأضافت عيسوي: "بعض الأطفال الذين يندمجون بشكل كبير مع هذه الأعمال يحدث لديهم نوع من الانفصام الجزئي في الشخصية فيتقمص الطفل في وقت من الأوقات شخصية الساحر الشرير ويتعامل بنفس الطريقة مع من حوله وهو لا يدري ماذا يفعل وهذه الحالة قابلتها بالفعل واحتاجت وقتًا طويلًا لعلاجها، لذا أنصح القائمون على هذه الأعمال أن يراعوا المشاهد التي ستوجهها هذه الأحداث وما لها من تأثير على الطفل الذي نريده أن ينشئ تنشئة تربوية ونفسية سليمة ولا يحدث بداخله أي خلل نفسي، وأنصح أيضًا بأن يمنع الأطفال من مشاهده تلك الأعمال حتى ولو بهدف بث الشجاعة بداخله نظرًا لتأثيرها النفسي الخطير عليه، كذلك يجب أن يكون الأب والأم مراقبون للمحتوى الذي يشاهده الطفل على مواقع الإنترنت بشكل غير مباشر ودون أن يعلم الطفل".
وأردفت: "إذا وجدنا أطفالنا مندمجون مع تلك الأعمال يجب أن نوقف المشاهدة ونقول للطفل إن تلك الأعمال ليست حقيقية وفيها الكثير من الأحداث التي ليس لها أساس من الصحة فيجب أن لا نشاهدها، مع ضرورة امتناع الأب والأم أيضًا عن مشاهدة تلك الأعمال حتى لا يبرر الطفل لنفسه مشاهدتها".
وبيّن خبير علم الاجتماع الدكتور مدحت عبد الهادي: "انتشار تلك الأعمال أمر خطير جدًا على جميع الأسرة، فالفن من المفترض أن يعكس عادات وتقاليد المجتمع وانتشار تلك الأعمال ليس له غير معنى واحد أن لا نفكر بعقولنا وأن نلهث وراء الخزعبلات والسحر والشعوذة في جميع مشاكلنا وهنا تكمن خطورة هذه الأعمال على العقول أولًا، وهناك تأثير آخر لهذه الأعمال على العلاقات الاجتماعية والأسرية أيضًا لأن السحر والشعوذة سيصبح وسيلتنا لحل مشاكلنا بدليل أن هناك عمل أكد أن البطلة استأثرت قلب البطل بالسحر وأن هناك زوجة في المسلسل كذا أنهت مشاكلها مع زوجها بالسحر وأن هناك فتاة انتقمت من صديقاتها لأنها أخذت حبيبها منها بالسحر وهكذا تتحول حياتنا من المنطق والعقل إلى السحر، لذا يجب أن تمتنع الأسرة عن متابعة هذه الأعمال ويأتي هنا دور الإعلام في التحذير من تأثير تلك الأعمال على حياتنا والتي تساعد على تدمير عقولنا".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر